• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

دور تأسيس الفقه الاجتهادي

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



ويبدأ هذا الدور من عصر الغيبة (منتصف القرن الثالث الهجري) وينتهي في أوائل القرن الخامس الهجري.




محمّد بن يعقوب الكليني ۳۲۹ ه    ، والصدوقان (/ علي ابن الحسين بن بابويه القمي ۳۲۹ ه     وابنه أبو جعفر محمّد بن علي بن بابويه ۳۸۱ ه    )، وجعفر بن محمّد بن قولويه حدود ۳۶۸ ه    ، والحسن بن أبي عقيل الحذّاء (العماني) ۳۶۸ ه    ، ومحمّد بن أحمد الكاتب البغدادي (ابن الجنيد الاسكافي) ۳۸۱ ه    ، ومحمّد بن محمّد بن النعمان العكبري (المفيد) ۴۱۳ ه    ، وعلي بن الحسين الموسوي (الشريف المرتضى) ۴۳۶ ه    ، وتقي الدين بن نجم الدين (أبو الصلاح الحلبي) ۴۴۶ ه    ، وحمزة بن عبد العزيز الديلمي (سلّار) ۴۶۳ ه    .



وقد بدأ هؤلاء الفقهاء العظام بالتدوين والتأليف في الفقه على مذهب أهل البيت عليهم السلام وشرعوا في تأسيس ما نصطلح عليه اليوم بالفقه الاجتهادي، وصنّفوا في ذلك المؤلّفات الكثيرة؛ لأنّهم كانوا في عهد قد انتهى فيه فرصة صدور النص وامكان الوصول إلى المعصومين عليهم السلام وأخذ الحكم الشرعي الواقعي عنهم مباشرة، وإنّما كان الطريق متعيّناً في الرجوع إلى ما كان صادراً عنهم ومجتمعاً لديهم عن طريق الرواة من النصوص والبيانات الشرعية، فكان لا بدّ من استنطاقها واستخراج الأحكام الشرعية في كل الأبواب الفقهية منها، وتفريع الفروع على تلك الاصول وعلى ضوء القواعد العامّة المبيّنة فيها، وعلاج موارد التعارض والاختلاف الذي قد يقع فيما بين تلك النصوص، وهذا هو عملية الاجتهاد الفقهي بالمعنى الصحيح الذي تقدّم شرحه.
والذي يظهر من مراجعة مصنّفات هذا العصر أنّ عملية الاجتهاد في هذه المرحلة كانت بدائية، وتتمثّل أوّلًا في توزيع متون الروايات على الأبواب الفقهية، واستظهار النتائج منها بنفس ألفاظ النصوص ومتونها، وعلاج حالات التعارض بينهما بجمع عرفي أو ترجيح أو حمل على التقية أو غير ذلك.



وقد يسمّى هذا المنهج بالفقه المأثور، وكان يدوّن تارة مبسوطاً ومع ذكر الروايات المأثورة بمتونها وأسانيدها- كما نجده في مثل: كتاب الكافي للكليني، وكتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق قدس سره، واخرى مع حذف الأسانيد بل وتقطيع متون الروايات أيضاً والاقتصار على الفتاوى بألفاظ النصوص موزّعة على المسائل والأبواب الفقهية، كما نجد ذلك في كتاب الشرائع لابن بابويه قدس سره ۲۳۲۹ ه    ، والهداية والمقنع للشيخ الصدوق قدس سره ۳۸۱ ه    .
إلّا أنّ تطوّر الفقه واتّساع تفريعاته وآفاقه على أساس ما كان يستجد من قضايا وحوادث، وما كان قد حصلت الحاجة إليه والابتلاء به في المذاهب الاخرى ومدوّناتها الفقهية من تطبيقات وفروض تقديرية وتقسيمات حديثة للموضوعات والأبواب الفقهيّة، أوجب استقلال المنهج الفقهي في العرض والتدوين عن الفقه المأثور.
وقد ساعد على ذلك الاحتكاك والنقد والحوار الذي كان يجري بصورة مستمرة بين فقهائنا وفقهاء المذاهب الاخرى، سيّما في الحواضر والجامعات العلمية الرئيسية كبغداد التي كانت مركزاً تضم كلّ المدارس الفكرية والفقهية في ذلك العصر، وكان جانب الكرخ منها محلة الشيعة وملتقى علمائهم وفقهائهم كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي، وفيها المكتبة التي أنشأها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي والتي كانت من امّهات دور العلم يوم ذاك. وفي ذلك يقول ياقوت الحموي ۶۲۶ ه    : «لم يكن في الدنيا أحسن كتباً منها، كانت كلّها بخطوط الأئمة المعتبرة واصولهم المحرّرة».
[۱] معجم البلدان، ج۱، ص۵۳۴.




وهكذا بدأ الفصل بين المصنفات الفقهية وكتب الحديث، وأصبحت الكتب والرسائل الفقهية تدوّن بمنهجه المستقل- كما في فقه العامّة- وكان يستند في مجال الاستدلال عليها وتخريجها بالروايات والآيات وباجماع الطائفة ومسلّماتها وببعض المسائل الكلامية والاستدلالات العقلية في بعض الأحيان، وهذا ما نستظهره من كتب ومصنفات القديمين العماني ۳۶۸ ه     والاسكافي ۰ ۳۸۱ ه     ومؤلفات الشيخ المفيد ۴۱۳ ه     والسيد المرتضى ۰ ۴۳۶ ه     وتلامذتهم.



وحصل في هذا الدور أيضاً: البدء بتدوين اصول الفقه وفصل قواعدها الكلية الأدبية أو العقلية أو الشرعية عن المسائل والفروع الفقهية، وقد ألّف بهذا الصدد الشيخ المفيد قدس سره رسالته المختصرة في اصول الفقه التذكرة باصول الفقه كما ألّف تلميذه السيد المرتضى كتابه الاصولي الذريعة إلى اصول الشريعة.



وقد شرح الشيخ المفيد في رسالته المذكورة المنهج الاصولي على النحو التالي: «اعلم انّ اصول الأحكام الشرعية ثلاثة أشياء: كتاب اللَّه سبحانه، وسنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم، وأقوال الأئمة الطاهرين من بعده صلوات اللَّه عليهم وسلامه. والطرق الموصلة إلى علم الشرع في هذه الاصول ثلاثة:
أحدها: العقل، وهو سبيل إلى معرفة حجّية القرآن ودلائل الأخبار.
والثاني: اللسان، وهو السبيل إلى المعرفة بمعاني الكلام.
وثالثها: الأخبار، وهي السبيل إلى اثبات أعيان الاصول من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة عليهم السلام».
[۲] التذكرة باصول الفقه، ج۱، ص۲۹.




ومن خصائص هذا الدور أيضاً: البدء بالبحث الفقهي المقارن في مسائل الخلاف مع المذاهب الاخرى، فألّف الشيخ المفيد في ذلك كتابه الإعلام والسيد المرتضى كتابيه: الانتصار والناصريات، وغيرهما من الرسائل.



ومن خصائص هذا الدور أيضاً: عرض الأحكام الفقهية على شكل جوابات على مسائل واستفتاءات كانت ترد على الفقهاء من الأقطار، كما أنّ طابع البحث والجدل المذهبي والكلامي ظاهرة واضحة في مؤلفات هذا العصر الفقهية.



الموسوعة الفقهية،ج۱، ص۴۹- ۵۱.    



جعبه ابزار