عقد المسابقة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الوفاء بالعقد هو العمل بمقتضاه، فإنّ كان لازماً كان العمل بمقتضاه على سبيل اللزوم، وإن كان جائزاً كان الوفاء به والعمل بمقتضاه على سبيل الجواز. وأيضاً : ليس المراد مطلق العقود، وإلاّ لوجب الوفاء بالعقود الجائزة، وهو
باطل بالإجماع، فلم يبق إلاّ العقود اللازمة والبحث وقع فيه.
وهذا هو الذي يظهر من كلمات الجماعة كالمختلف وغيره،
حيث حكى القول باللزوم عن الحلّي، والجواز عن
المبسوط والخلاف واختاره، مستدلاًّ للأوّل بما مرّ، مجيباً عنه بالقول بالموجب، فإن الوفاء بالعقد هو العمل بمقتضاه، فإنّ كان لازماً كان العمل بمقتضاه على سبيل اللزوم، وإن كان جائزاً كان الوفاء به والعمل بمقتضاه على سبيل الجواز. وأيضاً : ليس المراد مطلق العقود، وإلاّ لوجب الوفاء بالعقود الجائزة، وهو
باطل بالإجماع، فلم يبق إلاّ العقود اللازمة والبحث وقع فيه.
وهو كما ترى ظاهر بل صريح في
اتفاق القولين على كونها من العقود، وإنما اختلفا في كونها من اللازمة منها أو الجائزة.
وحينئذٍ فالأجود
الاستدلال على اعتبار القبول أن يقال : إن الوجه فيه ظاهر على القول باللزوم، وكذا على القول بالجواز، بناءً على أن لزوم العوض المبذول بعد العمل للسابق على المسبوق لا يتأتّى إلاّ على
اعتبار قبوله، إذ لولاه لأمكنه
الامتناع من بذله بعد العمل مدّعياً عدم رضاه بالإيجاب، ولعلّه خلاف الإجماع، بل العوض لازم عليه بعد العمل كالجعالة بلا خلافٍ ، ولا يتمّ ذلك إلاّ بالقبول.
لكن هذا إنّما يجري لو كان السابق هو الموجب ، ولو انعكس أمكن عدم
الاحتياج إلى القبول كالجعالة ، إلاّ أنه يمكن التتميم بعدم القول بالفصل ، فتأمّل هذا.
وأمّا تعيين أحد القولين باللزوم والجواز فيتوقّف على بيان المراد من اللزوم ، وهو غير منقّح في كلام الأصحاب.
والتحقيق أن يقال : إن أُريد به ما قلناه من لزوم
بذل العوض بعد حصول السبق خاصة كان ( أشبهه اللزوم ) عملاً بما وقع عليه العقد والشرط ، والتفاتاً إلى
استلزام الامتناع من بذله الحيف والضرر على السابق الناشئ عن تغرير المسبوق له على تضييع العمل المحترم برضاه بالبذل على تقدير حصول السبق للسابق.
وإن أُريد به لزومها من أوّل
الأمر بمعنى وجوب العمل ثم بذل العوض إن حصل السبق وعدم جواز الفسخ قبل التلبّس بالعمل ولا بعده فالأشبه الجواز ؛ للأصل ، وعدم مقتضٍ للّزوم عدا ما مرّ من الأمر بالوفاء بالعقد.
وفي اقتضائه له نظر ، لا لما مرّ عن المختلف ، لضعفه :
فالأوّل : بمخالفته الظاهر ، فإن مقتضى الوفاء بالشيء التزامه والعمل به مطلقاً ، لا العمل بمقتضاه من لزوم أو جواز جدّاً ، ولذا أن دَيْدن الأصحاب حتى هو
إثبات لزوم العقود اللازمة بمثله ، ولا وجه له لو صحّ ما ذكره ، لاستلزامه الدور الواضح ، كما لا يخفى على من تدبّره.
والثاني : بأن خروج العقود الجائزة تخصيص للعام ، فيبقى في الباقي حجّة.
بل لأن معنى الأمر بالوفاء بالعقد هو العمل بما التزم به
ابتداءً أو مآلاً ، ونحن نقول به هنا ، إلاّ أنه لا يلزم منه وجوب
الاستباق وعدم جواز الفسخ ، لعدم الالتزام بهما في العقد ، بل إنّما التزم فيه ببذل العوض بعد حصول السبق ، إذ لا معنى لقوله : من سبق فله كذا ، غير ذلك ، وهو غير
الالتزام بنفس العمل والعوض في بدء الأمر ، بل حالها حينئذٍ كالجعالة بعينها ، فلكلّ منهما فسخها ابتداءً وفي الأثناء ولكن يجب على المسبوق منهما للسابق بذل العوض الذي عيّناه.
رياض المسائل، ج۱۰، ص۲۴۲- ۲۴۴.