قضاء صلاة المغمى عليه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا قضاء واجبا مع الإغماء المستوعب للوقت إلاّ أن يدرك مقدار الطهارة والصلاة ولو ركعة فيجب فعلها في الوقت كاملة أداء أو قضاء أو ملفقا.
(ولا قضاء) واجبا (مع الإغماء المستوعب للوقت).
(إلاّ أن يدرك) مقدار (الطهارة والصلاة ولو ركعة) فيجب فعلها في الوقت كاملة أداء أو قضاء أو ملفقا على الاختلاف المتقدم في بحث الحيض، وقضاؤها في الخارج إجماعا؛ لما مضى ثمة من الأدلة الشاملة بعمومها للمسألة؛ مضافا إلى ما ورد فيها من الصحاح المستفيضة التي ستأتي إليها الإشارة. أما عدم القضاء في غير صورة الاستثناء فهو الأظهر الأشهر، بل في الغنية الإجماع عليه،
وعليه عامة من تأخر. بل لا خلاف فيه إلاّ من نادر كالصدوق في المقنع؛
للصحاح المستفيضة، منها : عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال : «يقضيها كلّها، إنّ أمر الصلاة شديد».
وغيره المحكي عنه في روض الجنان وغيره
: أنّه يقضي آخر يوم إفاقته إن أفاق نهارا وآخر ليلته إن أفاق ليلا؛ للمستفيضة : «لا يقضي إلاّ صلاة اليوم الذي أفاق فيه والليلة التي أفاق فيها»
كما في بعضها. وفي جملة منها : «يقضي صلاة اليوم الذي أفاق فيه».
وهما نادران، كالنصوص الواردة بقضاء ثلاثة أيام،
بل صرّح بمتروكية الجميع الشهيد في الدروس،
مشعرا بدعوى الإجماع على المشهور، كالفاضل في المنتهى وغيره،
حيث لم ينقل فيهما خلافا منّا، فلا عبرة بشيء منها، سيّما مع استفاضة الصحاح الصراح كغيرها بعدم القضاء مطلقا معلّلة له بأنّ كلّ ما غلب الله تعالى عليه فهو أحق بالعذر وأولى.
ولأجله لا يمكن تقييدها بالمستفيضة الدالة على القول الثاني، سيّما مع ضعف أسانيد أكثرها، وقصور دلالتها كلّها، بل ضعفها، لقوة احتمال أن يكون المراد بصلاة اليوم الذي أفاق فيهما أفاق فيها لا مطلقا، كما يستفاد من الصحاح المستفيضة، منها : «لا يقضي إلاّ الصلاة التي أفاق فيها».
وفي جملة منها : «يقضي الصلاة التي أدرك وقتها».
مع احتمال حملها كما عداها على التقية؛ لوجود القول بمضامينها بين العامة.
أو على الاستحباب، كما صرّح به المتأخرون كافة، تبعا للصدوق في الفقيه والشيخ في كتابي الحديث.
ولا بأس به جميعا بين الأدلّة، ويحمل الاختلافات على تفاوت مراتب الفضيلة، فأعلاها الجميع، ثمَّ الشهر خاصة كما حكاه في السرائر رواية،
ثمَّ الأيام الثلاثة، ثمَّ صلاة يوم الإفاقة. وللحمل على الاستحباب شواهد من النصوص ذكرناها في الشرح من أرادها فليراجعها ثمة.
واعلم : أنّ مقتضى إطلاق النصوص ـ كالعبارة ونحوها ـ عدم الفرق بين كون الإغماء بفعل المكلّف أم لا. خلافا للشهيدين وغيرهما
فقيدوه بالثاني، وأوجبوا القضاء في الأوّل، وعزاه في الذكرى إلى الأصحاب مؤذنا بدعوى الإجماع عليه.
ولعلّه لانصراف الإطلاقات ـ بحكم التبادر وغيره كالتعليل في جملة من الصحاح بأن ما غلب الله تعالى فهو أولى بالعذر ـ إليه، دون الأوّل، فيرجع فيه إلى عموم ما دلّ على قضاء الفوائت. وهو حسن إن سلّم العموم، ولكنه كما عرفت سابقا ممنوع؛ إذ هو حيث يصدق الفوت، ولا يصدق هنا، لعدم التكليف بالأداء حال الإغماء مطلقا إجماعا، والأصل براءة الذمة، وهو كاف في إثبات عدم وجوب القضاء الوارد في النصوص وإن لم تشمله هنا لما مضى. فالقول بعدم وجوب القضاء أقوى لو لم يكن وجوبه إجماعا كما يفهم من الذكرى، بل وغيرها أيضا.
[]