تكرار السرقة من غير حد
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولو تكررت
السرقة من غير حد كفى حد واحد؛ ولا يقطع اليسار مع وجود اليمنى بل يقطع اليمنى ولو كانت شلاء؛ وكذا لو كانت اليسار شلاء؛ ولو لم يكن يسار قطع اليمنى؛ وفي
الرواية: لا يقطع؛ وقال
الشيخ في
النهاية: ولو لم يكن يسار قطعت رجله اليسرى؛ ولو لم يكن له رجل لم يكن عليه أكثر من
الحبس، وفي الكل تردد.
ولو تكرّرت
السرقة من غير حدّ يتخلّلها كفى
حدّ واحد إذا أقرّ بها دفعة، أو شهدت بها البيّنات كذلك، بلا خلاف على الظاهر، المصرّح به في
الخلاف، بل عليه في
الغنية الوفاق، وهو
الحجّة.
مضافاً إلى
الأصل، واختصاص ما دلّ على تعدّد القطع بتعدّد السرقة بصورة تخلّل القطع للأُولى، لا مطلقاً.
وخصوص
الصحيح: في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثم سرق مرّة أُخرى فلم يقدر عليه، وسرق مرّة أُخرى، فجاءت
البيّنة فشهدوا عليه بالسرقة الأُولى والسرقة الأخيرة فقال: «تقطع يده بالسرقة الأُولى، ولا تقطع رجله بالسرقة الأخيرة» فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: «لأنّ الشهود شهدوا جميعاً في مقام واحد بالسرقة الأُولى والأخيرة قبل أن يقطع بالسرقة الأولى، (ولو أنّ الشهود شهدوا عليه بالسرقة الاولى ثم أمسكوا حتى يقطع ثم شهدوا عليه بالسرقة الأخيرة قطعت رجله اليسرى)»
.
وظاهره كون القطع للأُولى، كما في
القواعد وعن
المقنع والفقيه والكافي للحلبي واختاره في الغنية مدّعياً عليه إجماع
الإمامية، وهو حجة أُخرى بعد
الرواية؛ مضافاً إلى ثبوت القطع بها أوّلاً فيكون مستصحباً.
وقيل: للأخيرة، كما في
الشرائع والسرائر والنهاية
.
وقيل: كل منهما علّة مستقلّة، كما اختاره
شيخنا في
المسالك والروضة.
وحجّة القولين مع عدم وضوحها غير مكافئة لما تقدّم من الأدلّة. وتظهر الفائدة في عفو المسروق منه. وظاهر الصحيحة وما قبلها من الأدلّة حتى
الإجماع الاكتفاء بالحدّ الواحد أيضاً لو شهدت بيّنة عليه بسرقة ثم شهدت اخرى عليه بأُخرى قبل القطع للأُولى، وعليه شيخنا في كتابيه.
وقيل: تقطع يده ورجله؛ لأنّ كل واحدة توجب القطع، فتقطع اليد للأُولى والرجل للثانية. وفيه نظر؛ لعدم دليل على إيجاب كل منهما القطع مطلقا، بل ما دلّ عليه من النصوص المتقدمة مختصّة بصورة تخلّل القطع بين السرقتين، كما عرفته، ولو سلّم فهو مخصّص بما ذكرناه من الأدلّة.
ومقتضى الصحيحة ثبوت قطع الرجل للثانية إذا شهدت بيّنتها بعد قطع اليد للأولى ببيّنتها، كما عليه
الشيخ في النهاية والخلاف
مدّعيا فيه
الوفاق، وعليه
الصدوق وغيره
.
خلافا
للمبسوط والسرائر
والفاضلين في الشرائع
والمختلف والتحرير والشهيدين، ويعضدهم الأصل المتقدّم، وبه استدلّ في المسالك والروضة
، مضافا إلى قيام الشبهة الدارئة، وأجاب عن الرواية كغيره بضعف الطريق.
وفيه نظر، لاختصاص الضعف بطريقه في
التهذيب، وإلاّ فهو في
الكافي صحيح على الصحيح، أو حسن كالصحيح على المشهور، ومع ذلك الضعف في التهذيب بسهل الذي ضعفه سهل عندهم، فالقول به غير بعيد، سيّما مع اعتضاده بما مرّ عن الخلاف من الإجماع. لكنّه موهون ـ زيادة على ندرة القائل به ـ برجوعه عنه في المبسوط، كما صرّح به
الحلّي في السرائر
.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۱۳۵-۱۳۸.