ساعة (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ساعة: (جآءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) «الساعة»هي
يوم القيامة، و «بغتة» تعني فجأة و على حين غرة، إذ تقوم القيامة دون أن يعلم بموعدها أحد سوى
اللّه تعالى، و سبب إطلاق
«الساعة» على يوم القيامة إمّا لأنّ حساب
الناس يجري سريعا فيها، أو للإشارة إلى فجائية حدوث ذلك، حيث ينتقل
الناس بسرعة خاطفة من عالم
البرزخ إلى عالم القيامة.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
« ساعة» نذكر أهمها في ما يلي:
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُواْ يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: و
الآية تبين تبعة أخرى من تبعات إنكارهم البعث وهو أن الساعة سيفاجئهم فينادون بالحسرة على تفريطهم فيها ويتمثل لهم أوزارهم وذنوبهم وهم يحملونها على ظهورهم وهو أشق أحوال
الإنسان وأردؤها ألا ساء ما يزرون ويحملونه من الثقل أو من الذنب أو من وبال الذنب.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(قَدْ خَسِرَ اَلَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقََاءِ اَللََّهِ) يعني بلقاء ما وعد الله به من الثواب و العقاب و جعل لقائهم لذلك لقاء له تعالى مجازا عن
ابن عباس و
الحسن و قيل المراد بلقاء جزاء الله كما يقال للميت لقي فلان عمله أي لقي جزاء عمله و نظيره
(إِلىََ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمََا أَخْلَفُوا اَللََّهَ مََا وَعَدُوهُ) (حَتََّى إِذََا جََاءَتْهُمُ اَلسََّاعَةُ) أي القيامة
(بَغْتَةً) أي فجأة من غير أن علموا وقتها.
(قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: وفي الآية تجديد احتجاج على
المشركين، وإقامة حجة على بطلان شركهم من وجه ، وهو أنها تفرض عذابا آتيا من جانب الله أو إتيان الساعة إليهم ثم تفرض أنهم يدعون في ذلك من يكشف العذاب عنهم على ما هو المغروز في فطرة الإنسان أنه يتوجه بالمسألة إذا بلغت به الشدة نحو من يقدر أن يكشفها عنه.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(أَوْ أَتَتْكُمُ اَلسََّاعَةُ) أي القيامة قال
الزجاج الساعة اسم للوقت الذي يصعق فيه العباد و اسم للوقت الذي يبعث فيه العباد و المعنى أو أتتكم الساعة التي وعدتم فيها بالبعث و الفناء لأن قبل البعث يموت الخلق كلهم.
(أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَ هُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: الغاشية صفة سادة مسد الموصوف المحذوف لدلالة كلمة العذاب عليه، والتقدير عقوبة غاشية تغشاهم وتحيط بهم.
والبغتة الفجأة. وقوله:
(وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) حال من ضمير الجمع أي تفاجئهم الساعة في إتيانها والحال أنهم لا يشعرون بإتيانها لعدم مسبوقيتها بعلامات تعين وقتها وتشخص قيامها والاستفهام للتعجيب، والمعنى أن أمرهم في إعراضهم عن آيات السماء والأرض وعدم إخلاصهم الإيمان لله وتماديهم في الغفلة عجيب أفأمنوا عذابا من الله يغشاهم أو ساعة تفاجئهم وتبهتهم؟.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غََاشِيَةٌ مِنْ عَذََابِ اَللََّهِ) أي أ فأمن هؤلاء
الكفار أن يأتيهم عذاب من الله سبحانه يعمهم و يحيط بهم و هي من غاشية السرج لأنها تعمه بالسر و إنما أتى بلفظة التأنيث على تقدير العقوبة أي عقوبة مجللة لجميعهم عن ابن عباس و قيل هو عذاب الاستئصال عن
مجاهد و
أبي مسلم و قيل هي الصواعق و القوارع عن
الضحاك (أَوْ تَأْتِيَهُمُ اَلسََّاعَةُ) يعني القيامة
(بَغْتَةً) أي فجأة على غفلة منهم
(وَ هُمْ لاََ يَشْعُرُونَ) بقيامها قال ابن عباس تهجم الصيحة بالناس و هم في أسواقهم.
(وَ لَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: تخبر عن حرمان هؤلاء الذين كفروا من الإيمان مدى حياتهم فليس المراد بهم مطلق الكفار لقبول بعضهم الإيمان بعد الكفر فالمراد به عدة من صناديد
قريش الذين لم يوفقوا للإيمان ما عاشوا كما في قوله:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وعقم اليوم كونه بحيث لا يخلف يوما بعده وهو يوم الهلاك أو يوم القيامة، والمراد به في الآية على ما يعطيه سياق الآية الثالثة يوم القيامة.
والمعنى ويستمر الذين كفروا في شك من القرآن حتى يأتيهم يوم القيامة أو يأتيهم عذاب يوم القيامة وهو يوم يأتي بغتة لا يمهلهم حتى يحتالوا له بشيء ولا يخلف بعده يوما حتى يقضى فيه ما فات قبله.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ لاََ يَزََالُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ) أي في شك من
القرآن عن
ابن جريج و هذا خاص فيمن علم الله تعالى أنهم لا يؤمنون من الكفار
(حَتََّى تَأْتِيَهُمُ اَلسََّاعَةُ بَغْتَةً) أي فجأة و على غفلة
(أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذََابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) قيل إنه عذاب يوم بدر عن
قتادة و مجاهد و سماه عقيما لأنه لا مثل له في عظم أمره لقتال
الملائكة فيه.
(وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: هذه الآيات كالذنابة للآيات السابقة العادة للآيات والحجج على وحدانيته تعالى والبعث، وكالتمهيد والتوطئة للآية التي تختتم بها السورة فإنه لما عد شيئا من الآيات والحجج وأشار إلى أنهم ليسوا ممن يترقب منهم الإيمان أو يطمع في إيمانهم أراد أن يبين أنهم في جهل من الحق يتلقون الحديث الحق باطلا والآيات الصريحة الدلالة منعزلة عن دلالتها وكذلك يؤفكون ولا عذر لهم يعتذرون به.
وهذا الإفك والتقلب من الحق إلى الباطل يدوم عليهم ويلازمهم حتى قيام الساعة فيظنون أنهم لم يلبثوا في قبورهم فيما بين الموت والبعث غير ساعة من نهار فاشتبه عليهم أمر البعث كما اشتبه عليهم كل حق فظنوه باطلا.
فقوله:
(وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ) ، يحكي عنهم اشتباه الأمر عليهم في أمر الفصل بين الدنيا ويوم البعث حتى ظنوه ساعة من ساعات
الدنيا.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ يَوْمَ تَقُومُ اَلسََّاعَةُ يُقْسِمُ اَلْمُجْرِمُونَ) أي يحلف المشركون]
(مََا لَبِثُوا) في القبور
(غَيْرَ سََاعَةٍ) واحدة عن
الكلبي و
مقاتل و قيل يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة لاستقلالهم مدة الدنيا و قيل يحلفون ما لبثوا بعد انقطاع عذاب القبر غير ساعة عن
الجبائي و متى قيل كيف يحلفون كاذبين مع أن معارفهم في الآخرة ضرورية قيل فيه أقوال (أحدها) أنهم حلفوا على الظن و لم يعلموا لبثهم في القبور فكأنهم قالوا ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا عن
أبي علي و
أبي هاشم (و ثانيها) أنهم استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة فكأنهم قالوا ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة فاستقلوا حيث اشتغلوا في المدة اليسيرة بما أوردهم تلك الأهوال الكثيرة (و ثالثها) أن ذلك يجوز أن يقع منهم قبل إكمال عقولهم عن
أبي بكر بن الإخشيد.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.