شَكور (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
'شَکور: '''
(لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) «شَکور» «صبّار» و
«شكور» صيغة مبالغة فأحدهما تشير الى شدّة الصبر، و الاخرى الى زيادة
الشكر، و تعني انّ المؤمنين كما لا يستسلمون للحوادث و المشاكل التي تصيبهم في حياتهم، كذلك لا يغترّون و لا يغفلون في ايّام النصر و النعم، و ذكر هاتين الصفتين بعد الاشارة الى ايّام اللّه دليل على ما قلناه. و المقصود به فی سورة التغابن أنّ اللّه سبحانه و تعالى، يشمل العباد المطيعين بعطاياه و ألطافه، و يشكرهم، و يزيدهم من فضله أكثر ممّا يستحقّون.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«شَكور» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: أي كثير الصبر عند الضراء وكثير الشكر على النعماء.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان: أي دلالات لكل من كان عادته الصبر على بلاء الله و الشكر على نعمائه و إنما جمع بينهما لأن حال المؤمن لا يخلو من نعمة يجب شكرها أو محنة يجب الصبر عليها فالشكر و الصبر من خصال المؤمنين فكأنه قال لكل مؤمن و لأن التكليف لا يخلو من الصبر و الشكر.
(ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: هذه السنة أعني سنة الهداية والإرشاد وطريقة الدعوة إلى التوحيد هي بعينها السنة التي كان نوح عليهالسلام أول من قام بها في العالم البشري فشكر بذلك نعمة الله وأخلص له في العبودية ـ وقد تقدم مرارا أن الشكر بحقيقته يلازم الإخلاص في العبودية ـ فشكر الله له ، وجعل سنته باقية ببقاء الدنيا ، وسلم عليه في العالمين ، وأثابه بكل كلمة طيبة وعمل صالح إلى يوم القيامة كما قال تعالى :
(« وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ») فيتلخص معنى الآيتين في مثل قولنا : إنا جزينا نوحا بما كان عبدا شكورا لنا أنا أبقينا دعوته وأجرينا سنته وطريقته في ذرية من حملناهم معه في السفينة ومن ذلك أنا أنزلنا على موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان: معناه أن نوحا كان عبدا لله كثير الشكر و كان إذا لبس ثوبا أو أكل طعاما أو شرب ماء حمد الله و شكر له و قال الحمد لله و قيل إنه كان يقول في ابتداء الأكل و الشرب بسم الله و في انتهائه الحمد لله و
«روي عن أبي عبد الله (ع) و أبي جعفر (ع) أن نوحا كان إذا أصبح و أمسى قال اللهم إني أشهدك أن ما أصبح أو أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فمنك وحدك لا شريك لك لك الحمد و لك الشكر بها علي حتى ترضى و بعد الرضى و هذا كان شكره.» (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: والصبار الشكور أي كثير الصبر عند الضراء وكثير الشكر عند النعماء كناية عن المؤمن على ما قيل.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان: الشكر و الصبر من خصال المؤمنين فكأنه قال لكل مؤمن و لأن التكليف لا يخلو من الصبر و الشكر.
(يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: وقوله :
(« اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ») خطاب لسليمان وسائر من معه من آل داود أن يعملوا ويعبدوا الله شكرا له ، وقوله :
(« وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ») أي الشاكر لله شكرا بعد شكر والجملة إما في مقام ترفيع مقام أهل الشكر بأن المتمكنين في هذا المقام قليلون وهم الأوحديون من الناس ، وإما في مقام التعليل كأنه قيل : إنهم قليل فكثروا عدتهم.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان: «اِعْمَلُوا آلَ دََاوُدَ شُكْراً» أي قلنا لهم يا آل داود اعملوا بطاعة الله شكرا له على ما آتاكم من النعم عن مجاهد و في هذا دلالة على وجوب شكر النعمة و أن الشكر طاعة المنعم و تعظيمه و فيه إشارة أيضا إلى أن لقرابة أنبياء الله تعالى أثرا في القرب إلى رضي الله حين خص آل داود بالأمر «وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبََادِيَ اَلشَّكُورُ» و الفرق بين الشكور و الشاكر أن الشكور من تكرر منه الشكرو الشاكر من وقع منه الشكر قال ابن عباس أراد به المؤمن الموحد و في هذا دلالة على أن المؤمن الشاكر يقل في كل عصر.
(إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: أصل الصبر الحبس وأصل الشكر إظهار نعمة المنعم بقول أو فعل ، والمعنى : أن فيما ذكر من أمر الجواري من كونها جارية على ظهر البحر بسبب جريان الرياح ناقلة للناس وأمتعتهم من ساحل إلى ساحل لآيات لكل من حبس نفسه عن الاشتغال بما لا يعنيه واشتغل بالتفكر في نعمه والتفكر في النعمة من الشكر.
وقيل : المراد بكل صبار شكور المؤمن لأن المؤمن لا يخلو من أن يكون في الضراء أو في السراء فإن كان في الضراء كان من الصابرين وإن كان في السراء كان من الشاكرين.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(«لِكُلِّ صَبََّارٍ») على أمر الله
(«شَكُورٍ») على نعمته و قيل صبار على ركوبها شكور على جريها و النجاة من البحر.
(إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: المراد بإقراض الله الإنفاق في سبيله سماه الله إقراضا لله وسمي المال المنفق قرضا حسنا حثا وترغيبا لهم فيه. وقوله :
(« يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ») إشارة إلى حسن جزائه في الدنيا والآخرة. والشكور والحليم وعالم الغيب والشهادة والعزيز والحكيم خمسة من أسماء الله الحسنى تقدم شرحها ، ووجه مناسبتها لما أمر به في الآية من السمع والطاعة والإنفاق ظاهر.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(«وَ اَللََّهُ شَكُورٌ») أي مثيب مجاز على الشكر «حَلِيمٌ» لا يعاجل العباد بالعقوبة و هذا غاية الكرم.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.