• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

مقاصد الشريعة

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



مقاصد الشريعة: یدور الحدیث فی عصرنا الحاضر عن مقاصد الشریعة بوصفها احد المنابع الفقهیة لحلّ المسائل المعقّدة المطروحة بین فقهاء المذاهب الاسلامیة المختلفة، وهذا هو ما بحثه اتباع اهل البیت (علیهم‌السّلام) فی السابق بعنوان «علل الشرائع» وقد استخدم المرحوم الشیخ الصدوق (المتوفی ۳۸۱ ه.) قبل اکثر من الف عام هذا العنوان لکتابه المسمی (علل الشرائع)، وهو عبارة عن مجموعة من روایات اهل البیت (علیهم‌السّلام) الواردة فی باب فلسفة الاحکام ومقاصد التشریع،
أشاعرة ومنع الإهتمام بمقاصد الشريعة: وهو المذهب الحاکم علی المحافل العلمیة لاهل السنّة فی الماضی والحاضر، یری انّ افعال اللَّه تعالی، سواءً التکوینیة او التشریعیة غیر معلّل بالاغراض والمقاصد، بل یرون احیاناً الاعتقاد بذلک یساوق الکفر، ولکن علی رغم ذلک وقعوا فی مضائق ومآزق فقهیة ومسائل مستحدثة کثیرة لم یجدوا الجواب عنها، ممّا اجبر فقهاء هذا المذهب علی تجدید نظرهم فی هذا الباب وفتح الطریق امام مقاصد الشریعة.
الشخص الذی بحث هذه المسالة بجدیّة وشکّل بحثه هذا نقطة عطف فی موضوع المقاصد هو ا لشاطبی (المتوفّی ۷۹۰) وقد الّف کتاب «الموافقات» لهذا الغرض، فبعد انّ جمع اقوال العلماء القدماء، تطرّق الی مسالتین جدیدتین فی دائرة المقاصد، احداهما ترتیب المقاصد، والاخری طرق الوصول الی هذه المقاصد وتحصیل اهداف الشریعة.
مدرسة أهل البيت وقبول مقاصد الشريعة: وطبعاً فانّ هذه المسالة مطروحة بشکل آخر بین اتباع مذهب اهل البیت علیهم السلام، فهؤلاء یرون وتبعاً للآیات القرآنیة الکثیرة وروایات اهل البیت (علیهم‌السّلام) انّه توجد مقاصد واهداف مهمّة لتشریع الاحکام، وکانوا یعتقدون بذلک منذ زمان ائمّة اهل البیت (علیهم‌السّلام) وکتبوا فی هذا الموضوع کتباً متعدّدة.
وبعد انّ نتجاوز هذه المقدّمة التاریخیة المختصرة نتوجّه نحو القائلین بهذه النظریة فی العصر الحاضر، حیث ذکروا المقاصد الاصلیة للشریعة بالاستفادة من کلام القدماء تحت ثلاثة عناوین:
۱. الضروریات، مثل حفظ النفس والمال والعقل و...
۲. الحاجیات مثل (المعاملات).
۳. التحسینیات (وهی الامور التی تعتبر من مکمّلات الحیاة مثل آداب الاکل والشرب وما الی ذلک).
ثمّ انّهم یستعرضون فی هذا الموضوع المقاصد الضروریة للشریعة ویضعونها فی خمسة امور:
۱. حفظ الدین، ۲. حفظ النفس، ۳. حفظ العقل، ۴. حفظ النسب، ۵. حفظ المال.



حدّثنا فی البحث السابق عن الآراء المختلفة حول فلسفة الاحکام وعللها ومقاصدها، وکذلک امکانیة الوصول الی تلک المقاصد وتحصیلها، والآن نتطرّق الی هذه المسالة، وهی: هل یمکن فتح الطریق لحلّ المسائل المستحدثة «مسائل ما لا نصّ فیه»؟
توضیح ذلک: یدور الحدیث فی عصرنا الحاضر عن مقاصد الشریعة بوصفها احد المنابع الفقهیة لحلّ المسائل المعقّدة المطروحة بین فقهاء المذاهب الاسلامیة المختلفة.
وهذا هو ما بحثه اتباع اهل البیت (علیهم‌السّلام) فی السابق بعنوان «علل الشرائع» وقد استخدم المرحوم الشیخ الصدوق (المتوفی ۳۸۱ ه.) قبل اکثر من الف عام هذا العنوان لکتابه المسمی (علل الشرائع)، وهو عبارة عن مجموعة من روایات اهل البیت (علیهم‌السّلام) الواردة فی باب فلسفة الاحکام ومقاصد التشریع.

۱.۱ - الأشاعرة ومنع الإهتمام بمقاصد الشريعة

ولکن علی رغم انّ مذهب الاشاعرة، وهو المذهب الحاکم علی المحافل العلمیة لاهل السنّة فی الماضی والحاضر، یری انّ افعال اللَّه تعالی، سواءً التکوینیة او التشریعیة غیر معلّل بالاغراض والمقاصد، بل یرون احیاناً الاعتقاد بذلک یساوق الکفر، ولکن علی رغم ذلک وقعوا فی مضائق ومآزق فقهیة ومسائل مستحدثة کثیرة لم یجدوا الجواب عنها، ممّا اجبر فقهاء هذا المذهب علی تجدید نظرهم فی هذا الباب وفتح الطریق امام مقاصد الشریعة.

۱.۱.۱ - الشاطبي الأشعري وإبن عاشور والبحث عن مقاصد الشريعة

الشخص الذی بحث هذه المسالة بجدیّة وشکّل بحثه هذا نقطة عطف فی موضوع المقاصد هو ا لشاطبی (المتوفّی ۷۹۰) وقد الّف کتاب «الموافقات» لهذا الغرض، فبعد انّ جمع اقوال العلماء القدماء، تطرّق الی مسالتین جدیدتین فی دائرة المقاصد، احداهما ترتیب المقاصد، والاخری طرق الوصول الی هذه المقاصد وتحصیل اهداف الشریعة.
وبعد الشاطبی لم یهتمّ العلماء ولمدّة قرون عدیدة بهذا الموضوع، الی انّ ظهر فقیه آخر قبل قرن ونصف یدعی «ابن عاشور» (المتوفّی ۱۳۹۳) ومن خلال تالیف کتاب باسم «مقاصد الشریعة» احدث موجة جدیدة وحرکة مهمّة فی هذا الباب، والیوم یدور الحدیث کثیراً فی المحافل الفقهیة عن مقاصد الشریعة ویعتقد انّه المفتاح لحلّ الکثیر من المعضلات الفقهیة، والبعض یری فی هذا الموضوع علماً جدیداً یسمّیه علم «مقاصد الشریعة» او «الفقه المقاصد»(مثل: علّال الفاسی، مقاصد الشریعة الاسلامیة ومکارمها، محمّد بن سعدابن احمد بن مسعود الیوبی، مقاصد الشریعة الاسلامیة وعلاقتها بالادلّة الشرعیة، یوسف حامد العالم، المقاصد العامة للشریعة الاسلامیة.) الذی‌ یستمدّ مضمونه من کتب القدماء.
والآن کیف یحلّ اتباع المذهب الاشعری هذا التناقض، بانّ افعال اللَّه من جهة لا تحتاج الی ایّ غرض وهدف ومقصد، ولا فی دائرة التشریع ولا حتی فی دائرة التکوین، بل احیاناً یذهبون الی الحدیث عن بیان العلّة فی افعال اللَّه یساوق الشرک، کما تقدّم آنفاً، ولکنّهم من جهة اخری یبحثون بالتفصیل فی موضوع علل احکام الشرع، وحتی انّهم بداوا یطرحون علماً باسم مقاصد الشریعة، هذا هو ما ینبغی الجواب عنه‌.(یمکن الجواب عنه: «ما انکرت الاشاعرة من الغرض والهدف و تعلیل الاحکام کانت قبل جعل الشارع، ولا ینکر انّ للشارع ان یجعل سلسلة من الاصول الکلیة والاهداف کما یجعل الاحکام، مثلًا جعل الشارع اصول کحفظ الدین، وحفظ النفس، وحفظ العقل وما الی ذلک، ولاحظ کلّ ذلک فی الاهداف وجعل الاحکام، وعلیه یستطیع الفقیه مع ملاحظة هذه الاصول ان یکشف عن اصول الاحکام الجدیدة»).

۱.۲ - مدرسة أهل البيت وقبول مقاصد الشريعة

وطبعاً فانّ هذه المسالة مطروحة بشکل آخر بین اتباع مذهب اهل البیت علیهم السلام، فهؤلاء یرون وتبعاً للآیات القرآنیة الکثیرة وروایات اهل البیت (علیهم‌السّلام) انّه توجد مقاصد واهداف مهمّة لتشریع الاحکام، وکانوا یعتقدون بذلک منذ زمان ائمّة اهل البیت (علیهم‌السّلام) وکتبوا فی هذا الموضوع کتباً متعدّدة.
وبعد انّ نتجاوز هذه المقدّمة التاریخیة المختصرة نتوجّه نحو القائلین بهذه النظریة فی العصر الحاضر، حیث ذکروا المقاصد الاصلیة للشریعة بالاستفادة من کلام القدماء تحت ثلاثة عناوین:
۱. الضروریات، مثل حفظ النفس والمال والعقل و...
۲. الحاجیات مثل (المعاملات).
۳. التحسینیات (وهی الامور التی تعتبر من مکمّلات الحیاة مثل آداب الاکل والشرب وما الی ذلک).
ثمّ انّهم یستعرضون فی هذا الموضوع المقاصد الضروریة للشریعة ویضعونها فی خمسة امور:

۱.۲.۱ - القول برجوع الأحكام الضرورية الى حفظ الامور الضرورية الخمسة

۱. حفظ الدین، ۲. حفظ النفس، ۳. حفظ العقل، ۴. حفظ النسب، ۵. حفظ المال.
ویعتقد هؤلاء العلماء انّ جمیع الاحکام الشرعیة الضروریة الواردة فی القرآن الکریم[[]] والسنّة النبویة وقام علیها اجماع العلماء، ناظرة الی حفظ احد هذه الامور الضروریة، وینبغی البحث عن علل ومقاصد الاحکام من بدایة الفقه الی نهایته واستخدامها فی استنباط الاحکام الفقهیة، مثلًا بیّن انّ الجهاد انّما شرّع لغرض حفظ الدین، وشرّع القصاص لحفظ النفس، وحدّ شرب الخمر لغرض حفظ العقل، وحدّ الزنی لغرض حفظ النسب، وحدّ السرقة لحفظ الاموال.
وعندما تتبیّن لنا هذه المقاصد، یکون بامکاننا فتح باب لهذه المسائل التی لم ترد فی النصوص الاسلامیة.
وطبعاً فانّ هذه الاقسام الخمسة المذکورة اعلاه ناظرة فقط للضروریات ولا تشمل المعاملات والتی بدورها تشکّل قسماً مهمّاً من الفقه، کما انّها لا تشمل قسم العبادات المستحبّة والکثیرة من المسائل المتعلّقة بالاخلاق الاسلامیة التی ترسم طریق التکامل المعنوی للانسان وکیفیة الوصول للقرب الالهیّ، فهذه تدخل فی قسم التحکیمیات، ولا ینحصر تقسیم ضروریات الحیاة الی هذه الاقسام الخمسة بالغزالی وابن عاشور، بل وردت فی کلمات الکثیر من قدماء فقهاء الامامیة ومتاخریهم ایضاً، ومنهم:

۱.۲.۲ - القائلون برجوع الأحكام الضرورية الى حفظ الامور الضرورية الخمسة

۱. الشهید الاول (م ۷۸۶) فی «الشهيد الاول، القواعد والفوائد»، حیث یقول: الوسیلة الرابعة هو وصلة الی حفظ المقاصد الخمسة، وهی: النفس والدین والعقل والنسب والمال. وهی الضروریات الخمس‌.
۲. ابن ابی جمهور الاحسائی (م ۹۴۰) فی «الاقطاب الفقهیة» فی باب متعلّقات الحکم‌، حیث اشار الی هذا الموضوع ایضاً.
۳. الفاضل المقداد (م ۸۲۶) فی «التنقیح الرائع» لحفظ الشرائع یقول: انّ الشرائع جاءت لحفظ المقاصد الخمسة، وهی الدین والنفس والمال والنسب والعقل‌.
۴. صاحب الریاض (م ۱۲۳۱) حیث اشار فی کتاب «ریاض المسائل» فی باب حدّ الزنا الی هذا المطلب ایضاً.
[۴] الطباطبائي، السيد علي، ریاض المسائل، ج۵، ص۴۳۴.

۵. صاحب الجواهر (م ۱۲۲۶) حیث اشار ایضاً فی کتاب الحدود فی باب حدّ الزنا الی هذا الموضوع ایضاً.

۱.۲.۳ - عدم انحضار الضروريات بالأقسام الخمسة المذكورة

ولکن النقطة الجدیرة بالالتفات هی، اولًا: انّ مقاصد الشریعة لا تنحصر بالضروریات فقط، بل انّ القسم المهمّ من احکام الشرع ناظر الی الحاجیات، من قبیل انواع العقود والمعاملات، والقسم المهم الآخر یرتبط بالتحسینیات من قبیل القسم الاعظم من المستحبّات والمکروهات والاخلاقیات.
ثانیاً: انّ الضروریات بدورها لا تنحصر بهذه الاقسام الخمسة، وبالتالی یکون حصرها فیها یعتبر نوعاً من الاستقراء الناقص، وانّ حفظ العرض والحیثیة یعدّ احد المقاصد الضروریة للشریعة، وکذلک حفظ الامن فی مقابل المخاطر التی یعیشها الناس بسبب الاشرار والمفسدین فی الارض والمحاربین، حتّی لو لم یؤدّ ذلک الی قتل النفوس وجرح الاشخاص.
کما انّ حفظ البیئة المستفاد من الاحکام التی تتّصل بسدّ الطریق وعدم الاضرار فی الطرقات وحفظ المیاه وعدم الاسراف فی الاستفادة من المنابع الطبیعیة، یعتبر مقصداً آخر من مقاصد الشریعة، وعلی هذا الاساس تکون المقاصد الضروریة للشریعة ثمانیة مقاصد.
والمهمّ من ذلک کلّه ان نعرف کیفیة الوصول الی هذه المقاصد لیتسنّی لنا وضع الاحکام لاشباه ونظائر هذه الامور.

۱.۳ - طرق رئیسیة لفهم ومعرفة مقاصد الشرع في فقه أهل البيت ع

وفی فقه الامامیة هناک اربع طرق رئیسیة لفهم ومعرفة مقاصد الشرع وعلل تشریع الاحکام:

۱.۳.۱ - النصوص الشريعية المصرحة بتسریة الحکم الشرعی لموارد مشابهة له

۱. النصوص القرآنیة والروایات المعتبرة التی ورد فیها تسریة الحکم الشرعی لموارد مشابهة له، وهی فی اصطلاح فقهاء الامامیة «قیاس نصوص العلّة». مثلًا عندما یتحدّث القرآن الکریم فی آیات تحریم الخمر یقول: «اِنَّمَا یُرِیدُ الشَّیْطَانُ اَنْ یُوقِعَ بَیْنَکُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِی الْخَمْرِ وَالْمَیْسِرِ...» ، فیستفاد من ذلک انّ کلّ شی‌ء یؤدّی الی الوقوع فی مثل هذه النتائج والآثار فهو حرام فی الشریعة الاسلامیة، وعلی هذا الاساس فانّ جمیع اسباب وعوامل ایجاد البغضاء والعداوة بین الناس محکومة بالحرمة ایضاً.

۱.۳.۲ - الاستنباط العقلی القطعیّ لعلة الأحكام

۲. الاستنباط العقلی القطعیّ، الذی یعبّر عنه فی اصطلاح فقهاء الامامیة ب «قیاس مستنبط العلّة»، وهو فی موارد لم تذکر فیها النصوص من الکتاب والسنّة العلّة او الغرض بشکل صریح کما ورد فی الآیة الآنفة، ولکنّ العقل یستنبط هذه العلّة بشکل قطعیّ ویقینیّ.
سبیل المثال، حکم تحریم الخمر، فانّه یعنی الشراب المستخرج من العنب، ولکنّنا نعلم یقیناً انّه لا فرق بین الشراب المستخرج من العنب وبین سائر الاشربة والسوائل المسکرة الاخری المستخرجة من سائر الثمار او الحبوب، ونعلم انّ مقصد الشارع المقدّس فی ذلک هو حفظ العقول وحفظ النظم والامن الاجتماعی علی حدّ سواء، وعلی هذه الاساس یسری حکم الخمر فی جمیعها.

۱.۳.۳ - عن طريق قیاس الاولویة القطعیة

۳. الطریق الذی یطلق علیه «قیاس الاولویة القطعیة» مثلًا نعلم انّ القرآن الکریم بمقتضی قوله تعالی: «فَلَا تَقُلْ لَهُمَا اُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا»، لا یقبل بایّة اهانة فی حقّ الوالدین، فیمنع قطعاً السباب وتوجیه الکلمات البذئیة لهما، لانّ المقصد الاصلیّ فی هذا الحکم یتمثّل فی حفظ احترام الوالدین، ومعلوم انّ السبّ والشتم یؤذی الوالدین اکثر من کلمة اف.

۱.۳.۴ - عن طريق تنقیح المناط

۴. الطریق الذی نسمّیه ب «الغاء الخصوصیة» او «تنقیح المناط»، مثلًا فی الروایة المعروفة عن النبی الاکرم صلی الله علیه و آله‌ «اَنَّهُ خَرَجَ حَاجّاً فَنَظَرَ الی‌ امْراَةٍ تَمْشِی بَیْنَ الابِلِ، فقال: مَنْ هذِهِ؟ فقالوا: اخْتُ عُقْبَةَ بنِ عَامِر، نَذَرَتْ انْ تَمْشِی الی‌ مکّةَ حَافِیَةً، فقال رسولُ اللَّه صلی الله علیه و آله: یا عُقْبَةُ انْطَلِقْ الی‌ اخْتِکَ فَمُرْهَا فَلْتَرْکَبْ، فانَّ اللَّهَ غَنِیٌّ عَن مَشْیِها وحَفَاها، قال: فَرَکِبَتْ». ومعلوم انّ هذا الحدیث ورد فی مورد امراة سارت من المدینة الی مکّة مشیاً علی الاقدام وهی حافیة، وکان الطریق والمسیر شاقّاً علیها، وخاصّة مع کثرة الدوابّ والابل فی هذا الطریق، ولذلک حکم النبیّ الاکرم (صلی‌الله‌علیه‌و‌آله‌وسلّم) بابطال نذرها، ولکنّنا نعلم یقیناً انّ هذا الحکم یجری ایضاً فیما لو کانت امراة اخری غیر اخت عقبة، بل حتّی لو کان رجلًا یعیش فی نفس هذه الظروف فانّه بدوره یقع مشمولًا لهذا الحکم ایضاً، وعلی هذا الاساس ومن خلال العثور علی القرائن القطعیة لموضوع هذا الحکم، یکون بامکاننا تعمیم هذا الحکم الی موارد اخری، ومثل هذا الحکم فی سائر ابواب الفقه الاسلامی لیس بالقلیل.
وربّما لا یرد الکلام هنا عن فلسفة الحکم، بل عن بعض الفروع والملحقات للموضوع حیث یتمّ حذفها من خلال فهم العرف واستخراج الحکم الکلّی منها فبذلک نجد حلّاً للکثیر من المشکلات الفقهیة، ومن حیث النتیجة فانّ هذه المسالة تساوق مسالة تحصیل مقاصد الحکم، ولهذا السبب یکون بامکاننا الحاق هذا المورد بطرق کشف المقاصد. النتیجة: ممّا تقدّم یتبیّن الجواب عن السؤال المطروح فی بدایة البحث (هل یمکن حلّ مسائل ما لا نصّ فیه من خلال طریق مقاصد الشریعة؟) والجواب بالایجاب، یعنی نستطیع من خلال التوصّل لمقاصد الشریعة حلّ الکثیر من المسائل المستحدثة، بشرط ان تکون تدخل ضمن الطرق الاربعة المذکورة.
ومن المعلوم ایضاً ان هذا الطریق لا یعتبر طریقاً جدیداً فی الفقه کما یطرح ذلک بعض علماء اهل السنّة فی العصر الحاضر، بل هو طریق استخدمه فقهاء الامامیة طیلة تاریخ الاستنباط الفقهی لغرض فکّ العقد وفتح الابواب الموصدة فی الفقه، ولکن لا یمکن انکار أنّ هذه المسألة قد أخذت طابعاً جديداً، واللافت أنّ هذا الطريق يختلف عن طريق التمسّك بإطلاقات وعمومات الأدلّة اللفظية أو تطبيق العناوين الثانوية التي يستفاد منها لحلّ المسائل المستحدثة.
ويستفاد من مجموع ما تقدّم من البحث في مجال مقاصد الشريعة، ما يلي:

۱.۴ - خلاصة البحث

۱. إنّ فقهاء وأتباع مذهب الأشاعرة لم يتحدّثوا في القرون السالفة عن مقاصد الشريعة، ولكن بسبب المضائق الفقهية والمسائل المستحدثة الكثيرة؛ اضطرّوا لفتح باب هذا العلم، ولغرض الدفاع عن هجوم المخالفين نسبوا بداية هذا العلم للغزال والشاطبي وفي العصور المتأخّرة إلى ابن عاشور، مع الالتفات إلى وجود جذور هذه المسألة في كلمات القدماء.
۲. إنّ فقهاء الإمامية كانوا على علمٍ بمواضيع ومسائل هذا العلم منذ القرون الاولى للإسلام بسبب اعتقادهم بفلسفة وعلل الأحكام الشرعية، رغم أنّهم لم يذكروا هذا العلم بهذا العنوان.
۳. إنّ علم المقاصد في الحقيقة يمثّل مجموعة من المنابع الفقهية التي تزيح الستار عن مقاصد الشريعة والتي تتوفر في الأصل تحت عنوان قياس منصوص العلّة، مستنبط العلّة القطعيّة، قياس الأولوية، إلغاء الخصوصية وتنقيح المناط القطعي، ومن خلال الاستناد على‌ هذه المنابع فقط يمكننا كشف الأحكام الشرعية فيما لا نصّ فيه.
۴. إنّ مقاصد الشريعة لا تنحصر في الأمور الخمسة التي ذكرها جماعة فقهاء الشيعة وأهل السنّة، بل مضافاً إلى حفظ الدين والعقل والنفس والمال والنسب، هناك ثلاثة عناوين أخرى، وهي حفظ الحيثية، حفظ الأمن الاجتماعي، حفظ البيئة.
۵. إنّ فقهاء الإمامية وطبقاً لأصل عدم حجّية الظنّ المطلق كانوا يتجتنّبون أيّ استفادة من الظنّ المطلق في علم المقاصد، ولكن ربّما كان لدى الفقهاء الآخرين مبنىً آخر يختلف عن هذا المبنى في مثل هذه المسائل.
وفي الختام نلفت النظر إلى هذه النقطة الضرورية، وهي أنّ القرائن تشير إلى أنّ علم مقاصد الشريعة يمكن أن يؤدّي في المستقبل إلى الفوضى الفقهية ويسوق الفقه باتّجاه السياقات العرفية بحجّة «مقاصد الشريعة» يجري تغيير الأحكام الفقهية الثابتة وبالتالي تتعرّض أصالة الفقه الإسلاميّ للخطر من قِبل البعض، نأمل أن يلتفت الفقهاء الكبار لهذه النقطة للمنع من استغلال هذه البحوث المتعلّقة بمقاصد الشريعة.


۱. الشهيد الاول، القواعد والفوائد، ج۱، ص۳۶.    
۲. ابن ابي الجمهور، محمد علي، الاقطاب، ص۴۵.    
۳. فاضل المقداد، جمال الدين، التنقیح الرائع، ج۱، ص۱۵.    
۴. الطباطبائي، السيد علي، ریاض المسائل، ج۵، ص۴۳۴.
۵. الجواهر، محمد حسن، جواهر الکلام، ج۴۱، ص۲۵۸.    
۶. نساء/سوره۴، آیه۹۱.    
۷. اسراء/سوره۱۷، آیه۲۳.    
۸. الطوسي، محمد بن الحسن، تهذیب الاحکام، ج۵، ص۱۴، ح ۳۷.    



موسوعة الفقه الاسلامي المقارن المأخوذ من عنوان «مقاصد الشريعة» ج۱، ص۳۸۶-۳۹۵.    






جعبه ابزار