تنزيل (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
تنزيل (تَنْزیلُ الْکِتابِ مِنَ اللَّهِ) «تنزيل» مصدر جاء هنا بمعنى اسم المفعول، و هو من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة، و تقدير الكلام: هذا كتاب
منزل.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«تنزيل» نذكر أهمها في ما يلي:
(تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان:
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) خبر لمبتدإ محذوف، و هو مصدر بمعنى المفعول فيكون إضافته إلى الكتاب من إضافة الصفة إلى موصوفها. و
(مِنَ اللهِ ) متعلق بتنزيل و المعنى هذا كتاب منزل من الله العزيز الحكيم. و قيل:
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) مبتدأ و
(مِنَ اللهِ ) خبره و لعل الأول أقرب إلى الذهن.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان: عظم
الله سبحانه أمر
القرآن و حث
المكلفين على القيام بما فيه و اتباع أوامره و نواهيه بأن قال
(تَنْزِيلُ اَلْكِتََابِ مِنَ اَللََّهِ اَلْعَزِيزِ) المتعال عن المثل و الشبه.
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان:و المراد بنزول الكتاب في ليلة مباركة على ما هو ظاهر قوله:
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ ) و قوله:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و قوله:
(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) أن النازل هو القرآن كله. و لا يدفع ذلك قوله:
(وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) و قوله:
(وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَ رَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً ) الظاهرين في نزوله تدريجا، و يؤيد ذلك آيات أخر كقوله:
(فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ ) و قوله:
(وَ إِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) و غير ذلك و يؤيد ذلك أيضا ما لا يحصى من الأخبار المتضمنة لأسباب النزول. و ذلك أنه يمكن أن يحمل على نزول القرآن مرتين مرة مجموعا و جملة في ليلة واحدة من ليالي
شهر رمضان ، و مرة تدريجا و نجوما في مدة ثلاث و عشرين سنة و هي مدة دعوته (صلىاللهعليهوآله). لكن الذي لا ينبغي الارتياب فيه أن هذا القرآن المؤلف من
السور و
الآيات بما فيه من السياقات المختلفة المنطبقة على موارد النزول المختلفة الشخصية لا يقبل النزول دفعة فإن الآيات النازلة في وقائع شخصية و حوادث جزئية مرتبطة بأزمنة و أمكنة و أشخاص و أحوال خاصة لا تصدق إلا مع تحقق مواردها المتفرقة زمانا و مكانا وغير ذلك بحيث لو اجتمعت زمانا و مكانا وغير ذلك انقلبت عن تلك الموارد و صارت غيرها فلا يمكن احتمال نزول القرآن و هو على هيئته و حاله بعينها مرة جملة، و مرة نجوما. فلو قيل بنزوله مرتين كان من الواجب أن يفرق بين المرتين بالإجمال و التفصيل فيكون نازلا مرة إجمالا و مرة تفصيلا ون عني بهذا الإجمال والتفصيل ما يشير إليه قوله تعالى :
(كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) و قوله:
(إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) و قد مر الكلام في معنى الإحكام و التفصيل في تفسير سورتي
هود و
الزخرف. و قيل: المراد بنزول الكتاب في ليلة مباركة افتتاح نزوله التدريجي في ليلة القدر من شهر رمضان فأول ما نزل من آيات القرآن ـ وهو سورة
العلق أو سورة
الحمد ـ نزل في ليلة القدر. و هذا القول مبني على استشعار منافاة نزول الكتاب كله في ليلة و نزوله التدريجي الذي تدل عليه الآيات السابقة و قد عرفت أن لا منافاة بين الآيات. على أنك خبير بأنه خلاف ظاهر الآيات. و قيل: إنه نزل أولا جملة على السماء الدنيا في ليلة القدر ثم نزل من السماء الدنيا على الأرض تدريجا في ثلاث و عشرين سنة مدة الدعوة النبوية. و هذا القول مأخوذ من الأخبار الواردة في تفسير الآيات الظاهرة في نزوله جملة وستمر بك في البحث الروائي التالي إن شاء الله.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(إِنََّا أَنْزَلْنََاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبََارَكَةٍ) أي إنا أنزلنا القرآن و الليلة المباركة هي ليلة القدر عن
ابن عباس و
قتادة و
ابن زيد و هو المروي عن
أبيجعفر(علیهالسلام) و
أبيعبدالله(علیهالسلام) و قيل هي ليلة النصف من
شعبان عن
عكرمة و الأصح الأول و يدل عليه قوله
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ و قوله
(شَهْرُ رَمَضََانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ) و اختلف في كيفية إنزاله فقيل أنزل إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ثم أنزل نجوما إلى
النبي (صلىاللهعليهوآله) و قيل أنه كان ينزل جميع ما يحتاج في كل سنة في تلك الليلة ثم كان ينزلها
جبرائيل (علیهالسلام) شيئا فشيئا وقت وقوع الحاجة إليه و قيل كان بدء إنزاله في ليلة القدر و روي عن ابن عباس أنه قال قد كلم الله جبرائيل في ليلة واحدة و هي ليلة القدر فسمعه جبرائيل و حفظه بقلبه و جاء به إلى السماء الدنيا إلى الكتبة و كتبوه ثم نزل على
محمد (صلىاللهعليهوآله) بالنجوم في ثلاث و عشرين سنة و قيل في عشرين سنة و إنما وصف
الله سبحانه هذه الليلة بأنها مباركة لأن فيها يقسم الله نعمة على عباده من السنة إلى السنة فتدوم بركاتها و البركة نماء الخير و ضدها الشؤم و هو نماء الشر فالليلة التي أنزل فيها كتاب الله مباركة ينمي الخير فيها على ما دبر الله سبحانه لها من علو مرتبتها و استجابة الدعاء فيها.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.