إِكتِساب (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إِكتِساب: (بَلی مَنْ کَسَبَ سَیِّئَةً) كلمة
«اكتساب»- خلافا لكلمة
«كسب»- لا تستعمل إلّا فيما يعود نتيجته على الإنسان نفسه.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«إِكتِساب» نذكر أهمها في ما يلي:
(بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: الخ، الخطيئة هي الحالة الحاصلة للنفس من كسب السيئة، ولذلك أتي باحاطة الخطيئة بعد ذكر كسب السيئة وإحاطة الخطيئة توجب ان يكون
الانسان المحاط مقطوع الطريق إلى النجاة كان الهداية لاحاطة الخطيئة به لا تجد إليه سبيلا فهو من أصحاب
النار مخلدا فيها ولو كان في قلبه شئ من الايمان بالفعل، أو كان معه بعض ما لا يدفع الحق من الاخلاق والملكات، كالانصاف والخضوع للحق، أو ما يشابههما لكانت الهداية والسعادة ممكنتي النفوذ إليه، فإحاطة الخطيئة لا تتحقق الا بالشرك الذي.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(من كسب سيئة) اختلف في السيئة، فقال
ابن عباس، و
مجاهد، و
قتادة، وغيرهم: السيئة هاهنا: الشرك. وقال الحسن: هي الكبيرة الموجبة للنار. وقال السدي: هي الذنوب التي أوعد
الله عليها النار. والقول الأول يوافق مذهبنا، لأن ما عدا الشرك لا يستحق به الخلود في النار عندنا.
(وَ لاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَ لِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَ اسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: ذكر
الراغب: أن الاكتساب إنما يستعمل فيما استفاده
الإنسان لنفسه، والكسب أعم مما كان لنفسه أو لغيره، والبيان المتقدم ينتج أن يكون هذه الجملة مبينة للنهي السابق عن التمني وبمنزلة التعليل له أي لا تتمنوا ذلك فإن هذه المزية إنما وجدت عند من يختص بها لأنه اكتسبها بالنفسية التي له أو بعمل بدنه فإن الرجال إنما اختصوا بجواز اتخاذ أربع نسوة مثلا وحرم ذلك على النساء لأن موقعهم في المجتمع الإنساني موقع يستدعي ذلك دون موقع النساء، وخصوا في الميراث بمثل حظ الأنثيين لذلك أيضا، وكذلك النساء خصصن بنصف سهم الرجال وجعل نفقتهن على الرجال وخصصن بالمهر لاستدعاء موقعهن ذلك، وكذلك ما اكتسبته إحدى الطائفتين من المال بتجارة أو طريق آخر هو الموجب للاختصاص، وما الله يريد ظلما للعباد.
ومن هنا يظهر أن المراد بالاكتساب هو نوع من الحيازة والاختصاص أعم من أن يكون بعمل اختياري كالاكتساب بصنعة أو حرفة أو لا يكون بذلك لكنه ينتهي إلى تلبس صاحب الفضل بصفة توجب له ذلك كتلبس الإنسان بذكورية أو أنوثية توجب له سهما ونصيبا كذا. وأئمة اللغة وإن ذكروا في الكسب والاكتساب أنهما يختصان بما يحوزه الإنسان عمل اختياري كالطلب ونحوه لكنهم ذكروا أن الأصل في معنى الكسب هو الجمع ، وربما جاز أن يقال: اكتسب فلان بجماله الشهرة ونحو ذلك، وفسر الاكتساب في الآية بذلك بعض المفسرين، وليس من البعيد أن يكون الاكتساب في الآية مستعملا فيما ذكر من المعنى على سبيل التشبيه والاستعارة.
وأما كون المراد من الاكتساب في الآية ما يتحراه الإنسان بعمله، ويكون المعنى: للرجال نصيب مما استفادوه لأنفسهم من المال بعملهم وكذا النساء ويكون النهي عن التمني نهيا عن تمني ما بيد
الناس من المال الذي استفادوه بصنعة أو حرفة فهو وإن كان معنى صحيحا في نفسه لكنه يوجب تضييق دائرة معنى الآية، وانقطاع رابطتها مع ما تقدم من آيات الإرث والنكاح. وكيف كان فمعنى الآية على ما تقدم من المعنى: ولا تتمنوا الفضل والمزية المالي وغير المالي الذي خص الله تعالى به أحد القبيلين من الرجال والنساء ففضل به بعضكم على بعض فإن ذلك الفضل أمر خص به من خص به لأنه أحرزه بنفسيته في المجتمع الإنساني أو بعمل يده بتجارة ونحوها، وله منه نصيب، وإنما ينال كل نصيبه مما اكتسبه.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(لِلرِّجََالِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبُوا وَ لِلنِّسََاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اِكْتَسَبْنَ) قيل فيه وجوه (أحدها) إن المعنى لكل حظ من الثواب على حسب ما كلفه الله من الطاعات بحسن تدبيره فلا تتمنوا خلاف هذا التدبير لما فيه من حرمان الحظ الجزيل عن قتادة (و ثانيها) إن لكل فريق من الرجال و النساء نصيبا مما اكتسب من نعيم الدنيا بالتجارات و الزراعات و غير ذلك من أنواع المكاسب فينبغي أن يقنع كل منهم و يرضى بما قسم الله له (و ثالثها) إن لكل منهما نصيبا من الميراث على ما قسمه الله عن ابن عباس فالاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة و الإحراز.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.