المروءة في العدالة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
واعلم أنّ
الماتن لم يتعرّض للمروءة في مزيل
العدالة مع اشتهار زوالها بمخالفتها، إمّا لكونها جزءاً منها كما هو المشهور بينهم، أو شرطاً في قبولها كما جرى عليه جماعة؛ عدا ما قيل أنّ مخالفة
المروءة إمّا لخبل ونقصان
عقل أو قلّة مبالاة
وحياء، وعلى التقديرين تبطل
الثقة والاعتماد على قوله، أمّا الخبل فظاهر، وأمّا قليل الحياء فلأنّ من لا حياء له يصنع ما يشاء، ولا ريب أنّ اعتباره
أحوط، وإن كان في تعيّنه نظر.
واعلم أنّ
الماتن لم يتعرّض للمروءة في مزيل
العدالة مع اشتهار زوالها بمخالفتها، إمّا لكونها جزءاً منها كما هو المشهور بينهم، أو شرطاً في قبولها كما جرى عليه جماعة
.
وكأنّه لم يجعل تركها قادحاً فيها، أو متوقّف فيه كما هو الوجه جدّاً؛ لعدم وضوح دليل على اعتبارها، عدا ما قيل
من أنّ مخالفة
المروءة إمّا لخبل ونقصان عقل أو قلّة مبالاة وحياء، وعلى التقديرين تبطل الثقة والاعتماد على قوله، أمّا الخبل فظاهر، وأمّا قليل
الحياء فلأنّ من لا حياء له يصنع ما يشاء، كما ورد في
الخبر.
وهو مستند ضعيف. وأضعف منه ما استدل به بعض
من قول مولانا
الكاظم (علیهالسّلام): «لا
دين لمن لا مروءة له، ولا مروءة لمن لا
عقل له»
.
فإنّ فيه ما ذكره بعض الفضلاء
من أنّ استعمال المروءة بالمعنى الذي ذكره
الأصحاب غير معروف في كلامهم، وحينئذ فالأظهر حمله على بعض المعاني المروية عنهم: في تفسيرها.
أقول: وأشار بالمعنى المذكور لها بين الأصحاب إلى ما قالوه من أنّها التخلق بخلق أمثاله في زمانه ومكانه، فالأكل في السوق والشرب فيها لغير سوقي إلاّ إذا غلبه العطش، والمشي مكشوف الرأس بين الناس، وكثرة السخرية والحكايات المضحكة، ولبس
الفقيه لباس الجندي وغيره ممّا لا يعتاد لمثله بحيث يسخر منه، وبالعكس، ونحو ذلك، يسقطها عندهم.
وبالمعاني المروية عنهم: إلى ما في بعض
النصوص من أنّها إصلاح المعيشة
. وما في بعض آخر منها من أنّها ستّة، ثلاثة منها في الحضر وهي:
تلاوة القرآن، وعمارة المساجد واتخاذ الإخوان. ومثلها في السفر، وهي: بذل الزاد، وحسن
الخلق،
والمزاح في غير معاصي الله سبحانه
.
وما في ثالث من أنّها أن يضع الرجل خوانه بفناء داره
. إلى غير ذلك. وليس في شيء من هذه المعاني المروية ما يوافق ما ذكره الأصحاب في معنى المروءة، ولا كونها معتبراً في العدالة بالكلية.
نعم ربما يشعر به بعض الروايات، منها: «من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، فهو ممن كملت مروءته، وظهرت عدالته، ووجبت اخوّته، وحرمت غيبته»
.
لكن الإشعار غير كاف، سيّما مع قصور
السند.
ولا ريب أنّ اعتباره
أحوط، وإن كان في تعيّنه نظر.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۵، ص۲۵۹-۲۶۱.