دية القتل في شهر الحرام والحرم
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولو قتل في
الشهر الحرام ألزم دية وثلثا تغليظا؛ وهل يلزم مثل ذلك في
الحرم؟ قال الشيخان: نعم، ولا أعرف الوجه.
ولو قتل في
الشهر الحرام وهو أحد الأربعة:
المحرّم،
ورجب،
وذو القعدة،
وذو الحجة أُلزم دية وثلثاً من أيّ الأجناس كان، لمستحق الأصل؛ تغليظاً عليه، لانتهاكه الحرمة، بلا خلاف فيه أجده، بل عليه الإجماع في عبائر جماعة حدّ الاستفاضة
، وهو
الحجّة.
مضافاً إلى المعتبرة ففي
الموثق كالصحيح: «عليه دية وثلث»
.
وفي
الخبر: عن الرجل يقتل في الشهر الحرام، ما ديته؟ قال: «دية وثلث»
.
وهل يلزم مثل ذلك لو قتل في
الحرم الشريف المكي زاده الله شرفاً؟ قال الشيخان
وأكثر الأصحاب: نعم ومنهم
ابن زهرة والحلّي،
مدّعيين عليه في ظاهر كلامهما إجماع
الإمامية، كما ستعرفه، وهو الحجة.
مضافاً إلى الموثّق كالصحيح: في رجل قتل في الحرم، قال: «عليه دية وثلث»
.
وصريح جماعة ومنهم
الماتن هنا وفي
الشرائع لقوله: ولا أعرف الوجه خلوّ فتواهم عن الرواية، بل مطلق الحجة، وكأنّهم لم يقفوا على هذه الرواية، وإلاّ فهي مع اعتبار سندها في المطلوب صريحة، معتضدة بما مرّ من الإجماعات المحكية، وبما علّله المتأخّرون من اشتراكهما في
الحرمة وتغليظ قتل الصيد فيه المناسب لتغليظ غيره، فقولهم في غاية القوة.
وهل يلحق بها حرم المدينة ومشاهد
الأئمّة على مشرّفها ألف صلاة وسلام وتحية؟ مقتضى
الأصل العدم، وفي الشرائع
والإرشاد والتحرير عن
الشيخ الإلحاق، وعبارته في
النهاية لا تساعده، كما نبّه عليه الحلّي
.
قيل: والظاهر اختصاص التغليظ بالعمد
؛ للأصل، واختصاص أكثر الفتاوي به من حيث التعليل بالانتهاك.
وفيه نظر، فإنّ مقتضى الخبرين العموم، وبه صرّح الحلّي، فقال: قد ذكرنا أنّ الدية تغلظ في العمد المحض وعمد الخطأ، وتخفّف في الخطأ المحض أبداً إلاّ في موضعين: المكان والزمان، فالمكان: الحرم، والزمان: الأشهر الحرم، فعندنا أنّها تغلظ بأن توجب دية وثلثاً
. وظاهره كما ترى
دعوى الإجماع عليه أيضاً.
وقريب منه ابن زهرة، حيث أطلق الحكم ولم يعلّل بما يوجب
التقييد بالعمد، فقال: ويجب على القاتل في الحرم أو في شهر حرام دية وثلث إلى أن قال: كل ذلك بدليل إجماع الطائفة
.
ومثله في الإطلاق عبارة
الفاضل في التحرير والإرشاد
، ولذا صرّح بالعموم للثلاثة بعض متأخّري الأصحاب
مدّعياً عليه
النص والإجماع.
ولا تغليظ عندنا في
الأطراف، كما صرّح به جماعة من الأصحاب
، وادّعى بعضهم في ظاهر كلامه الإجماع عليه
؛ للأصل، واختصاص
الفتوى والنص بالقتل.
ولا في قتل الأقارب؛ لذلك، وبه صرّح في
المختلف. خلافاً
للمبسوط والخلاف
، فيغلظ. ودليله مع شذوذه غير واضح.
ثم إنّ كل ذا في دية قتل الحرّ المسلم.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج، ص۳۵۷-۳۶۰.