إِحسان (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
اِحسان: (وَ اَحْسِنُوا اِنَّ اللَّهَ) أمّا ما هو المراد
بالإحسان هنا؟ فهناك عدّة احتمالات في كلمات
المفسّرين، منها: أنّ المراد هو حسن الظن باللّه (فلا تظنّوا أنّ إنفاقكم هذا يؤدي إلى الاختلال في معاشكم)، و الآخر هو
الاقتصاد و
الاعتدال في مسألة
الإنفاق، و احتمال ثالث هو دمج الإنفاق مع حسن الخلق للمحتاجين بحيث يتزامن مع البشاشة و إظهار المحبّة و تجنّب أي لون من ألوان المنّة و الأذى للشخص المحتاج، و لا مانع من أن يكون المراد في مفهوم الآية جميع هذه المعاني الثلاث.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«إِحسان» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَ أَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ لاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: وليس المراد بالاحسان الكف عن القتال أو الرأفه في قتل أعداء الدين وما يشبههما بل الاحسان هو الاتيان بالفعل على وجه حسن بالقتال في مورد القتال، والكف في مورد الكف، والشدة في مورد الشدة، والعفو في مورد العفو، فدفع
الظالم بما يستحقه إحسان على الانسانية باستيفاء حقها المشروع لها ، ودفاع عن
الدين المصلح لشأنها كما أن الكف عن
التجاوز في استيفاء الحق المشروع بما لا ينبغي إحسان آخر ومحبة
الله سبحانه وتعالى هو الغرض الاقصى من الدين، وهو الواجب على كل متدين بالدين أن يجلبها من ربه بالاتباع، قال تعالى:
(قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) وقد بدأت الآيات الشريفة ـ وهي
آيات القتال ـ بالنهي عن الاعتداء وان الله لا يحب
المعتدين وختمت بالامر بالاحسان وأن الله يحب
المحسنين، وفي ذلك من وجوه الحلاوة ما لا يخفى.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(وَ لاََ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى اَلتَّهْلُكَةِ وَ أَحْسِنُوا إِنَّ اَللََّهَ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ) يعني المقتصدين و قال عكرمة معناه أحسنوا الظن بالله يبر بكم و قال
عبدالرحمن بن زيد و أحسنوا بالعود على المحتاج و الأولى حمل الآية على جميع هذه الوجوه و لا تنافي فيها و في هذه الآية دلالة على تحريم الإقدام على ما يخاف منه على النفس و على جواز ترك الأمر بالمعروف عند الخوف لأن في ذلك إلقاء النفس إلى التهلكة و فيها دلالة على جواز الصلح مع الكفار و البغاة إذا خاف الإمام على نفسه أو على المسلمين كما فعله رسول الله ص عام الحديبية و فعله
أميرالمؤمنين (علیهالسلام) بصفين و فعله
الحسن (علیهالسلام) مع
معاوية من المصالحة لما تشتت أمره و خاف على نفسه و شيعته فإن عورضنا بأن
الحسين (علیهالسلام) قاتل وحده فالجواب أن فعله يحتمل وجهين (أحدهما) أنه ظن أنهم لا يقتلونه لمكانه من
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) و الآخر أنه غلب على ظنه أنه لو ترك قتالهم قتله الملعون ابن زياد صبرا كما فعل بابن عمه مسلم فكان القتل مع عز النفس و
الجهاد أهون عليه.
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان:
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) استفهام إنكاري في مقام التعليل لما ذكر من إحسانه تعالى عليهم بالجنتين وما فيهما من أنواع النعم والآلاء فيفيد أنه تعالى يحسن إليهم هذا الإحسان جزاء لإحسانهم بالخوف من مقام ربهم.
وتفيد الآية أن ما أوتوه من الجنة ونعيمها جزاء لأعمالهم وأما ما يستفاد من بعض الآيات أنهم يعطون فضلا وراء جزاء أعمالهم فلا تعرض في هذه الآيات لذلك إلا أن يقال : الإحسان إنما يتم إذا كان يربو على ما أحسن به المحسن إليه فإطلاق الإحسان في قوله:
(إِلَّا الْإِحْسانُ) يفيد الزيادة.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(هَلْ جَزََاءُ اَلْإِحْسََانِ إِلاَّ اَلْإِحْسََانُ) أي ليس جزاء من أحسن في
الدنيا إلا أن يحسن إليه في
الآخرة و قيل هل جزاء من قال لا إله إلا الله و عمل بما جاء به
محمد (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) إلا الجنة عن
ابن عباس و جاءت الرواية عن
أنس بن مالك قال قرأ
رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) هذه الآية فقال هل تدرون ما يقول ربكم قالوا الله و رسوله أعلم قال فإن ربكم يقول هل جزاء من أنعمنا عليه
بالتوحيد إلا الجنة و قيل معناه هل جزاء من أحسن إليكم بهذه النعم إلا أن تحسنوا في شكره و عبادته و روى
العياشي بإسناده عن الحسين بن سعيد عن عثمان بن عيسى عن علي بن سالم قال سمعت
أبا عبدالله (علیهالسلام) يقول آية في كتاب الله مسجلة قلت ما هي قال قول الله تعالى
(هَلْ جَزََاءُ اَلْإِحْسََانِ إِلاَّ اَلْإِحْسََانُ) جرت في
الكافر،
المؤمن، البر و الفاجر و من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به و ليس المكافاة أن تصنع كما صنع حتى يربي فإن صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء.
(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: تسجيل لسعادتهم.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان: هذا ابتداء الإخبار من الله تعالى و يقال لهم ذلك أيضا.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.