إِسْراف (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
اِسْراف: (وَ اشْرَبُوا وَ لاتُسْرِفُوا) «الإسراف» تجاوز حدّ الاعتدال في كل فعل يفعله
الإنسان. و هذه الجملة يمكن أن تكون إشارة إلى عدم
الإسراف في الأكل، أو عدم
الإسراف في الإنفاق و البذل، لأنّ البعض قد يسرف في البذل و الإنفاق إلى درجة أنّه يهب كل ما عنده إلى هذا و ذاك، فيقع هو و أبناؤه و أهله في عسر و فقر و حرمان!!.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«إِسْراف» نذكر أهمها في ما يلي:
(يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ و كُلُواْ وَ اشْرَبُواْ وَ لاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: إلخ، أمران إباحيان ونهي تحريمي معلل بقوله:
(إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) والجميع مأخوذة من قصة
الجنة كما مرت الإشارة إليه، وهي كما تقدم خطابات عامة لا تختص بشرع دون شرع ولا بصنف من أصناف
الناس دون صنف. ومن هنا يعلم فساد ما ذكره بعضهم.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(وَ لاََ تُسْرِفُوا) أي لا تجاوزوا الحلال إلى الحرام قال مجاهد لو أنفقت مثل أحد في طاعة
الله لم تكن مسرفا و لو أنفقت درهما أو مدا في معصية الله لكان إسرافا و قيل معناه لا تخرجوا عن حد الاستواء في زيادة المقدار و قد حكي أن الرشيد كان له طبيب نصراني حاذق فقال ذات يوم لعلي بن الحسين بن واقد ليس في كتابكم من علم الطب شيء و العلم علمان علم الأديان و علم
الأبدان فقال له علي قد جمع الله الطب كله في نصف آية من كتابه و هو قوله
(كُلُوا وَ اِشْرَبُوا وَ لاََ تُسْرِفُوا) و جمع نبينا ص الطب في قوله المعدة بيت الداء و الحمية رأس كل دواء و أعط كل بدن ما عودته فقال الطبيب ما ترك كتابكم و لا نبيكم لجالينوس طبا و قيل معناه و لا تأكلوا محرما و لا باطلا على وجه لا يحل و أكل الحرام و إن قل إسراف و مجاوزة للحد و ما استقبحه العقلاء و عاد بالضرر عليكم فهو أيضا إسراف لا يحل كمن يطبخ القدر بماء الورد و يطرح فيها المسك و كمن لا يملك إلا دينار فاشترى به طيبا فتطيب به و ترك عياله محتاجين
(إِنَّهُ لاََ يُحِبُّ اَلْمُسْرِفِينَ) أي يبغضهم لأنه سبحانه قد ذمهم به و لو كان بمعنى لا يحبهم و لا يبغضكم لم يكن ذما و لا مدحا و لما حث الله سبحانه على تناول الزينة عند كل مسجد و ندب إليه الأكل و الشرب و نهي عن الإسراف و كان قوم من العرب يحرمون كثيرا من هذا الجنسحتى أنهم كانوا يحرمون السمون و الألبان في الإحرام و كانوا يحرمون السوائب و البحائر أنكر عز اسمه ذلك عليهم فقال.
(وَ آتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ لاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: التبذير التفريق بالإسراف، وأصله أن يفرق كما يفرق البذر إلا أنه يختص بما يكون على سبيل الإفساد، وما كان على وجه الإصلاح لا يسمى تبذيرا وإن كثر.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ لاََ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) قيل إن المبذر الذي ينفق المال في غير حقه عن
ابن عباس و
ابن مسعود و قال مجاهد لو أنفق مدا في باطل كان مبذرا و لو أنفق جميع ماله في الحق لم يكن مبذرا و روي عن
أبي عبد الله (علیهالسلام) أن
أميرالمؤمنين (علیهالسلام) قال لعناية كن زاملة للمؤمنين و إن خير المطايا أمثلها و أسلمها ظهرا و لا تكن من المبذرين
(إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كََانُوا إِخْوََانَ اَلشَّيََاطِينِ) معناه إن المسرفين أتباع
الشياطين سالكون طريقهم و هذا كما يقال لمن لازم السفر هو أخو السفر و قيل معناه أنهم قرناء الشياطين في
النار.
(وَ كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَ لَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَ أَبْقَى) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: الإسراف التجاوز عن الحد والظاهر أن الوا.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ كَذََلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَ لَمْ يُؤْمِنْ بِآيََاتِ رَبِّهِ) أي و كما ذكرنا نجزي من أشرك و جاوز الحد في العصيان و لم يؤمن بآيات ربه أي لم يصدق بحجج ربه و كتبه و رسله.
(وَ الَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: والإسراف الإنفاق في المعصية في غير حق.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ اَلَّذِينَ إِذََا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا) و اختلف في معنى الإسراف فقيل هو النفقة في المعاصي و الإقتار الإمساك عن حق الله تعالى عن ابن عباس و
قتادة و قيل السرف مجاوزة الحد في النفقة و الإقتار التقصير عما لا بد منه عن
إبراهيم النخعي و روي عن معاذ أنه قال سألت
رسول الله (صلیالله علیەوسلم) عن ذلك فقال من أعطى في غير حق فقد أسرف و من منع عن حق فقد قتر و روي عن
أمير المؤمنين (علیهالسلام) أفضل الصلاة أنه قال ليس في المأكول و المشروب سرف و إن كثر.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.