آراء فقهاء المذاهب الإسلامية في حجيّة سدّ الذرايع وعدمها
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
آراء فقهاء المذاهب الإسلامية في حجيّة سدّ الذرايع وعدمها: (ذرائع) جمع ذریعة وهی فی اللغة بمعنی الوسیلة، و
سدّ الذرائع یعنی منع مقدّمات العمل الحرام، والمراد بفتح الذرائع هو توفیر مقدّمات العمل الواجب. الرغم من انّ علماء المذاهب اختلفوا فی المعنی الاصطلاحی للذرائع، ولکنّ خلاصة نظرهم هی: انّ کلّ وسیلة تؤدّی الی ارتکاب حرام وتکون مقدّمة للوقوع فی الحرام، یجب ترکها، وهو «سدّ الذرائع» وکلّ وسیلة یتوصّل بها الانسان الی امتثال الواجب، وبعبارة اخری، تکون مقدّمة لتحصیل الواجب، فیجب الاتیان بها (فتح الذرائع).
آراء المذاهب بالنسبة الی حجیّة سدّ وفتح الذرائع:
لقد ذهب
الحنابلة و
المالكيةّ الی انّها تعتبر احد مصادر التشریع. امّا ابن القیّم فقد فتح باباً واسعاً فی کتاب «اعلام الموقّعین» لموضوع سدّ الذرائع وذکر ادلّة کثیرة لاثباتها(وبالطبع فانّ اغلب ادلته تقترن بذکر مصادیق لیس فیها فساد او حرمةفی نفسها، بل امّا تکون سبباً للمفسدة وعمل الحرام او لحرمة اعمال بسبب وجود المفسدة فیها، حیث ترتبط بالبحث الفلسفی فی تحریم اعمال الحرام لمفاسدها الواقعیة). وقال: انّ سدّ الذرائع یشکّل ۱۴ من احکام الدین، لانّ التکالیف الفقهیة فی الاسلام علی اربعة اقسام: امر نفسیّ، امر غیریّ، نهی نفسیّ، نهی غیریّ.
امّا
الحنفیة فرغم انّهم لم یصرّحوا بشیء من ذلک، ولکن یمکن الاستفادة من کلماتهم حجّیة القول بسدّ الذرائع. ویری فقهاء المذهب المالکی انّها من مصادر التشریع فی الاسلام. ولم یرد من فقهاء الشافعیة ایّ نصّ صریح یدلّ علی قبولهم لهذا الاصل، ولکنّهم افتوا فی بعض الموارد بحیث لا یمکن تخریج هذه الفتوی الّاعلی اساس سدّ الذارئع.
ویری
فقهاء الامامیّة انّ مقدّمات الواجب والحرام وان کانت فی نظر العقل تتمتّع بحکم معیّن من لزوم الاتیان او الترک، ولکنّها لا تملک حکماً شرعیاً نفسیاً مستقلّاً عن ذی المقدّمة بحیث انّ المکلّف اذا اراد ترک مقدّمة الواجب او الاتیان بمقدّمة الحرام فانّه یستحقّ عقابین احدهما بسبب «المقدّمة» والآخر بسبب «ذی المقدّمة».
(ذرائع) جمع ذریعة وهی فی اللغة بمعنی الوسیلة، وسدّ الذرائع یعنی منع مقدّمات العمل الحرام، والمراد بفتح الذرائع هو توفیر مقدّمات العمل الواجب.الرغم من انّ علماء المذاهب اختلفوا فی المعنی الاصطلاحی للذرائع، ولکنّ خلاصة نظرهم هی: انّ کلّ وسیلة تؤدّی الی ارتکاب حرام وتکون مقدّمة للوقوع فی الحرام، یجب ترکها، وهو «سدّ الذرائع» وکلّ وسیلة یتوصّل بها الانسان الی امتثال الواجب، وبعبارة اخری، تکون مقدّمة لتحصیل الواجب، فیجب الاتیان بها (فتح الذرائع).
ویری ابن القیّم انّ الذرائع من القسم الاول حرام قطعاً، ومن اجل اثبات القسم الثانی والثالث اقام ۹۹ دلیلًا وشاهداً من الشریعة، وامّا القسم الرابع فیری جوازها والحکم الشرعی لمثل هذه الذرائع فی وجوبها واستحبابها واباحتها، تابع للمفاسد الشرعیة فیها.
وامّا المالکیة وبعض الحنابلة فانّهم یرون ان القسم الثانی فقط هو موضوع البحث فی سدّ الذرائع، ای الاعمال التی لها مصالح لذاتها، ولکنّ بعض الاشخاص یستخدمونها للتوصّل الی المعصیة.
وامّا فقهاء الامامیّة، فانّهم ذکروا فی کتبهم الاصولیة هذا الموضوع بعنوان «مقدّمة الواجب ومقدّمة الحرام» بدل عنوان «فتح وسدّ الذرائع» وذکروا لهذا الموضوع اقساماً مختلفة، ولکلّ قسم منها حکماً معیّناً، من قبیل:
۱. المقدّمة الداخلیة والخارجیة.
۲. المقدّمة الموصلة وغیر الموصلة.
۳. المقدّمة العقلیة، الشرعیة، العادیة.
۴. مقدّمة الوجود، الوجوب، الصحّة، العلم
۵. المقدّمة المتقدّمة، المقارنة، المتاخّرة.
۶. مقدّمة الواجب المطلق، والمشروط.
۷. مقدّمة الواجب المنجّز، والمعلّق.
وفی الکثیر من هذه الموارد المذکورة ذهبوا الی وجوب مقدّمات الواجب وحرمة مقدّمات الحرام.
لقد ذهب الحنابلة والمالكيةّ الی انّها تعتبر احد مصادر التشریع.
امّا ابن القیّم فقد فتح باباً واسعاً فی کتاب «اعلام الموقّعین» لموضوع سدّ الذرائع وذکر ادلّة کثیرة لاثباتها(وبالطبع فانّ اغلب ادلته تقترن بذکر مصادیق لیس فیها فساد او حرمةفی نفسها، بل امّا تکون سبباً للمفسدة وعمل الحرام او لحرمة اعمال بسبب وجود المفسدة فیها، حیث ترتبط بالبحث الفلسفی فی تحریم اعمال الحرام لمفاسدها الواقعیة). وقال: انّ سدّ الذرائع یشکّل ۱۴ من احکام الدین، لانّ التکالیف الفقهیة فی الاسلام علی اربعة اقسام: امر نفسیّ، امر غیریّ، نهی نفسیّ، نهی غیریّ.
ومن الطبیعی انّنا اذا نظرنا الی «فتح الذرائع» تحت هذا العنوان، فیکون (فتح وسدّ الذرائع) علی هذا الاساس ۳۴ من الدین فی نظر ابن القیّم.وقد صرّح ابن القیّم بانّ الاحکام والمسائل الشرعیة تابعة للمقاصد، ولذلک فانّ اسباب المفاسد ومقدّمات الحرام حرام ایضاً، کما انّ اسباب المصالح ومقدّمات الواجب واجبة ایضاً.
امّا الحنفیة فرغم انّهم لم یصرّحوا بشیء من ذلک، ولکن یمکن الاستفادة من کلماتهم حجّیة القول بسدّ الذرائع.
ویری فقهاء المذهب المالکی انّها من مصادر التشریع فی الاسلام. ولم یرد من فقهاء الشافعیة ایّ نصّ صریح یدلّ علی قبولهم لهذا الاصل، ولکنّهم افتوا فی بعض الموارد بحیث لا یمکن تخریج هذه الفتوی الّاعلی اساس سدّ الذارئع.
ویری فقهاء الامامیّة انّ مقدّمات الواجب والحرام وان کانت فی نظر العقل تتمتّع بحکم معیّن من لزوم الاتیان او الترک، ولکنّها لا تملک حکماً شرعیاً نفسیاً مستقلّاً عن ذی المقدّمة بحیث انّ المکلّف اذا اراد ترک مقدّمة الواجب او الاتیان بمقدّمة الحرام فانّه یستحقّ عقابین احدهما بسبب «المقدّمة» والآخر بسبب «ذی المقدّمة»، اجل یمکن الکلام عن الوجوب الشرعی مع غضّ النظر عن استحقاق العقوبة المستقلّة لها، ولذلک ذهب البعض کالآخوند الخراسانی مؤلّف کتاب «کفایة الاصول» الی الوجوب الغیریّ لمقدّمة الواجب، وذهب بعض آخر کصاحب المعالم الی انّ مقدّمة الواجب انّما تکون واجبة فقط فیما اذا اراد المکلّف الاتیان بالواجب ذی المقدّمة، وذهب بعض کالشیخ مرتضی الانصاری الی انّ مقدمة الواجب واجبة فی صورة ان یقصد المکلّف بالاتیان بها التوصّل الی ذی المقدّمة الواجب، وبعض آخر کصاحب الفصول وآیة اللَّه مکارم الشیرازی، ذهبوا الی وجوب المقدّمة الموصلة فقط التی تنتهی للاتیان بالواجب.
کما انّ بعض فقهاء الامامیة فی موضوع مقدّمة الحرام ذهبوا الی حرمة جمیع المقدّمات الموصلة للحرام، وکذلک المقدّمات غیر الموصلة التی یاتی بها الانسان بقصد التوصّل بها الی الحرام، امّا الاعمال المباحة التی یمکنها ان تکون مقدّمة للحرام ولکنّ الفاعل لها لم یقصد منها الحرام، فهی لیست بحرام.
وقد ورد فی القرآن الکریم النهی عن سبّ اصنام المشرکین وذلک بسبب انّ هذا العمل یعدّ مقدّمة موصلة للحرام، حیث یثیر المشرکین ویدفعهم الی سبّ اللَّه تعالی: «وَلَا تَسُبُّوا الَّذِینَ یَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَیَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَیْرِ عِلْمٍ...» .
ومع ملاحظة الامثلة التی ذکرها فقهاء المذهبین فی هذا الباب، یمکن مشاهدة الفرق بین اصطلاح «فتح وسدّ الذرائع» لدی اهل السنّة وبین «مقدّمة الواجب والحرام» لدی فقهاء الشیعة، لانّ المراد لدی اهل السنّة فی الغالب، صدور الحکم بالنسبة للمقدّمات الخارجیة التی تهیّء الارضیة الاجتماعیة والذهنیة لتحقّق الواجب والحرام فی واقع الحیاة، من قبیل نکاح المراة الذمّیة وعمل القاضی بعلمه، ولکنّ مقصود فقهاء الشیعة فی الغالب المقدّمات الداخلیة للواجب والحرام، من قبیل الوضوء والصلاة والاتیان بمقدّمات السفر للحجّ الواجب، وتهیئة السلاح لقتل الابریاء الذی یقع فی دائرة المحرّمات ایضاً، رغم انّ مقدّمة الحرام او الواجب احیاناً تاتی فی الفقه الشیعی بالمفهوم العام لهذه الکلمة، وتشمل هذه الموارد والموارد التی یسمّیها اهل السنّة سدّ الذرائع ایضاً.
وما ورد فی الحدیث: «لعن اللَّه زوّارات القبور».
ناظر الی هذا المعنی. ولکنّ اکثر فقهاء المذاهب الاخری یرون جواز زیارة النساء للقبور اذا لم یوجب مفسدة وفتنة، من قبیل زیارة العجائر للقبور، بل انّ الاحناف والمالکیین یرون استحباب هذا العمل ایضاً، لانّ النبیّ الاکرم (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) امر جمیع امّته: «فزوروا القبور فانّها تذکّر بالموت».
وضمناً اوصی النسوة باجتناب الاعمال المنافیة للشرع فی تلک الاجواء.
ذهب مالک واحمد الی عدم جواز هذا الامر، واحد الادلّة التی یستدلّ بها لذلک «سدّ الذرائع»؛ لانّ القاضی اذا اصدر حکمه علی اساس علمه وبدون استناد علی شاهد او اقرار من قِبل المحکوم علیه، سیکون مورد سوء الظنّ ویتّهم باستلام الرشوة، وربّما یتحرّک واقعاً علی مستوی الانحیاز فی الحکم الی جهة الظلم والجور.
ولکن الشافعیین والاحناف ذهبوا الی الجواز، لانّ اقامة البیّنة تعتبر وسیلة للحصول علی العلم والیقین للقاضی، وعندما یملک القاضی العلم والیقین بنفسه، فلا حاجة حینئذٍ الی شاهد واقرار.
وکذلک الامامیّة ذهبوا الی الجواز، لانّ القاضی حسب الفرض امین وعادل، والمعیار فی حکمه هو ان یقوم علی اساس العلم والیقین، سواء من طریق الشاهد والاقرار، ام من غیر ذلک، ولکنّ الامامیّة ذکروا بعض الضوابط والشروط الخاصّة لتحقّق هذا العلم، ومنها ان یکون حاصلًا من المبادیء الحسّیّة او القریبة من الحسّ.
۳. من البدیهی انّ المشتری فی المعاملة الباطلة اذا اشتری حسب الظاهر شیئاً وتصرّف فیه، فانّه لا یعدّ ملکاً له قطعاً، فیجب علیه اعادته الی مالکه فوراً. ولکن اذا تحمّل بعض النفقات فی اعادة المبیع لصاحبه، فهل تکون هذه النفقات بعهدة المشتریام لا؟
نقل الشیخ الانصاری عن العلّامة الحلّی فی «تذکرة الفقهاء» وعن المحقّق الثانی فی «جامع المقاصد» الفتوی بلزوم دفع المشتری لنفقات النقل واستدلّوا لذلک بوجوب مقدّمة الواجب.
یتبیّن ممّا تقدّم فی الابحاث السابقة انّ «سدّ الذرائع» فی فقه اهل السنّة، یختلف اختلافاً جلیّاً مع «مقدّمة الحرام» فی فقه الشیعة، فاهل السنّة یبحثون فی «سدّ الذرائع» فی مورد امکان اساءة استغلال الحکم، من قبیل حجّیة علم القاضی، او زیاة القبور للنساء وامثال ذلک، فی حین انّ مقدّمة الحرام لها مفهوم عام یشمل هذه الموارد وموارد اخری من قبیل تهیئة الارضیة للوقوع فی المعصیة من قِبل المذنبین.هذا الکلام یصدق ایضاً بالنسبة لمقدّمة الواجب و «فتح الذرائع».
موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «آراء فقهاء المذاهب الإسلامية في حجيّة سدّ الذرايع وعدمها» ج۱، ص۳۲۲-۳۲۶.