الدفن حال الرجم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا يدفن المرجوم إلاّ إلى حقويه، وتدفن المرأة المرجومة إلى صدرها.
ولا يدفن المرجوم إلاّ إلى حقويه على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر، كما في صريح
الموثّق: «ولا يدفن الرجل إذا رجم إلاّ إلى حقويه»
وعليه يحمل ما أُطلق فيه الحفر
حَمْلَ المطلق على المقيّد.
وتدفن المرأة المرجومة إلى صدرها على الأظهر الأشهر أيضاً كما مرّ؛ للخبر: «أتت امرأة
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) فقالت: إنّي فجرت، فأعرض عنها، ثم استقبلته» إلى أن قال: «فحفر لها حفيرة في الرحبة، وخاط عليها ثوباً جديداً، وأدخلها الحفرة إلى الحقو وموضع الثديين»
الخبر.
وضعفه بالشهرة منجبر، مع اعتضاده بما يروى من أخبار أُخر:
كالمرويّ في قضية الغامديّة، حيث حفر لها
النبيّ (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) إلى الصدر
.
وقريب منه ما روي من دفن شراحة إلى منكبيها أو ثدييها
.
وما روي من أنّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) رجم امرأة فحفر لها إلى الثُّنْدُوَة
.
وعليها يحمل ما أُطلق فيه الحفر لها إلى الوسط، كالموثّقين: «تدفن المرأة إلى وسطها إذا أرادوا أن يرجموها»
.
ويمكن استفادته من الموثّق الذي مرّ، فإنّ في صدره كما فيهما. ولو لا أنّ المراد بالوسط فيه إلى الصدر لما كان فرق بينها وبين الرجل؛ مع حكمه بالفرق بينهما بحفر الرجل إلى الحقو والمرأة إلى الوسط. ولو كان المراد بالوسط إلى السرّة مثلاً كانت مع الحقو قريب المحلّ؛ لقلّة الزيادة بينهما، بحيث لا تظهر في
الدفن، فتدبّر؛ مع أنّ الحفر لها إليها لا قائل به، فليحمل الوسط على ابتداء الصدر.
وهنا أقوال أُخر غير واضحة المأخذ، كالمحكيّ عن
المقنع من أنّ الحفر للرجل بمقدار ما يقوم فيه، فيكون بطوله إلى عنقه
. وعن
المقنعة والغنية: التسوية بين الرجل والمرأة في الحفر لهما إلى الصدر
. وعن
المراسم: الحفر له إلى الصدر، ولها إلى الوسط
.
وظاهر
النصوص وأكثر الأصحاب لزوم الحفر والدفن.
خلافاً للمحكيّ عن
ابن حمزة، فنفى الأوّل إن ثبت
الزنا بالإقرار
. ويردّه صريح الرواية السابقة في دفن
الأمير (علیهالسّلام) المرأة إلى موضع الثديين، مع ثبوت زناها بإقرارها دون
البينة.
وللصدوقين والديلمي وابن سعيد في الثاني، فلم يذكروه كما حكي
مطلقاً. وعن
الحلبي والغنية: أنّهما يدفنان إن ثبت زناهما بالبيّنة أو بعلم الإمام، لا إن ثبت
بالإقرار ليمكنه الفرار إذا أراد
. وعن
المفيد: أنّه لم يعتبر دفنه مطلقاً، وقصر دفنها على ما إذا ثبت زناها بالبيّنة لا بالإقرار
.
وحجّة هذه الأقوال غير واضحة، زيادة على منافاتها لظاهر النصّ كما عرفته، مع استلزام عدم وجوب الدفن بعد الحفر خلوّه عن الفائدة، بل وجوده حينئذٍ كعدمه، فلا يناسب الحكمة.
واحتمل
شيخنا في
المسالك وبعض من تبعه
إيكال الأمر في الحفر إلى
الإمام؛ لما روي من تركه في بعض القضايا
.
وفيه: أنّ الظاهر أنّ الرواية عامية، فلا تصلح للحجّية، سيّما في مقابلة نصوصنا المعتبرة المستفيضة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۵۰۴-۵۰۷.