انسجام الفقه الإسلامي مع الفطرة التوحیدیة
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
انسجام الفقهي الإسلامي مع الفطرة التوحیدیة:من جملة امتیازات
الفقه الاسلامی هو اتّساقه وانسجامه مع
الفطرة التوحیدیة الصافية والشفّافة، وانّ کون
الدین فطریاً، خلافاً لما یتوهّم البعض، لا ینحصر في اصل
التوحید و
عبادة اللَّه، بل یستوعب جمیع
اصول الدین وفروعه، وبالطبع فانّ المراد من
الکلیات هی الفروع، علی سبیل المثال فانّ «
الجهاد» یعتبر امراً فطریاً لانّ کلّ انسان یدرک بفطرته لزوم الدفاع في مقابل الاعداء والتصدّی لهجومهم، و «
الحجّ» عبارة عن عبادة جماعیة تنسجم مع
فطرة الانسان الاجتماعیة، و «
الزواج» اشباع
الغریزة الجنسیة اشباعاً سلیماً، فهو ینبثق من اعماق فطرة الانسان، وهکذا «
حسن العدل و
قبح الظلم» من الامور الفطریة.
(
الفطرة في الاصل بمعنی شقّ الشیء من جهة الطول ثمّ اطلقت علیای شقّ، وبما انّ الخلقة بمنزلة شقّ ستار العدم، فانّ احد المعانی المهمّة لهذه المفردة هو الخلق (
مفردات الراغب،
لسان العرب، ذیل کملة فطر) واحیاناً تاتی کلمة فطرة الی جانب: طبیعة، وغریزة، ولکنّها تختلف عنها في انّ «
الطبیعة» تعنی الخصوصیات الذاتیة والمشترکة بین الموجودات الحیة وغیر الحیة، ولکن «
غریزة» تختص بالاحیاء من
الانسان و
الحیوان ویقصد بها الدوافع والمثیرات غیر الواعیة التی تؤثر بدون تدخل عنصر
الارادة، امّا
الفطرة» فتختص بالانسان وتمتاز باقترانها بالوعی).
ومن جملة امتیازات الفقه الاسلامی هو اتّساقه وانسجامه مع الفطرة التوحیدیة الصافية والشفّافة، فعلی اساس ما تقرره الآیة الشریفة: «فَاَقِمْ وَجْهَکَ لِلدِّینِ حَنِیفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِی فَطَرَ النَّاسَ عَلَیْهَا»
فانّ جمیع افراد البشر یتّصلون باصلٍ مشترک واحد في منظومة «
الدین» وهو
الفطرة الالهیة والتوحیدیة، وبما انّ الفقه یمثّل رکناً من الارکان الثلاثة للدین، فهو فطری ایضاً، ولذلک ورد في تفسیر کلمة «
معروف» التی امرت به
الشریعة دائماً ونهت عن ضدّه (
المنکر) هذا المعنی: «وحیث بنی
الاسلام شریعته علی اساس الفطرة والخلقة کان «المعروف» عنده هو الذی یعرفه الناس اذا سلکوا مسلک الفطرة ولا یتعدّوا طور الخلقة...»
وبتعبیر آخر: انّ «
المعروف» و «
المنکر» اشارة واضحة الی هذه الحقیقة وهی انّ
الاعمال الصالحة معروفة لروح الانسان وفطرته، و
الاعمال القبیحة غیر مفهومة لدی
روح الانسان وفطرته.
وببیان آخر: انّ کون
الدین فطریاً، خلافاً لما یتوهّم البعض، لا ینحصر في اصل التوحید وعبادة اللَّه، بل یستوعب جمیع
اصول الدین وفروعه، وبالطبع فانّ المراد من
الکلیات هی الفروع، علی سبیل المثال فانّ «
الجهاد» یعتبر امراً فطریاً لانّ کلّ انسان یدرک بفطرته لزوم الدفاع في مقابل الاعداء والتصدّی لهجومهم، و «
الحجّ» عبارة عن عبادة جماعیة تنسجم مع فطرة الانسان الاجتماعیة، و «
الزواج» اشباع
الغریزة الجنسیة اشباعاً سلیماً، فهو ینبثق من اعماق فطرة الانسان، وهکذا «
حسن العدل و
قبح الظلم» من الامور الفطریة. ومن برکات هذه الخصوصیة في الفقه الاسلامی هی انّه کما انّ الفطرة الانسانیة امر ثابت وشمولی ولا تختص بزمان ومکان، کذلک القوانین والمقرّرات الدینیة لا تتبدّل ولا یصیبها القِدم بل هی جاریة في جمیع الاعصار والامصار، وعلی هذا الاساس نقرا في ذیل الآیة المذکورة قوله تعالی: «لَا تَبْدِیلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِکَ الدِّینُ الْقَیِّمُ».
وبالطبع فانّ دوام واستمرار الفقه هو من لوازم خاتمیة الدین الاسلامی ایضاً، وانّ خاتمیة الاسلام تقتضی ان تکون قوانین الاسلام ومقرّراته واحکامه قد بلغت حدّ التمام والکمال، وبامکانها التطبیق والتجسید علی ارض الواقع في کلّ زمان و
مکان ومع جمیع الظروف والمقتضیات.
وسیاتی في فصل آخر من هذا الکتاب تفاصیل واسرار هذا البیان وعنصر الخلود لاحکام الشریعة مع اختلاف الزمان والمکان تحت عنوان: «دور
الزمان والمکان في
الاجتهاد».
موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «انسجام الفقهي الإسلامي مع الفطرة التوحیدیة» ج۱، ص۵۸-۵۹.