اشتراط الإقباض في الرهن
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وهل يشترط
الإقباض ) فيه؟ (الأظهر) الأشهر (نعم) وفاقاً للإسكافي والمفيد والنهاية والقاضي والحلبي والديلمي وابن زهرة العلوي والطبرسي،
مدعياً هو كسابقه الإجماع عليه، وهو خيرة الماتن هنا وفي
الشرائع والشهيد في كتبه الثلاثة.
والأصل فيه بعد الإجماعات المحكية التي كلّ واحد منها حجّة مستقلة
الآية الشريفة المتقدمة المقيّدة للرهان بالمقبوضة، ومفهوم مثله حجّة عرفاً وعادةً، كاشتراط التراضي في
التجارة ، والعدالة في الشهادة. والموثقة : «لا رهان إلاّ مقبوضة»
ونحوه المروي عن
تفسير العياشي .
ونفي الصحة أقرب من نفي الكمال إلى نفي الحقيقة المتعذّرة، مع
احتمال أن يكون
إرادة نفي الحقيقة ممكنة، بناءً على كون القبض جزءاً من مفهوم الرهانة، كما سيأتي إليه
الإشارة من دلالة الأخبار عليه وكلام بعض أهل اللغة، وعلى هذا فتكون : (مَقْبُوضَةٌ) في الآية صفة موضِحة لا مخصِّصة. وبهذه الأدلّة تخصّص عمومات الكتاب والسنة بلزوم الوفاء بالعقود بالضرورة.
وبنحوه يجاب عن إطلاقات الأخبار الواردة في الرهن المعلّقة لأحكامه على مطلقه، مضافاً إلى عدم انصرافها بحكم عدم
التبادر وندرة الرهان الغير المقبوضة إليها بالبديهة، مع أن
انصراف الإطلاقات إلى العموم مشروط بعدم ورودها لبيان حكم آخر غير ما يتعلّق بنفسها، وليست الإطلاقات هنا كذلك جدّاً، فلا عموم فيها أصلاً. مضافاً إلى أنه بعد ملاحظة الأخبار المتضمّنة لها يحصل الظن القوي المتاخم بالعلم بتلازم
الرهن والقبض، بحيث كادت تدلّ على أنه جزء من مفهومه، كما حكي أيضاً عن بعض أهل اللغة،
وبذلك ينادي سياقها، وإن اختلفت في الدلالة عليه ظهوراً وخفاءً.
وبما ذكر سقط حجج القول بالعدم كما عن الخلاف،
وهو خيرة الفاضل وولده والمسالك والروضة،
وتبعهم على ذلك جماعة.
ثم ظاهر الآية والرواية بناءً على أن المتبادر منهما نفي الصحة أو الماهية مع عدم المقبوضية اشتراط القبض في الصحة، وبه نصّ الطبرسي في حكايته
الإجماع ،
وبه صرّح جماعة.
وهو ظاهر العبارة وغيرها مما أُطلق فيه اشتراطه؛ لانصرافه إلى
الاشتراط في الصحة. خلافاً لآخرين،
فجعلوه شرطاً في اللزوم، منزّلين الخلاف عليه، وهو الظاهر من عبارة الغنية في دعواه الإجماع عليه.
ويضعّفه ما مرّ؛ مضافاً إلى الأصل، وعدم دليل على الصحة؛
لانحصار الأدلّة عليها في نحو المسألة في الإجماع، وليس بمتحقق بالضرورة، وأدلّة لزوم الوفاء بالعقود، وهي بعد الإجماع على عدم اللزوم الذي هو مفادها غير تامّة، وليس عليها دلالة أُخرى غير ما تقدّم إليه الإشارة بالضرورة. ويتفرع على القولين فروع كثيرة تعرّض لذكرها الجماعة في كتبهم الاستدلالية.
ثم إن محلّ الخلاف في اشتراط
القبض إنما هو أوّل مرّة لا
استدامةً ، فلو أقبضها الراهن وارتجعها صحّ الرهن ولزم، بلا خلاف، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة، كالغنية وكشف الحق والتذكرة وغيرها من كتب الجماعة؛
وهو الحجة، مضافاً إلى عموم الأدلّة،
واستصحاب الحالة السابقة من اللزوم والصحة.
رياض المسائل، ج۹، ص۱۸۹-۱۹۲.