الجريدتان في الكفن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويجعل مع
الميت جريدتان، إحداهما من جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره، والأخرى مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده، وتكونان من
النخل وقيل: فإن فقد فمن
السدر، وإلا فمن الخلاف، وإلا فمن غيره من الشجر.
و أن يجعل معه أي
الميت مطلقاً جريدتان خضراوان، ليتجافي عنه
العذاب ما دام الرطوبة فيهما، إجماعاً منّا؛ للنصوص المستفيضة الخاصية والعامية.
ففي
الصحيح: أرأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة؟ فقال: «يتجافى عنه العذاب والحساب ما دام العود رطباً، إنّما الحساب والعذاب كلّه في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل
القبر ويرجع القوم، وإنما جعل السعفتان لذلك، فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما إن شاء
اللّه تعالى»
. وفي
الحسن: لأيّ شيء تكون الجريدة مع الميت؟ قال: «إنه يتجافى عنه العذاب ما دامت رطبة»
.
ثمَّ المشهور في المقدار كون طول كل منهما بقدر عظم
الذراع؛ للرضوي وفيه: «وروي أن الجريدتين كل واحدة بقدر عظم ذراع»
. ثمَّ قدر شبر؛ للصحيح الآتي. ثمَّ أربع أصابع. ولم أعثر فيه على خبر. وقدّر في خبرين بالذراع
. ولا بأس بهما وفاقاً
للصدوق والذكرى، وإن كان المشهور أولى؛ لضعف الخبرين، وعدم جابر لهما في البين. ونسبة الثلاثة الاُول بالترتيب إلى الشهرة موجودة في
الروضة، ولكن المنسوب إليها في كلام جماعة كشيخنا
الشهيد في الذكرى هو الأوّل خاصة. فمراعاة الأخير من الثلاثة وندبيتها بالخصوص كما عن
العماني مشكلة، سيما مع عدم ما يدل عليه من
الرواية.
وتجعل على الأشهر الأظهر إحداهما من ترقوة جانبه الأيسر بين قميصه وإزاره، والاُخرى مع ترقوة جانبه الأيمن يلصقها بجلده للصحيح أو
الحسن المضمر: «إنّ الجريدة قدر شبر، توضع واحدة من عند الترقوة إلى ما بلغت ممّا يلي الجلد، والاُخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت من فوق القميص»
. خلافاً للجعفي، فإحداهما تحت الإبط الأيمن، والأخرى نصف ممّا يلي الساق ونصف ممّا يلي الفخذ
؛ لرواية
يونس: «تجعل له واحدة بين ركبتيه نصف ممّا يلي الساق ونصف ممّا يلي الفخذ، وتجعل الاُخرى تحت الإبط الأيمن»
. وللعماني، فواحدة خاصة تحت إبطه الأيمن
. ولا شاهد عليه من الرواية وإن تكثرت بالوحدة، لكنها لبيان المحل له مخالفة. ففي رواية
يحيى بن عبادة: «تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع، فتوضع (وأشار بيده) من عند ترقوته إلى يده تلفّ مع ثيابه»
.
ويحتمل حمل الجريدة فيها على الجنس الشامل للثنتين، فتوافق المشهور في الجملة والخبرين: «يوضع للميت جريدتان، واحدة في الأيمن والاُخرى في الأيسر»
ويفصّلهما كالرواية الموجهة المضمرة المتقدمة المعتضدة بالشهرة، لا رواية يونس الضعيفة الغير المكافئة لها بالمرة. وللصدوقين، فتجعل اليمنى مع ترقوته ملصقة بجلده واليسرى عند وركه بين القميص والإزار
. ولم نقف على مستنده سوى الرضوي: «واجعل معه جريدتين، إحداهما عند ترقوته تلصقها بجلده ثمَّ تمدّ عليه قميصه، والاُخرى عند وركه»
. وهو وإن اعتبر في نفسه إلّا أنه غير صالح للتعارض للحسن المعتضد
بالشهرة.
وينبغي أن تكونا من سعف
النخل لظواهر الأخبار، بل يستفاد من بعضها كون الجريدة حيث تطلق يومئذ حقيقة في المتخذ منه.
وقيل والقائل المشهور كما في
المدارك فإن فقد فمن
السدر، وإلّا فمن الخلاف، وإلّا فمن غيره من الشجر الرطب كلّ ما كان للخبر: قلنا له: جعلنا فداك إن لم نقدر على الجريدة؟ فقال: «عود السدر» قيل: وإن لم نقدر على السدر؟ فقال: «عود الخلاف»
. وقيل بعكس الترتيب فيه، كما عن
المفيد وسلّار. ولم نر عليه شاهداً من الأخبار.
وقيل: كل شجر رطب كان ابتداءً، كما عن
الصدوق والجعفي والحلّي؛ للخبرين في أحدهما الحسن: الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل، فهل يجوز مكان الجريدة شيء من الشجر غير النخل؟ فإنّه روي عن آبائكم: أنه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين وأنهما تنفع
المؤمن والكافر. فأجاب (علیهالسّلام): «يجوز من شجر آخر رطب»
. والجمع بينهما وبين الخبر المتقدم يقتضي المصير إلى المشهور.
ثمَّ لو كان الحال حال
تقية وضعها حيث يمكن للمستفيضة،
كالمرفوع: ربما حضرني من أخافه فلا يمكن وضع الجريدة على ما رويناه، فقال: «أدخله حيث أمكن»
. ونحوه في غيره بزيادة: «وإن وضعت في
القبر فقد أجزأه»
. وعليه يحمل
الموثق: عن الجريدة توضع في القبر؟ قال: «لا بأس به»
. أو على عدم الوضع في المحل بنسيان وغيره. ويؤيده
المرسل: مرّ
رسول (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) على قبر يعذّب صاحبه، فدعا بجريدة، فشقها نصفين، فجعل واحدة عند رأسه والاُخرى عند رجليه، وقيل له: في رواية اُخرى: لم وضعتهما؟ فقال: «إنه يخفف عنه العذاب ما كانتا خضراوين»
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۴۰۸-۴۱۲.