اللعان في المماليك
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
يثبت
اللعان بين الحرّ و زوجته المملوكة والكافرة، وفيه
رواية بالمنع، وقول ثالث بالفرق.
ويثبت
اللعان بين الحرّ وزوجته المملوكة والكافرة، على الأشهر بين
الطائفة، وهو الأظهر؛ لعموم
الكتاب والسنّة، مضافاً إلى الصّحاح المتقدّمة المصرِّحة بعدم اعتبار الحرّية في الملاعن بالجارية في المسألة؛ لعدم القائل بالفرق في اعتبارها بينه وبين الملاعنة؛ إذ كلّ من لم يعتبرها فيه لم يعتبرها فيها.
ومع ذلك الصحاح به مستفيضة منها: عن الحرّ بينه وبين المملوكة لعان؟ قال: «نعم»
.
ومنها: «بين الحرّ والأمة والمسلم والذمّية لعان»
.
ومنها: عن الحرّ تكون تحته المملوكة يقذفها زوجها؟ قال: «يلاعنها»
. والمملوكة في بعض هذه الأخبار وإن كانت تشمل
الموطوءة بالملك، إلاّ أنّها خارجة بالإجماع، ومفهوم
الصحيح: عن الحرّ، يلاعن المملوكة؟ قال: «نعم، إذا كان مولاها الذي زوّجها إياه»
فتأمّل.
وفيه رواية بالمنع بل فيهما روايات، منها الصحيح: «لا يلاعن الحرّ
الأمة، ولا الذمّية، ولا التي يتمتع بها»
.
والخبران، في أحدهما: عن رجل مسلم تحته يهودية، أو نصرانية، أو أمة، فأولدها وقذفها، هل عليه لعان؟ قال: «لا»
.
وفي الثاني: «ليس بين خمسة نساء وبين أزواجهنّ ملاعنة: اليهوديّة تكون تحت المسلم فيقذفها، والنصرانية، والأمة تكون تحت الحرّ فيقذفها، والحرّة تكون تحت العبد فيقذفها، والمجلود في الفرية»
.
واختارها
المفيد والديلمي. وهو ضعيف؛ لاحتمال الصحيح منها، كالخبر الأوّل؛ لإطلاقهما الحملَ على الموطوءة بالملك، وإن بعد؛ للصحيح المفصِّل، وقد تقدّم.
مضافاً إلى قصور الثاني كالثالث بجهالة
الراوي، مع عدم جابر في
السند ولا غيره.
مضافاً إلى تطرق الوهن إليهما وإلى الصحيح باحتمال
التقية، كما ذكره
شيخ الطائفة، ويشير إليه في الجملة بعض المعتبرة، كالمرسل: قلت له: مملوك كانت تحته حرّة، فقذفها، فقال: «ما يقول فيها أهل
الكوفة؟» قلت: يقولون يجلد، قال «لا، ولكن يلاعنها كما يلاعن الحرّة»
فتأمّل. لكنّه بعيد في الصحيحة. ومع ذلك جميعها قاصرة عن المكافأة لما مرّ من وجوه عديدة، فهذا القول ضعيف غايته.
وأضعف منه التفصيل بين لعن
القذف فالثاني، ونفي الولد فالأوّل كما عن
الحلّي، وإليه أشار بقوله: وقول ثالث بالفرق وهو عكس ما تقدّم منه من الفرق.
ولا مستند له سوى
الأصل، واختصاص أدلّة الكتاب والسنّة بصورة ما إذا حصل بالقذف حدّ يسقطه اللعان، ولا حدّ على قاذف المملوكة الذمّية، بل
التعزير، ولم تفد الأدلة إسقاط اللعان له، فيجب فيه المصير إلى الأصل. وهو حسن لولا ما قدّمناه من صريح المستفيضة، فتكون هي المثبتة لإسقاط اللعان في المسألة.
ثمّ لا يمكن الجمع بهذا القول بين الأخبار المختلفة كما عن
فخر المحقّقين، بحمل الأوّلة على صورة اللعان لنفي الولد، والثانية على الصورة الأُخرى؛ لفقد الشاهد عليه مع إباء بعض الأخبار الأوّلة عنه؛ للتصريح فيه باللعان في صورة القذف.
والعجب من شيخنا العلاّمة في
المختلف، حيث طعن على الحلّي بالأخذ بهذه الرواية سنداً للتفصيل، مع أنّه ليس فيها عليه دلالة؛ مضافاً إلى أنّها من الآحاد، وأيّ آحاد؟! حيث إنّه من الضعاف منها.
بل الظاهر اعتماده على ما قدّمناه من الأُصول المعتمدة كما حكى عنه الجماعة
، وهو في غاية القوة على أصله، بل وعلى أصلنا أيضاً لولا تلك المعتبرة المستفيضة المعتضدة بالشهرة.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۴۹۵-۴۹۸.