استخراج إرث الخنثى
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لا إشكال في مقدار ما ترثه الخنثى بناءً على القول بالقرعة؛ لأنّ الخارج بها أحد الأمرين إمّا الذكوريّة أو الانوثيّة، فيعطى حصّته، وكذا بناءً على العمل على عدّ الأضلاع، فإنّه لا يخلو الواقع عن
اختلاف الجانبين أو تساويهما، وإنّما يحصل
الإشكال بناءً على القول بإعطائه نصف النصيبين، فيقع الكلام في طريق ذلك، وقد ذكر الفقهاء لذلك طريقين:
وهو الطريق الذي سمّي بطريق التحقيق
-: أن يعطى الخنثى نصف ميراث ذكر ونصف ميراث انثى فيحصل له نصيب امرأة ونصف، فنصيب المرأة هو نصف حصّة الرجل والنصف هو نصف حصّة
المرأة ، فإن اجتمع معها ذكر أو انثى أو هما معاً يكون
الأصل المعوّل عليه- كما قال الشيخ- في
استخراج حصّتها: أن نفترض للذّكر أربعة أسهم من التركة، وللخنثى ثلاثة، وللُانثى اثنين؛
لأنّ أقلّ عدد يصحّ تقسيمه بنصف صحيح هو (اثنان)، فيجعل للذكر ضعفه- وهي (أربعة) - وللخنثى نصف سهم الرجل ونصف سهم المرأة- وهي (ثلاثة) - مثاله:
۱- لو فرضنا أنّ الوارث ولد ذكر وخنثى، فالمال يقسّم من سبعة:
ولد خنثى ۷ ۴+ ۷ ۳/ ۷ ۷
۲- لو فرضنا بنتاً وخنثى، يقسّم المال من خمسة:
بنت خنثى ۵ ۲+ ۵ ۳/ ۵ ۵
۳- لو فرضنا ولداً وبنتاً وخنثى، يقسّم المال من تسعة
:
ولد بنت خنثى ۹ ۴+ ۹ ۲+ ۹ ۳/ ۹ ۹ وإذا اجتمع معهم زوج أو زوجة يكون طريق
استخراج سهامهم أن يجري عمليّة استخراج السهام أوّلًا بين الخنثى و
الابن ، أو هما والبنت، ثمّ يضرب حاصل الجمع من سهامهم في مخرج سهم الزوج أو الزوجة، وكلّما كانت النتيجة تبدأ القسمة من ذلك على حسب سهامهم، مثاله:
ولد بنت خنثى زوج ۹ ۴+ ۹ ۲+ ۹ ۳/ ۹ ۹• ۴/ ۳۶ تبدأ القسمة من (۳۶).
أو: زوج ولد بنت خنثى
۳۶ ۹+ ۳۶ ۱۲+ ۳۶ ۶+ ۳۶ ۹/ ۳۶ ۳۶ أو: زوجة ولد بنت خنثى
۷۲ ۹+ ۷۲ ۲۸+ ۷۲ ۱۴+ ۷۲ ۲۱/ ۷۲ ۷۲
أن تقسّم الفريضة مرّتين تفرض الخنثى في إحداهما ذكراً وفي الاخرى انثى، ثمّ يجمع الحصّتان ويقسّم إلى النصف، فيعطى الخنثى النصف من مجموع الحصّتين، ونفس العمليّة تجري في حقّ من يشاركها أيضاً، فإنّه يحاسب سهمه بالقياس إلى أنّ الخنثى ذكر، ويحاسب بالقياس إلى أنّها انثى، ثمّ يجمع بين السهمين ويقسّم إلى النصف ويدفع إليه النصف من مجموع السهمين،
وهذا الطريق لاستخراج سهم الخنثى هو المشهور بين الفقهاء،
وفي النافع و
المسالك أنّه أظهر بينهم.
أن نفرضها مرّة ذكراً ومرةً انثى، فإن كان بين مخرج حصّة الانثى ومخرج حصّة الذكر تباين مثل (۵ و۶) يضرب أحدهما في الآخر، كما هي القاعدة في المتباينين، وإن كان توافق مثل (۴ و۶) يضرب وفق أحدهما في العدد الآخر، وإن كان بين المخرجين تداخل مثل (۳ و۹) يضرب العدد الأكثر في اثنين، وإن كانا متماثلين مثل (۲ و۲) يكتفى بأحدهما، ثمّ يضرب حاصل الضرب الأوّل في عدد
الذي هو أقلّ عدد فيه نصف صحيح إذا لم تستقم القسمة من حاصل الضرب الأوّل، وإلّا يكتفى بحاصل الضرب الأوّل في الأقسام.
وأمثلة ذلك كما يلي:
۱- أن يكون الوارث خنثى وذكر، ففي هذه الحالة لا بدّ أن نفرض عدداً قابلًا للتقسيم إلى النصف، ويكون نصفه أيضاً قابلًا للتقسيم إلى النصف حتى يعرف نصيب الخنثى، وليس هذا العدد إلّا (أربعة)، ثمّ نفرضها انثى، وفي هذه الحالة لا بدّ أن نطلب عدداً قابلًا للتقسيم إلى الثلث، وأن يكون لثلثه نصف حتى يعرف نصيب الخنثى منه، ولا يكون هذا العدد إلّا (ستّة)، فإنّ ثلثه (اثنان) وهو قابل للتقسيم إلى النصف، وبين الأربعة والستّة توافق في النصف، فإنّ نصف الستّة ثلاثة، ونصف الأربعة اثنان، والقاعدة في المتوافقين أن يضرب أحد العددين في نصف الآخر من أيّ طرف كان، تحصل النتيجة متساوية:
۲• ۶/ ۱۲ أو ۴• ۳/ ۱۲، فيقسّم المال بينهما من اثني عشر.
فسهم الخنثى لو كان ذكراً ۱۲ ۶، ولو كان انثى ۱۲ ۴+ ۱۰.. ۲/ ۵، فتكون حصّة الخنثى ۱۲ ۵.
وسهم
الذّكر على فرض أنّ الخنثى ذكر ۱۲ ۶، وعلى فرض أنّها انثى ۱۲ ۸+ ۱۴.. ۲/ ۷، فتكون حصّة الذّكر ۱۲ ۷
۲- أن يكون مع الخنثى ابن وبنت، وفي هذه الحالة إذا فرضنا الخنثى ذكراً صار الوارث ذكرين وانثى، فالمال يقسّم بينهم أخماساً، سهمان لكلٍّ من الذّكرين وسهم للُانثى.
وإذا فرضناها انثى صار الوارث انثيين وذكراً، فيقسّم المال بينهم أرباعاً، وبين الأربعة والخمسة تباين؛ لأنّه لو اسقطت من الخمسة أربعة يبقى واحد، فتضرب أحد العددين في الآخر ۵• ۴/ ۲۰، وحيث إنّه لا يستقيم التقسيم بنصف صحيح للخنثى من (۲۰)؛ لأنّه على تقدير الذكورة تكون حصّتها ۲۰ ۸، وعلى تقدير الانوثة ۲۰ ۵، وحاصلهما بعد الجمع (۱۳)، وليس لها نصف صحيح- كما هو واضح- فنحتاج إلى أن نضرب مخرج النصف وهو
- الذي هو أقلّ عدد له نصف صحيح- في المجتمع من الضرب الأوّل وهو (۲۰)، فيكون الحاصل (۴۰)، وتبدأ القسمة من أربعين، فتقسّم على الجميع وتصحّ الفريضة بغير كسر، وصورته
:
ذكر انثى خنثى ۴۰ ۱۸+ ۴۰ ۹+ ۴۰ ۱۳/ ۴۰ ۴۰/ ۱ ۱
۳- أن يجتمع معهم زوج أو زوجة فتصحّح مسألة الخناثى مع مشاركيها وفق أحد الطريقين، وقد سبق أنّ مسألة الخناثى مع مشاركيها وفق الطريق الثاني من أربعين، فتضرب أربعين في أربعة- التي هي مخرج سهم الزوج- فيكون الحاصل (۱۶۰)، وصورة ذلك
:
زوج خنثى ذكر انثى ۱۶۰ ۴۰+ ۱۶۰ ۳۹+ ۱۶۰ ۵۴+ ۱۶۰ ۲۷/ ۱۶۰ ۱۶۰
۴- أن يجتمع معها
الأبوان فلهما السدسان مع فرض كونها ذكراً، وخمسان مع فرضها انثى؛ لأنّ لها النصف فرضاً في هذه الحالة، وللأبوين السدسان وهما اثنان، فيكون المجموع خمسة، ويبقى واحد يردّ عليهم أخماساً، وبين عدد الخمسة والستّة تباين فيضرب أحدهما في الآخر فتبلغ (۳۰)، فيضرب الحاصل• ۲/ ۶۰، ومنها تصحّ القسمة على جميع ذوي الفروض، للأبوين على تقدير أنّها ذكر ۶۰ ۲۰، وعلى تقدير أنّها انثى ۶۰ ۲۴+ ۴۴.. ۲/ ۲۲، وللخنثى على تقدير الذكورة ۶۰ ۴۰، وعلى تقدير الانوثة ۶۰ ۳۶+ ۷۶.. ۲/ ۳۸، فيعطى لها النصف: ۶۰ ۳۸ ۶۰ ۲۲+ ۶۰ ۳۸/ ۶۰ ۶۰
ثمّ إنّ كلّ من تعرّض من الفقهاء لتشخيص حصّة الخنثى بأحد الطريقين ذكر أنّ بين الطريقين اختلافاً بالنسبة إلى حصّة الخنثى، فإنّ حصّتها على الطريق الأوّل في بعض الأمثلة- كما لو اجتمع معها ذكر- ثلاثة من سبعة، يعني ثلاثة أسباع التركة وللذكر أربعة أسباعها، وعلى الطريق الثاني خمسة من اثني عشر، فإذا جعلتها أسباعاً كان السبع منها واحداً وخمسة أسباع، فثلاثة أسباعها خمسة وسبع، بينما لم يحصل لها على هذا التقدير إلّا خمسة.
ولها في المثال الثاني على الطريق الأوّل ثلاثة أخماس من التركة، وعلى الطريق الثاني ينقص خمس واحد من اثني عشر؛ لأنّ خمس الاثني عشر اثنان وخمسان، فيكون ثلاثة أخماسها سبعة وخمس، وإنّما حصل له على هذا الطريق سبعة.
ولها في المثال الثالث على الطريق الأوّل ثلاثة من تسعة، وبناءً على الطريق الثاني لها ثلاثة عشر من أربعين، وهي تنقص عن ثلثها بثلث واحد.
وقد وضع بعض المتأخّرين جدولًا يوضح اختلاف النتيجة بين الطريقين وهو ما يلي:
ففي المثال الأوّل:
ولد خنثى الطريق الأوّل ۷ ۴+ ۷ ۳/ ۷ ۷ الطريق الثاني ۱۲ ۷+ ۱۲ ۵/ ۱۲ ۱۲ وبتوحيد المقامات:
الطريق الأوّل ۸۴ ۴۸+ ۸۴ ۳۶/ ۸۴ ۸۴ الطريق الثاني ۸۴ ۴۹+ ۸۴ ۳۵/ ۸۴ ۸۴ فقد اتّضح الاختلاف في كلا الوارثين وليس في الخنثى فقط.
وكذلك المثال الثاني:
بنت خنثى الطريق الأوّل ۵ ۲+ ۵ ۳/ ۵ ۵ الطريق الثاني ۱۲ ۵+ ۱۲ ۷/ ۱۲ ۱۲ وبتوحيد المقامات:
الطريق الأوّل ۶۰ ۲۴+ ۶۰ ۳۶/ ۶۰ ۶۰ الطريق الثاني ۶۰ ۲۵+ ۶۰ ۳۵/ ۶۰ ۶۰ فالاختلاف أيضاً حاصل بين الطريقين.
وكذلك المثال الثالث:
ولد بنت خنثى الطريق الأوّل ۹ ۴+ ۹ ۲+ ۹ ۳/ ۹ ۹ الطريق الثاني ۴۰ ۱۸+ ۴۰ ۹+ ۴۰ ۱۳/ ۴۰ ۴۰
وبتوحيد المقامات:
الطريق الأوّل:
۳۶۰ ۱۶۰+ ۳۶۰ ۸۰+ ۳۶۰ ۱۲۰/ ۳۶۰ ۳۶۰
الطريق الثاني:
۳۶۰ ۱۶۲+ ۳۶۰ ۸۱+ ۳۶۰ ۱۱۷/ ۳۶۰ ۳۶۰ ثمّ إنّه بناءً على اختلاف الطريقين أيّهما لا بدّ أن يتّبع في تعيين حصص الورثة بما فيهم الخنثى، لئلّا يضيّع حق الورثة؟
الحقّ أنّه لا يوجد ترجيح عقلي (رياضي) أو فقهي من شهرة أو إجماع على أحد الطريقين، حيث عمل الفقهاء بكلا الطريقين وإن رجّح الحلّي و
المحقّق النجفي الطريق الأوّل،
بل في
المبسوط جعله
الأصل المعوّل عليه،
كما تقدّم.
وتقدّم أنّ المرجّح عند المحقق و
الشهيد الثاني هو الطريق الثاني،
وأنّه المشهور كما نسب إلى
المحقق الثاني .
وليس في الروايات إلّا التعبير ب «نصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل»
و «نصف ميراث المرأة ونصف ميراث الرجل»
و «ورث ميراث الرجال وميراث النساء»
المحمول على النصف؛
لاتّفاق الامّة على أنّه لا تعطى نفس واحدة ميراث نفسين، مضافاً إلى قرينة غيره من الروايات، وأغلب من ذكر الطريقين لم يذكر وجههما، ولا من رجّح أحدهما تعرّض لوجه الترجيح.
إلّا المحقق النجفي فاعتبر الطريق الأوّل «أوفق بقوله عليه السلام «نصف عقل الرجل ونصف عقل المرأة»؛ ضرورة معلوميّة نسبة
استحقاق المرأة لاستحقاق الرجل بالثلث والثلثين، فيكون للخنثى حينئذٍ نصف الثلث ونصف الثلثين، ونسبته حينئذٍ إلى استحقاق الرجل ثلاثة أرباعه بزيادة استحقاق نصف انثى؛ مراعاة لاحتمال الذكوريّة المقابل باحتمال الانوثة، ومرجعه إلى قسمة ما زاد على المتيقن من استحقاق الانثى بالنصف، فيكون لها ميراث انثى ونصف انثى».
ثمّ بعد أن ذكر الطريق الثاني وطريقة الحساب على أساسه قال: «فالوجه في هذا الطريق هو تخيّل كون المراد من قوله عليه السلام: «نصف عقل المرأة ونصف عقل الرجل» فرضها ذكراً وفرضها انثى في خصوص كلّ مورد ثمّ تعطى نصف المجتمع على التقديرين، وذلك يختلف باختلاف الموارد التي يشترك معها غيرها فيها بالنسبة إلى التركة المفروضة، إلّا أنّ
الإنصاف كون الخبر ألصق بالطريق الأوّل الذي مرجعه إلى كون الخنثى باعتبار تعارض الأمارتين فيه نصف ذكر ونصف انثى، أي ثلاثة أرباع حصّة الذكر أو حصّة انثى ونصف انثى كما عرفت».
وقد يقال بالتخيير في
اتّخاذ أيّ من الطريقين، أو يقال بوجوب المصالحة بين الورثة حينئذٍ ولا شكّ في أنّه هو الأحوط.
لكن لا يحتمل العمل بالقرعة في العمل على أحد الطريقين- باعتبار أنّها لكلّ أمر مشكل؛ لأنّ معنى ذلك فقهيّاً تعيّن الحجّية في أحد الطريقين وإسقاطها عن الآخر، في حين أنّ الحجّية من الأحكام والقرعة للموضوعات لا الأحكام.
الموسوعة الفقهية، ج۹، ص۳۶۵- ۳۷۱.