الإجتهاد مفهومه وأقسامه
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الإجتهاد مفهومه وأقسامه: الاجتهاد فی اللغة من مادة «جَهْد» بفتح الجیم، او من «جُهد» بضمّ الجیم؛ یقول الفیّومی: «الجُهد بالضم فی الحجاز وبالفتح فی غیرها: الوسع والطاقة»
واما اصطلاحاً: وهو اما استفراغ الوسع فی تحصیل الظنّ بالحکم الشرعیّ (وفی هذه الصورة یطلق علیه الاجتهاد او المجتهد). او: التعریف المقبول لدی مشهور علماء الاصول ولا یرد علیه الاشکالات السابقة حیث قالوا: «
الاجتهاد هو استخراج
الحکم الشرعیّ الفرعیّ او
الحجّة علیه من ادلّتها التفصیلیة».
وأقسامه:
الف):
الاجتهاد المطلق: هو ان یملک الانسان القدرة والملکة التی یمکنه بواسطتها استنباط واستخراج الاحکام الفعلیة (تکالیفه وتکالیف مقلِّده العملیة) من الامارات المعتبرة او
الاصول العملیة المعتبرة، ویمکنه استخراج جمیع
الاحکام النظریة والعملیة من منابعها.
ب):
الاجتهاد المتجزّیء : عبارة عن امتلاک الانسان القدرة والملکة علی استنباط بعض الاحکام الشرعیة من منابعها (مثلًا یجتهد فی باب الطهارة او فی جمیع العبادات) ولکنّه لا یملک مثل هذه القدرة فی سائر ابواب الفقه، ومثل هذا الفقیه یطلق علیه ب «المجتهد المتجزّیء».
ج):
الاجتهاد الخاصّ، ویعنی اعمال الفقیه لرایه ونظره فی موارد فقدان النصّ، فلو انّ الفقیه وجد الحکم الشرعیّ بطریقة الاستنباط من الدلیل القرآنیّ او من السنّة الشریفة، فانّه یعمل به، والّا فیاخذ برایه الشخصیّ ویحقّق فی المصالح والمفاسد والمرجّحات فیها ویفتی علی هذا الاساس.
د):
الاجتهاد العام، وهو المعنی المعروف الذی ذکر آنفاً، ای القدرة علی الاستنباط فی جمیع
الاحکام الفقهیة واستخراجها من ادلّتها التفصیلیة.
الاجتهاد فی اللغة من مادة «جَهْد» بفتح الجیم، او من «جُهد» بضمّ الجیم؛ یقول الفیّومی: «الجُهد بالضم فی الحجاز وبالفتح فی غیرها: الوسع والطاقة»
ویقول
ابن فارس: «الجیم والهاء والدال، اصله المشقّة.. والجُهد الطاقة»
ویقول
ابن منظور: «الجَهْد و الجُهد بمعنی الطاقة» وقد جاء فی هذا الکتاب ایضاً انّ «جَهْد» بمعنی التعب والالم و «جُهد» بمعنی الطاقة والقد الخليل
ویقول الراغب الاصفهانی: الجَهْد والجُهد الطاقة والمشقّة»، وایضاً: «الجَهْد الطاقة» و «الجُهد الوسع» واخیراً قال: الاجتهاد اخذ النفس ببذل الطاقة وتحمّل المشقة
والحقیقة انّ تحمّل المشقّة والصعوبة من لوازم استخدام غایة القدرة والطاقة، فالاجتهاد فی اللغة بمعنی الاستفادة من جمیع کوامن القدرة والطاقة، ولازمه الوقوع فی المشقّة
وقد جاءت الآیة الشریفة: «لَایَجِدُونَ اِلَّا جُهْدَهُمْ»
اشارة لهذا المعنی ایضاً، ای انّهم لا یجدون اکثر من طاقتهم. وجاء هذا المعنی فی «نهج البلاغة» ایضاً: ولا یؤدّی حقّه المجتهدون».
وهذه المفردة تستعمل احیاناً فی الموارد التی یحمل فیها الانسان اشیاء ثقیلة او یرفعها. ذلک لا یقال لمن تعلّم ضروریات الدین انّه اجتهد ولکن یقال للفقیه الذی یتحرّک علی مستوی حلّ تعقیدات المسائل الفقهیة ویستنبط تفاصیل الاحکام الشرعیة، انّه مجتهد.
وقد ذکر علماء الاصول للاجتهاد معانی وتعاریف مختلفة، نشیر الی جملة منها:
ا) استفراغ الوسع فی تحصیل الظنّ بالحکم الشرعیّ (وفی هذه الصورة یطلق علیه
الاجتهاد او
المجتهد).
وهذا التعریف وان ورد فی کلمات بعض
علماء الامامیّة ولکنّ اصله موجود فی کلمات غیر الامامیة «اهل السنّة»،
لانّ
اهل السنّة یرون انّ الظنّ بالاحکام حجّة شرعیة بشکل مطلق، وامّا ما هو معتبر لدی الامامیّة فهی الظنون الخاصّة التی قام الدلیل الخاص علی حجّیتها.
والاشکال الآخر علی هذا التعریف هو انّه لا وجه لتقییده بتحصیل الظنّ بالحکم الشرعیّ، لانّه فی صورة بذل الوسع والطاقة فی تحصیل العلم بالحکم الشرعی، یصدق علیه انّه اجتهاد.
(ب)«الاجتهاد هو استفراغ الوسع فی تحصیل الحجّة علی
الحکم الشرعیّ».
واحد الاشکالات الواردة علی هذا التعریف هو انّه لا یلزم فی تحقّق الاجتهاد بذل غایة السعی والقوّة فی مقام الفحص، بل اذا تحرّک علی مستوی الفحص والتحقیق بمقدار بحیث یئس من وجود دلیل مخالف او وجود المخصّص او المقیّد، فیکفی ذلک للاخذ بظاهر الدلیل الاوّل، ولا حاجة لبذل کلّ طاقته فی مقام الفحص والتحقیق،
الّاان یکون المراد من استفراغ الوسع هو الفحص بالمقدار المتعارف.
ج) التعریف الوارد فی «التنقیح»، وهو عبارة عن «تحصیل الحجّة علی الحکم الشرعی».
وهذا التعریف وان کان افضل واکمل من التعاریف الاخری، ولکنّ الاشکال الذی یرد علیه هو انّه شامل لعمل المقلِّد ایضاً لانّ المقلّد یحصِّل الحجّة علی الحکم الشرعیّ من خلال قول المجتهد، غایة الامر بطریق الدلیل الاجمالی.
د) التعریف المقبول لدی مشهور علماء الاصول ولا یرد علیه الاشکالات السابقة حیث قالوا: «الاجتهاد هو استخراج الحکم الشرعیّ الفرعیّ او الحجّة علیه من ادلّتها التفصیلیة».
قسّم الاجتهاد الی عدّة اقسام، ولیس غرضنا فی هذا المقام بیان جمیع الاقسام، بل الغرض بیان مفهوم الاجتهاد فی عنوان البحث، ولذلک نشیر الی جملة منها:
الاوّل: الاجتهاد المطلق والمتجزّیء
الف):
الاجتهاد المطلق: هو ان یملک الانسان القدرة و
الملکة التی یمکنه بواسطتها استنباط واستخراج الاحکام الفعلیة (تکالیفه وتکالیف مقلِّده العملیة) من الامارات المعتبرة اوالاصول العملیة المعتبرة، ویمکنه استخراج جمیع الاحکام النظریة والعملیة من منابعها. وبعبارة اخری، ان تکون لدیه القدرة علی الاجتهاد فی جمیع ابواب الفقه من کتاب الطهارة الی کتاب الدیات، ویمکنه استنباط واستخراج حکم ایّ مسالة من هذه المسائل، وتسمّی مثل هذه القدرة والملکة ب «الاجتهاد المطلق» ویسمّی من یملک هذه الملکة ب «المجتهد المطلق».
ب): الاجتهاد المتجزّیء : عبارة عن امتلاک الانسان القدرة والملکة علی استنباط بعض الاحکام الشرعیة من منابعها (مثلًا یجتهد فی باب الطهارة او فی جمیع العبادات) ولکنّه لا یملک مثل هذه القدرة فی سائر ابواب الفقه، ومثل هذا الفقیه یطلق علیه ب «المجتهد المتجزّیء».
الف) الاجتهاد الخاصّ، ویعنی اعمال الفقیه لرایه ونظره فی موارد فقدان النصّ، فلو انّ الفقیه وجد الحکم الشرعیّ بطریقة الاستنباط من الدلیل القرآنیّ او من السنّة الشریفة، فانّه یعمل به، والّا فیاخذ برایه الشخصیّ ویحقّق فی المصالح والمفاسد والمرجّحات فیها ویفتی علی هذا الاساس. وهذا النوع من الاجتهاد مرفوض لدی علماء الامامیة، والقائلون به هم علماء اهل السنّة فقط.(ورد حول هذا النوع من الاجتهاد فی بحث «منابع الاستنباط فی نظر فقهاء الاسلام» وبحث «منابع مورد الاختلاف فی الاستنباط. ).
ب) الاجتهاد العام، وهو المعنی المعروف الذی ذکر آنفاً، ای القدرة علی الاستنباط فی جمیع الاحکام الفقهیة واستخراجها من ادلّتها التفصیلیة.
۴. المراد من الاجتهاد فی عنوان البحث: والمراد من الاجتهاد مورد البحث تبیین العلوم التی تعتبر مقدّمة للاجتهاد، هو الاجتهاد المطلق بالمفهوم العام لا الاجتهاد المتجزّیء ولا الاجتهاد الخاصّ بمعنی الاستفادة من الرای والقیاس والاستحسان وما الی ذلک فی موارد فقدان النصّ.
موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «الإجتهاد مفهومه وأقسامه» ج۱، ص۲۷۹-۲۸۴.