تَشْقى (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(مَآ اَنْزَلْنَا عَلَیْکَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَی) «تشقى» مأخوذة من مادة
الشقاء ضد السعادة، إلّا أنّ هذه المادة، و كما يقول
الراغب في
المفردات، تأتي أحيانا بمعنى المشقّة و التعب، و المراد في الآية هذا المعنى، كما يحكون ذلك أيضا في
أسباب النّزول .
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«تَشْقى» نذكر أهمها في ما يلي:
(مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: و الشقاوة خلاف السعادة قال
الراغب: و الشقاوة كالسعادة من حيث الإضافة فكما أن السعادة في الأصل ضربان: سعادة أخروية و سعادة دنيوية ثم السعادة الدنيوية ثلاثة أضرب: سعادة نفسية و بدنية وخارجية كذلك الشقاوة على هذه الأضرب ـ إلى أن قال ـ قال بعضهم: قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا، و كل شقاوة تعب، و ليس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة. انتهى، فالمعنى ما أنزلنا
القرآن لتتعب نفسك في سبيل تبليغه بالتكلف في حمل
الناس عليه.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان:
(ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) لكن لتسعد به، و تنال الكرامة به في الدنيا و الآخرة. قال
قتادة: و كان يصلي الليل كله، و يعلق صدره بحبل حتى لا يغلبه النوم، فأمره
الله سبحانه بأن يخفف على نفسه، و ذكر أنه ما أنزل عليه
الوحي ليتعب كل هذا التعب.
(فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: و قوله:
(فَتَشْقى) تفريع على خروجهما من
الجنة و المراد بالشقاء التعب أي فتتعب إن خرجتما من الجنة و عشتما في غيرها و هو الأرض عيشة أرضية لتهاجم الحوائج و سعيك في رفعها كالحاجة إلى الطعام و الشراب و اللباس و المسكن و غيرها. و الدليل على أن المراد بالشقاء التعب الآيتان التاليتان المشيرتان إلى تفسيره:
(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَ لا تَعْرى وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى) و هو أيضا دليل على أن
النهي إرشادي ليس في مخالفته إلا الوقوع في
المفسدة المترتبة على نفس الفعل و هو تعب السعي في رفع حوائج الحياة و اكتساب ما يعاش به و ليس بمولوي تكون نفس مخالفته مفسدة يقع فيها
العبد و تستتبع مؤاخذة أخروية. على أنك عرفت أنه
عهد قبل
تشريع أصل
الدين الواقع عند الأمر بالخروج من
الجنة و
الهبوط إلى الأرض. و أما إفراد قوله:
(فَتَشْقى) و لم يقل فتشقيا بصيغة التثنية فلأن العهد إنما نزل على
آدم (عليهالسلام) و كان التكليم متوجها إليه، و لذلك جيء بصيغة الإفراد في جميع ما.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(فتشقى) أي: فتقع في تعب العمل، و كذا الإكتساب، و النفقة على زوجتك و نفسك. ولذلك قال
(فتشقى) و لم يقل فتشقيا. و قيل: لأن أمرهما في السبب واحد، فاستوى حكمهما لاستوائهما في السبب و العلة. و قيل: لتستقيم رؤوس الآي. قال
سعيد بن جبير: أنزل على آدم ثور أحمر، فكان يحرث عليه، و يرشح العرق عن جبينه، و ذلك هو الشقاوة.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.