الطيب في الإحرام
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا يحرم منه إلاّ أربع : المِسك و
العنبر والزعفران و
الوَرْس .
(
الطيب ) بلا خلاف فيه في الجملة على الظاهر ، المصرَّح به في عبائر جماعة؛
للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة ولكن اختلفوا كالنصوص في عموم تحريمه أو تخصيصه بما يأتي، والأكثر فتوًى ونصاً على الأوّل.
(وقيل : لا يحرم) منه (إلاّ أربع : المِسك والعنبر و
الزعفران والوَرْس) _الوَرس صبغ يتخذ منه الحمرة للوجه، وهو نبات كالسمسم ليس إلاّ باليمن. _
والقائل
الصدوق في المقنع في نقل،
وابن سعيد كما قيل،
والشيخ في
التهذيب ؛
للصحيح : «إنما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء» وعدّها كما في العبارة.
وفي آخر : «الطيب :
المسك » وعدّها إلى آخرها.
ونحوه ثالث، لكن مبدّلاً فيه
الورس بالعود.
وفيه : و
خلوق الكعبة لا بأس به.
والظاهر أن المراد من هذه الأخبار حصر الطيب الذي يحرم على المحرم، كما يدل عليه الزيادة في الأخير، وبها وبنحوها يقيّد ما عمّم فيه الطيب أو أُطلق، أو يحمل على
الاستحباب ، كما يفصح عنهما نفس الصحيح الأوّل، حيث تضمّن صدره المنع عنه بالعموم بقوله : «لا تمسّ شيئاً من الطيب وأنت محرم ولا من الدهن، واتّق الطيب، وأمسك على أنفك من الريح الطيبة، ولا تمسك عليها من الريح المنتنة» وقال بعده : «فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذّذ بريح طيبة» إلى أن قال : «وإنما يحرم عليك». فهذا القول في غاية القوة، لولا ما سيأتي مع ندوره ورجوع الشيخ عنه إلى العموم كما حكي عنه في
المبسوط .
(وأضاف) الشيخ (في الخلاف) إلى الأربعة (
الكافور والعود) ناقلاً الإجماع على نفي الكفارة فيما عدا الستة،
ونحوه من غير نقل
الإجماع النهاية وابن حمزة في الوسيلة وابن زهرة في الغنية،
لكنه أسقط الوَرس من الستّة، نافياً الخلاف عن الخمسة الباقية، وحكي الحصر فيها عن
الجمل والعقود والمهذّب والإصباح و
الإشارة .
وهو ضعيف في الغاية؛ لوجود أخبار صحيحة بالورس، وهي أرجح من أخبار العود من وجوه وإن كان لا بأس بإضافته و
إضافة الكافور، للإجماع المنقول في
الغنية فيهما.
مضافاً في الكافور إلى فحوى ما دلّ على منع الميت المحرم منه فالحي أولى؛ وفي العود إلى ما ورد فيه من النصوص. ولا ينافيها، ولا ما دلّ على إضافة الكافور، الحصر في باقي الأخبار في الأربعة التي ليسا منها؛ لقوة احتمال كونه لقلّة
استعمال الأحياء للكافور؛ وجواز كون ترك العود لاختصاصه غالباً بالتجمير مع ورود الأخبار الحاصرة فيما عداه فيما يستعمل بنفسه. وممّا ذكرنا ظهر قوة ما في الخلاف وإن كان الأحوط المصير إلى ما عليه أكثر الأصحاب، سيّما مع (
احتمال ) تطرّق الوهن إلى الصحيح الذي هو
الأصل في التخصيص، بتضمنه في الكفّارة ما هو خلاف المجمع عليه بين الطائفة فتوًى وروايةً، ولزوم صرف الحصر عن ظاهره كما مرّ بالإضافة إلى الكافور والورس أو العود، بجعله إضافياً، أي بالنسبة إلى ما يستعمله الأحياء بنفسه لا تجميراً.
وهو ليس بأولى من
إبقاء العموم على حاله، وحمله على ما هو أغلظ
تحريماً ، كما فعله جماعة من أصحابنا،
بل لعلّه أولى وإن كان التخصيص بالترجيح أحرى من المجاز حيثما تعارضا؛ فإنّ ذلك حيث لا يلزم إلاّ أحدهما، وأما إذا لزم المجاز على كل تقدير فلا ريب أن
اختيار فرد منه يجامع العموم أولى من الذي يلزم معه التخصيص أيضاً، كما لا يخفى. مضافاً إلى
أولويته هنا بالشهرة العظيمة بين أصحابنا، وبها يوهن إجماع الخلاف على نفي الكفّارة فيما عدا الستّة، فلا يصلح أيضاً مخصّصاً لعموم الأدلّة.
رياض المسائل، ج۶، ص۲۶۹- ۲۷۲.