الانقياد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الامتثال والطاعة والخضوع.
الانقياد: هو الطاعة
والخضوع ،
ومنه قول
الإمام السجاد عليه السلام: «وانقاد كلّ عظيم لعظمته».
ويقابله التمرّد والعصيان.
قد يستعمل الفقهاء لفظ الانقياد ويريدون به نفس المعنى اللغوي، أعني
الامتثال والطاعة والخضوع كما في قولهم:يجب على الرعايا في
الجهاد طاعة الإمام والانقياد لقوله
واجتهاده فيما يراه.
وقولهم: يجب على أهل الذمّة الانقياد لحكم المسلمين.
وقولهم:
الفقيه الجامع لشرائط الفتوى نائب من قبل الأئمّة عليهم السلام في حال الغيبة يجب التحاكم إليه والانقياد لحكمه،
ونحو ذلك.إلّاأنّ لهم استعمالًا خاصّاً له حتى صار مصطلحاً في علم الأصول وهو: امتثال المكلّف لما يعتقد كونه تكليفاً مع عدم مطابقته للواقع،
كما لو اجتنب عن المائع
باعتقاد كونه خمراً فبان ماءً، ويسمّى الانقياد بهذا المعنى بالطاعة الحكمية،
كما يسمّى العمل المطابق للواقع بالطاعة الحقيقية.
وهو مخالفة المكلّف لما يعتقد كونه تكليفاً مع عدم كونه كذلك في الواقع، كما لو اعتقد خمرية مائع فشربه فبان ماءً.
ويعبّر عن التجرّي بالمعصية الحكمية، فإذا صادف الواقع سمّي معصية حقيقية.
ومن الواضح أنّ الانقياد بالمعنى الخاص مباين للتجرّي؛ لأنّ المتجرّي يفعل ما يعتقد حرمته مع عدم
الحرمة الواقعية، فيما يقوم المنقاد بما يعتقد مطلوبيّته مع عدم المطلوبية الواقعية؛ ولهذا استحقّ المتجرّي الذمّ والمنقاد المدح، لكنّهما يشتركان في قيام الفاعل بفعل بظنّه الواقع مع عدم مطابقته للواقع.
ضدّ الطاعة،
وهو مخالفة
الأمر قصداً،
والترك لأمر المولى، والخروج عن طريق الحقّ.ويقابله الانقياد بمعناه العام الشامل للامتثال والطاعة والانقياد بمعناه الاصطلاحي؛ لأنّه طاعة حكماً في مقابل
التجرّي الذي هو معصية حكماً كما عرفت.أمّا الانقياد بالمعنى الخاصّ فمن الواضح مغايرته للعصيان لفرض عدم المخالفة فيه للمولى لا واقعاً ولا حكماً.
وهي- لغةً- الانقياد والموافقة، نقيض الكَره،
وعرّفت اصطلاحاً بأنّها موافقة الأمر بامتثاله سواء أكان من اللَّه أم من غيره، وقيل: هو فعل ما يثاب عليه، توقّف على نيّة أم لا.
والنسبة بينها وبين الانقياد بالمعنى المصطلح هي العموم المطلق.
الإطاعة وموافقة أمر المولى بإتيان المأمور به، بينما الانقياد بالاصطلاح الخاص إطاعة وامتثال متوهّم الأمر ولم يكن مأموراً به واقعاً.
تارةً يقصد بالانقياد معناه الاصولي المصطلح الخاص، وأخرى معناه العام، فهنا أمران:
لا إشكال في حسن الانقياد
واستحقاق الثواب والمدح عليه؛
لشهادة
الوجدان بذلك وصدق العبودية على
العزم على موافقة التكليف والبناء على الإطاعة،
بل إنّ ثبوت الثواب هنا أولى من ثبوت العقاب في التجرّي.بل ذهب بعضهم إلى استحقاق الثواب حتى عند من يرى عدم ثبوت العقاب في التجرّي،
وإن أصرّ بعض آخر على
الملازمة بين الثواب والعقاب في كليهما؛ لكونهما توأمان يرتضعان من ثدي واحد ويتّصفان بالحسن والقبح بمناط فارد.
ولا فرق في ثبوت الثواب للانقياد بين كون منشئه العلم أو
الظن أو
الاحتمال ، بل يثبت الثواب في الانقياد للاحتمال غير المنجّز أيضاً؛ لأنّ من انقاد لاحتمال غير منجّز يكون أقرب إلى الانقياد والعبودية بنظر العقلاء ممّن لا ينقاد إلّابما تنجّز من تكاليف.
يختلف حكم الانقياد بمعنى الطاعة الحقيقية باختلاف الموارد، فإنّ الانقياد لأوامر النفس الأمّارة
وللشيطان وللطاغوت- مثلًا- منهيٌّ عنه، بينما الانقياد لأوامر اللَّه سبحانه وتعالى، أو من أمر بالانقياد له كالأنبياء والرسل والأئمّة عليهم السلام أو الوالدين بالنسبة إلى الأولاد، أو الزوج بالنسبة للزوجة، أو المولى بالنسبة للعبد، أو المؤجّر بالنسبة للمالك، فهو مطلوب في حدود ما حدّدته الشريعة حكماً وموضوعاً، فقد يكون الانقياد مطلقاً كما في مورد الباري تعالى، وقد يكون مقيّداً بحدود معيّنة.
الموسوعة الفقهية، ج۱۸، ص۴۶۷-۴۶۹.