نافلة شهر رمضان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(ومنها:) أي
الصلوات المندوبات (نافلة شهر
رمضان و) قد اختلفت الروايات (في) توظيفها واستحبابها، إلاّ أنّ (أشهر الروايات) وأكثرها وأظهرها بين الأصحاب، بحيث كاد أن يكون ذلك منهم
إجماعا ، كما يستفاد من جملة من العبارات،
بل بانعقاده صرّح الحلّي
والمرتضى والفاضل في المختلف حاكيا له عن
الديلمي ،
وربما احتمله عبارة الخلاف أيضا،
يدل على (استحباب ألف ركعة، زيادة على) النوافل (المرتبة) اليومية.
وقول
الصدوق بأنه لا نافلة في شهر
رمضان زيادة على غيره
شاذ، كالصحاح الدالة عليه،
وإن حكاه في
الخلاف عن قوم من أصحابنا،
إذ لم نعرفهم ولا نقله غيره، غير أنه قيل : لأنه لم يتعرض لها والد الصدوق ولا
العماني .
وهو غير صريح، بل ولا ظاهر في المخالفة.
مع أنّ ظاهر عبارة الصدوق المشتهر نقل خلافه في المسألة لا يدل على نفي المشروعية، بل صريحها الجواز؛
ولذا نفى عنه الخلاف جماعة
قائلين أنّ غايتها نفي تأكد الفضيلة لا المشروعية. وهو حسن.
فما يقال من : أنّ المسألة من المشكلات
لا وجه له، غير صحة الأخبار المانعة، وهي معارضة بتلك الروايات المشهورة المتضمنة للموثق وغيره، المعتضدة بفتوى الأصحاب
والإجماعات المنقولة ، وعموم ما دلّ على أن الصلاة خير موضوع،
مضافا إلى المسامحة في أدلة السنن، بناء على الإجماع على الجواز كما عرفته.
والصحاح ـ بعد القطع بشذوذها ـ لا تفيد الحرمة صريحا لينبغي الاحتياط عنها، مع انها معارضة ـ زيادة على الروايات المشهورة باستحباب ألف ركعة ـ بالنصوص المستفيضة القريبة من
التواتر بل لعلّها متواترة بشرعية الزيادة ولو مطلقة، ومع ذلك فجملة منها صحيحة صريحة في خلاف ما دلّت عليه الصحاح المتقدمة من أنه : ما صلّى
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الزيادة قطّ، ولو كان خيرا لم يتركه.
ففي الصحيح : «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلّى العتمة صلّى بعدها» الخبر.
ونحوه آخر وغيره.
وحينئذ فينبغي طرحها، أو حملها على نفي الزيادة في جماعة خاصة كما في التهذيبين،
للصحيح.
ولكن لا دلالة له عليه.
أو على نفي الزيادة في النوافل الراتبة، كما رواها الإسكافي بأربع في صلاة الليل كما في
المختلف .
وهو أبعد.
أو على نفي كونها سنّة موقتة موظفة لا ينبغي تركها كالرواتب اليومية، بل إن كانت فهي من التطوعات التي من أحبها وقوي عليها كما يشعر به بعض النصوص المثبتة.
ولكن فيه بعد.
أو على
التقية كما عن بعض الأجلّة
حاكيا له عن
ابن طاوس ، مؤيدا له بأمور ومنها ورد جملة من الأخبار بتكذيب راوي النفي والدعاء عليه.
لكنها معارضة ببعض الأخبار الواردة بالعكس {لم نعثر عليه في كتب الحديث، ورواه المحقق في
المعتبر عن الأصحاب عن محمد ابن مسلم، ومتنه : سمعت إبراهيم بن هشام يقول : هذا شهر رمضان فرض الله صيامه وسنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيامه، فذكرت ذلك لأبي جعفر عليه السلام فقال : «كذب
إبراهيم بن هشام ، كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلّي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتان قبل
الفجر في رمضان وغيره» }، مع أنّ بعض الأصحاب حمل الأخبار المثبتة على التقية.
وكيف كان فالمذهب ما عليه الأصحاب.
وقد اختلفوا في كيفية توزيع الألف ركعة على الشهر، فالمشهور أنه يصلّى (في كل ليلة) من العشرين الأوّلين (عشرون ركعة) موزّعة هكذا (بعد المغرب ثماني ركعات، وبعد العشاء اثنتا عشرة ركعة، وفي العشر الأواخر في كل ليلة ثلاثون) ركعة موزّعة كما مرّ، بعد المغرب ثماني ركعات والباقي بعد العتمة (وفي ليالي الأفراد) المحتملة لليلة القدر (في كل ليلة) منها (مائة) ركعة (مضافا إلى ما عيّن) فيها من العشرين في الاولى والستين في الأخيرتين.
للنصوص المستفيضة الدالة على هذا التفصيل بتمامه بعد ضمّ بعضها إلى بعض،
وهي متفقة الدلالة على كيفية توزيع العشرين والثلاثين بجعل الثمان بعد المغرب والباقي بعد العشاء مطلقا.
خلافا للنهاية
والإسكافي ،
فخيّرا في العشرين بين ذلك وبين عكسه فيصلي اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة، وثماني ركعات بعد العتمة كما في الموثقة،
جمعا بينها وبين المستفيضة.
وللقاضي والحلبي
في الثلاثين، فيصلي ما بين العشاءين اثنتي عشرة ركعة، وثماني عشرة بعد العشاء كما في الخبر.
وربما يقال هنا
بالتخيير أيضا جمعا. ولا بأس به وإن كان المشهور أولى، لكثرة أخباره واشتهاره بين الأصحاب، بل في الخلاف عليه الإجماع.
وفيه الإجماع أيضا على
استحباب الثمانين ركعة في ليالي الأفراد زيادة على المئات.
(وفي رواية)
(يقتصر) فيها عن الثمانين (على المائة) في كل منها (ويصلّي) الثمانين المتخلّفة وهي العشرون في التاسعة عشرة والستون في الليلتين بعدها (في الجمع) الأربع (أربعون) موزّعة عليها، فيصلّي في كل يوم جمعة عشراً :
أربعاً (بصلاة
علي عليه السلام) يقرأ فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو الله أحد.
(و) أربعا بصلاة (
جعفر عليه السلام) يقرأ في الركعة الأولى الحمد وإذا زلزلت، وفي الثانية الحمد والعاديات، وفي الثالثة الحمد وإذا جاء نصر الله، وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد.
(و) ركعتين بصلاة (
فاطمة عليها السلام) يقرأ في الركعة الأولى بالحمد وإنا أنزلناه في ليلة القدر مائة مرة، وفي الثانية بالحمد وقل هو الله أحد مائة مرة.
(وعشرون في آخر جمعة) أي ليلة الجمعة الأخيرة (بصلاة علي عليه السلام، وفي عشيتها) ليلة السبت (عشرون بصلاة فاطمة عليها السلام).
ويوافقها في الاقتصار على المائة غيرها من الروايات،
وحكي القول بمضمونها عن كثير من القدماء
كالمفيد والمرتضى والقاضي والديلمي
وابن حمزة ،
وعزاه في
الذكرى إلى أكثر الأصحاب،
وفي الانتصار الإجماع عليه، وعليه رتّب الشيخ الدعوات المختصة بالركعات.
والتخيير غير بعيد كما هو ظاهر كثير.
رياض المسائل، ج۴، ص۷۸-۹۲.