إِرث (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إِرث: (یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ) فإن قيل: إن ظاهر كلمة
الإرث هو
إرث الأموال.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«إِرث» نذكر أهمها في ما يلي:
(يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان:من يقوم مقامه ويرثه ولدا كان أو غيره، وكذا ما قيل: إنه أيس أن يولد له من امرأته فطلب من يرثه ويقوم مقامه من سائر
الناس. الولد كما عبر عنه في آية
آل عمران بالذرية فالمراد بالولي الذرية وهو ولي في الإرث، والمراد بالوراثة وراثة ما تركه
الميت من الأموال وأمتعة الحياة، وهو المتبادر إلى الذهن من
الإرث بلا ريب إما لكونه حقيقة في المال ونحوه مجازا في غيره كالإرث المنسوب إلى العلم وسائر الصفات والحالات المعنوية وإما لكونه منصرفا إلى المال إن كان حقيقة في الجميع فاللفظ على أي حال ظاهر في وراثة المال ويتعين بانضمامه إلى الولي كون المراد به الولد.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(يَرِثُنِي) إن قرأته بالجزم فالمعنى أن تهبه لي يرثني و إن رفعته جعلته صفة لولي و المعنى وليا وارثا لي
(وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) و هو يعقوب بن ماتان و أخوه عمران بن ماتان أبو مريم عن الكلبي و مقاتل و قيل هو
يعقوب بن
إسحاق بن
إبراهيم لأن زكريا كان متزوجا بأخت أم مريم بنت عمران و نسبها يرجع إلى يعقوب لأنها من ولد
سليمان بن داود (علیهالسلام) و هو من ولد يهوذا بن يعقوب و
زكريا من ولد
هارون و هو من ولد لاوي بن يعقوب عن السدي ثم اختلف في معناه قيل معناه يرثني مالي و يرث من
آل يعقوب النبوة عن أبي صالح و قيل معناه يرث نبوتي و نبوة آل
يعقوب عن الحسن و
مجاهد و استدل أصحابنا بالآية على أن الأنبياء يورثون المال و أن المراد بالإرث المذكور فيها المال دون العلم و النبوة بأن قالوا إن لفظ الميراث في اللغة و الشريعة لا يطلق إلا على ما ينتقل من الموروث إلى الوارث كالأموال و لا يستعمل في غير المال إلا على طريق المجاز و التوسع و لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز بغير دلالة أيضا.
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: الوراثة والإرث على ما ذكره
الراغب انتقال قنية إليك من غير معاملة. والمراد من وراثة
الأرض انتقال التسلط على منافعها إليهم واستقرار بركات الحياة بها فيهم، وهذه البركات إما دنيوية راجعة إلى الحياة
الدنيا كالتمتع الصالح بأمتعتها وزيناتها فيكون مؤدى الآية أن الأرض ستطهر من الشرك والمعصية ويسكنها مجتمع بشري صالح يعبدون الله ولا يشركون به شيئا كما يشير إليه.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(أَنَّ اَلْأَرْضَ يَرِثُهََا عِبََادِيَ اَلصََّالِحُونَ) قيل يعني أرض
الجنة يرثها عبادي المطيعون عن
ابن عباس و
سعيد بن جبير و
ابن زيد فهو مثل قوله
(وَ أَوْرَثَنَا اَلْأَرْضَ) و قوله
(اَلَّذِينَ يَرِثُونَ اَلْفِرْدَوْسَ) و قيل هي الأرض المعروفة يرثها أمة
محمد (صلیاللهعلیهوسلم) بالفتوح بعد إجلاء الكفار كما قال (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) زويت لي الأرض فأريت مشارقها و مغاربها و سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها عن ابن عباس في رواية أخرى و قال
أبوجعفر (علیهالسلام) هم أصحاب
المهدي (علیهالسلام) في آخر الزمان و يدل على ذلك ما رواه الخاص و العام عن النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) أنه قال لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول
الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلا صالحا من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا و قسطا كما قد ملئت ظلما و جورا.
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَ مِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: يقال: أورثه مالا كذا أي تركه فيهم يقومون بأمره بعده وقد كان هو القائم بأمره المتصرف فيه، وكذا إيراث العلم والجاه ونحوهما تركه عند الغير يقوم بأمره بعد ما كان عند غيره ينتفع به فإيراث القوم الكتاب تركه عندهم يتناولونه خلفا عن سلف وينتفعون به.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا اَلْكِتََابَ) يعني
القرآن و قيلهو التوراة عن أبي مسلم و قيل أراد الكتبلأن الكتاب يطلق و يراد به الجنس عن الجبائي و الصحيح الأول لأن ظاهر لفظ الكتاب لا يطلق إلا على القرآن.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.