المحارب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو كل مجرد سلاحا في بر أو بحر، ليلا أو نهارا، لإخافة السابلة وإن لم يكن من أهلها على الأشبه؛ ويثبت ذلك
بالإقرار ولو مرة أو بشهادة عدلين؛ ولو شهد بعض
اللصوص على بعض لم تقبل؛ وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض.
وهو كلّ مجرِّدٍ سلاحاً
كالسيف أو غيره كالحجر ونحوه في برٍّ أو بحرٍ مصرٍ أو غيره ليلاً أو نهاراً لإخافة السابلة والمتردّدين من المسلمين مطلقاً وإن لم يكن المحارب من أهلها أي أهل الإخافة، بأن كان ضعيفاً عنها، ولا من أهل الفتنة، ولا ذكراً على الأشبه الأقوى، وعليه عامّة متأخّري أصحابنا، وفي
كنز العرفان نسبه إلى
الفقهاء، مشعراً بدعوى الإجماع عليه.
لعموم
الآية: «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ. إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ»
.
وشموله للإناث وإن كان فيه نوع غموض، بناءً على أنّ الضمير للذكور ودخول الإناث فيهم مجاز، إلاّ أنّ العموم لهنّ جاء من قبل النصوص، ففي
الصحيح: «من شهر السلاح في مصر من الأمصار»
الحديث. و «مَنْ» عامّ حقيقة للذكور والإناث وأهل الريبة والإخافة وغيرهم.
خلافاً للشيخين، فاشترطا كونه من أهل الريبة
.
وللإسكافي، فاشترط الذكورة بما مرّ. وضعفه قد ظهر.
وأمّا
الشيخان فلعلّهما استندا إلى مفهوم الصحيح وغيره: «من حمل
السلاح باللّيل فهو محارب، إلاّ أن يكون رجلاً ليس من أهل الريبة»
.
قيل: ولأنّه المتيقن
والحدود تدرأ بالشبهات
.
ويضعّف بأنّ البحث على تقدير وجود السبب أعني المحاربة فيتحقق المسبّب.
ويدلُّ على اشتراط قصد الإخافة في المحاربة مضافاً إلى الاتفاق عليه على الظاهر إلاّ من نادر، مع عدم صدقها عرفاً إلاّ به المروي في
قرب الإسناد: عن رجل شهر إلى صاحبه بالرمح والسكين، فقال: «إن كان يلعب فلا بأس»
.
وعلى عدم اشتراط السلاح من نحو السيف:
القوي: في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم، أنّه يغرم قيمة الدار وما فيها، ثم يقتل
.
مضافاً إلى صدق المحاربة بكلّ ما يتحقق به الإخافة ولو حجراً أو غيره.
وربما يفهم من
الروضة عدم اشتراط قصد الإخافة وأنّ به قولاً
.
وهو مع ضعفه وشذوذه لم أجده، مع أنّه اشترطه في
المسالك من دون خلاف فيه يذكره.
ويثبت ذلك
بالإقرار من أهله ولو مرّة، أو بشهادة عدلين بلا إشكال ولا خلاف أجده إلاّ من
الديلمي والمختلف، حيث حكي عنهما القول بأنّ كلّ حدٍّ يثبت بشهادة عدلين يعتبر فيه الإقرار مرّتين.
ولا دليل على الكلّية، مع عموم: «إقرار العقلاء على أنفسهم جائز»
خرج منه ما اشترط فيه التكرار بدليل خارج، فيبقى غيره على العموم.
اللهم إلاّ أن يستند إلى
الاستقراء، وفحوى ما دلّ على اعتبار التكرار في نحو
السرقة وغيرها ممّا هو أضعف حدّا فهنا أولى، فتأمّل جدّاً.
ولو شهد بعض
اللصوص على بعض أو على غيرهم، أو لهما لم تقبل شهادته قطعاً؛ لفسقه المانع عن قبولها.
وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض منهم على القاطع عليهم الطريق مطلقاً، على الأشهر الأقوى؛
للتهمة، وبعض المعتبرة: عن رفقة كانوا في طريق قطع عليهم الطريق فأخذوا اللصوص، فشهد بعضهم لبعض؟ فقال: «لا تقبل شهادتهم إلاّ بإقرار اللصوص، أو بشهادة من غيرهم عليهم»
.
وقيل بالقبول لو لم يتعرّض لما أُخذ منه؛ لوجود
العدالة المانعة من التهجّم على غير الواقع، ومنع التهمة المانعة، بل هو
كشهادة بعض غرماء المديون لبعض، وشهادة المشهود لهما
بوصية من تركة للشاهدين بوصية منها أيضاً
.
وهو على تقدير تسليمه
اجتهاد في مقابلة
النص المعتبر ولو بعمل الأكثر، بل الأشهر كما صرّح به بعض من تأخّر
، فلا يعبأ به.
نعم لو لم يكن
الشاهد مأخوذاً احتمل قبول شهادته؛ لعدم التهمة، مع خروجه عن مورد
الفتوى والرواية؛ لظهورهما ولو بحكم
التبادر في صورة كونه مأخوذاً، وبالقبول هنا صرّح جمع
من غير أن يذكروا خلافاً.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۱۴۹-۱۵۱.