أحكام صلاة الآيات
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
والأحكام فيها اثنان أولهما أنه لو اتفقت
صلاة الآيات مع صلاة حاضرة و الثاني حكم صلاة الآيات على
الراحلة وماشياً ويبحث في الأثناء في أولوية صلاة الآيات على
النافلة .
(الأول : إذا اتفق) إحدى هذه الآيات (في وقت)
صلاة (حاضرة تخيّر) المكلّف (في
الإتيان ب) صلاة (أيّهما شاء) مع اتساع وقتهما (على الأصح) الأشهر على الظاهر، المنقول عن المعتبر،
والمصرّح به في كلام جمع ممن تأخر؛
للأصل، والتساوي في الوجوب والاتساع؛ مضافا إلى عموم ما دلّ على جواز الفريضتين في وقتهما.
وفيه مع ذلك الجمع بين ما دلّ على الأمر بتقديم الفريضة على
الكسوف من المعتبرة، كالصحيح : عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة، فقال : «ابدأ بالفريضة».
وما دلّ على العكس، كالصحيح : «إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلّيتها ما لم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة، فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف، فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت».
خلافا
للصدوق وغيره
فقال بالأول؛ عملا بظاهر الأمر، المعتضد بصريح الرضوي : «ولا تصلّها في وقت الفريضة، فإذا كنت فيها ودخل عليك وقت الفريضة فاقطعها وصلّ الفريضة، ثمَّ ابن على ما صلّيت من صلاة الكسوف».
ويعارضان بالمثل، وقد عرفته في الأوّل، وهو في الثاني المروي عن
دعائم الإسلام عن
جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال : فيمن وقف في صلاة الكسوف حتى دخل عليه وقت صلاة، قال : «يؤخرها ويمضي في صلاة الكسوف حتى يصير إلى آخر الوقت، فإن خاف فوت الوقت قطعها وصلّى الفريضة».
وحيث لا ترجيح وجب
التخيير .
وربما يحمل وقت الفريضة في الثاني على
وقت الفضيلة ؛
فيجب تقديم الحاضرة مطلقا ـ كما عليه الصدوق رحمه الله ـ جمعا، والتفاتا إلى ظاهر الصحيحين، في أحدهما : عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس ويخشى فوات الفريضة، فقال : «اقطعوا وصلّوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم».
وفي الثاني : ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة، فإن صلّينا الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة، فقال : «إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثمَّ عد فيها» الحديث.
وفيه نظر؛ لعدم ظهور الصحيحين فيما ذكر، وعدم شاهد على الجمع، مع أنه ليس بأولى من الجمع بالعكس بحمل وقت الفريضة في الأولى على آخر وقت
الإجزاء ، ويكون العمل على الرواية الأخيرة من تقديم صلاة الكسوف كما عليه بعض الجماعة.
وفي كل من القولين نظر، بل الوجه التفصيل بين ما لو علم المكلّف باستلزام تأخير الحاضرة فوات الكسوف عن وقتها كما يتفق أحيانا فالثاني، وإلاّ فالأوّل، فتدبّر.
وإذا دخل في صلاة الكسوف بظن سعة الحاضرة ثمَّ تبيّن له ضيقها في الأثناء قطعها وصلّى الحاضرة
إجماعا ، فتوى ونصا، ثمَّ بنى على ما قطع، وفاقا للأكثر، وفي ظاهر المنتهى الإجماع عليه؛
لصريح الصحيحة الثانية والرضوية المتقدمة؛ وقريب منهما الصحيحة الأخيرة.
خلافا
للمبسوط فليستأنف،
واختاره في
الذكرى ،
لأمر اعتباري غير مسموع في مقابلة النصوص الصحيحة المعتضدة
بالشهرة العظيمة القريبة من الإجماع كما عرفت حكايته.
(ولو كانت الحاضرة نافلة فالكسوف أولى) بالتقديم وجوبا بلا خلاف ظاهرا، وفي
المنتهى : إنّ عليه علماءنا أجمع.
ويدل عليه ـ بعد الإجماع الظاهر منه ـ الاعتبار المعتضد بالصحيحين الواردين في خصوص تقديم الكسوف على نافلة الليل،
ولا قائل بالفرق، مضافا إلى تنقيح المناط القطعي المستند إلى الاعتبار السابق، وهو أولوية الواجب بالتقديم على غيره.
(و) لا فرق فيها بين ما (لو خرج وقت النافلة) بتقديم الفريضة أو لم يخرج، ولا بين ما إذا اتّسع وقت صلاة الكسوف بحيث ما لو أتى بالنافلة أدركها بعدها أولا؛ لإطلاق النص والفتوى المعتضد بعموم ما دلّ على المنع عن النافلة وقت الفريضة.
(الثاني :) يجوز أن (تصلّى هذه الصلاة على الراحلة وماشيا) مع الضرورة إجماعا. وفي جوازها على الراحلة اختيارا قولان، فعن
الإسكافي الأول. لكن مع
استحباب فعلها على الأرض.
وحكاه في المنتهى عن الجمهور.
وفي
التنقيح عن الماتن في المعتبر نقله عن باقي الأصحاب.
وهو غريب فإنّ أحدا ممّن وصل إلينا كلامه لم ينقله عن أحد عدا الإسكافي، بل صرّح بعضهم بأنّ المشهور خلافه،
وهو المشار إليه بقوله : (وقيل) والقائل الشيخ في
النهاية (بالمنع) مطلقا (إلاّ مع العذر) والضرورة، واختاره الماتن هنا وفي
الشرائع بقوله (وهو أشبه).
وتبعه عامة متأخري الأصحاب فيما أعرفه؛ عملا بعموم ما دلّ على المنع عن الفريضة على الراحلة، مع سلامتها عن المعارض بالكلية.
عدا ما ربما يستدل للجواز من رواية ضعيفة السند بالجهالة والكتابة، مع أنها غير واضحة الدلالة، فإن فيها : كتبت إلى
الرضا عليه السلام : إذا انكسفت الشمس والقمر وأنا راكب لا أقدر على النزول، فكتب : «صلّ على مركبك الذي أنت عليه».
والسؤال فيها مختص بحال الضرورة، والجواب يتبعه؛ للمطابقة، ولا عموم فيه لغة حتى يكون العبرة به لا بالمورد. ولو سلّم الدلالة نقول : إنّها محمولة على التقية، لما مرّ، ويشهد له كونها مكاتبة، هذا.
وفي المنتهى قد استدل بها على المختار، وقال في تقريبه : والتعليق بالوصف يقتضي التخصيص ظاهرا.
وهو كما ترى؛ لمنع الاقتضاء أوّلا؛ وتخصيصه ثانيا ـ على تقدير تسليمه ـ بما إذا وقع في كلام الإمام عليه السلام لا مطلقا، ومطابقة الجواب للسؤال تقتضي اختصاص الحكم الوارد فيه بمحلّ الوصف لا تخصيصه به بحيث ينفى عن غيره كما هو واضح.
رياض المسائل، ج۴، ص۲۶-۳۱.