إِسْتَوى (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
إِسْتَوى: (ثُمَّ اسْتَوَی) «استوى» من
«استواء» و تعني الاعتدال أو مساواة شيئين ببعضهما، و لكن ذهب علماء
اللغة و
التّفسير إلى أنّ هذه الكلمة عند ما تتعدّى ب «على» يصبح معناها الاستيلاء و التسلّط على شيء ما.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«إِسْتَوى» نذكر أهمها في ما يلي:
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) قال
العلامة الطباطبائي فی
تفسیر المیزان: وكون
الكلام واقعا موقع بيان النعم لتمام الامتنان يعطي أن يكون الاستواء إلى السماء لاجل الانسان فيكون تسويتها سبعا أيضا لاجله، وعليك بزيادة التدبر فيه. فذاك الذي ذكرناه من صراط
الانسان في مسير وجوده، وهذا الذي ذكرناه من شعاع عمله في تصرفاته في عالم الكون هو الذي يذكره سبحانه من العالم الانساني ومن أين يبتدي وإلى أين ينتهي. غير أن
القرآن كما يعد مبدأ حيوته الدنيوية آخذة في الشروع من الطبيعة الكونية ومرتبطة بها (أحيانا) كذلك يربطها بالرب تعالى وتقدس.
قال
الطبرسي فی
تفسیر مجمع البیان:
(ثُمَّ اِسْتَوىََ إِلَى اَلسَّمََاءِ) فيه وجوه؛
(أحدها) أن معناه قصد للسماء و لتسويتها كقول القائل كان الأمير يدبر أمر الشام ثم استوى إلى أهل الحجاز أي تحول تدبيره و فعله إليهم
(و ثانيها) أنه بمعنى استولى على السماء بالقهر كما قال
(لِتَسْتَوُوا عَلىََ ظُهُورِهِ) أي تقهروه و منه قوله
(وَ لَمََّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اِسْتَوىََ) أي تمكن من أمره و قهر هواه بعقله فعلى هذا يكون معناه ثم استوى إلى السماء في تفرده بملكها و لم يجعلها كالأرض ملكا لخلقه.
(و ثالثها) أن معناه ثم استوى أمره و صعد إلى السماء لأن أوامره و قضاياه تنزل من السماء إلى الأرض عن
ابن عباس(و رابعها) ما روي عن
ثعلب أحمد بن يحيى أنه سئل عن معنى الاستواء في صفة
الله عزوجل فقال الاستواء الإقبال على الشيء يقال كان فلان مقبلا على فلان
[۱۱] ثم استوى علي و إلي يكلمني على معنى أقبل إلي و علي فهذا معنى قوله
(ثُمَّ اِسْتَوىََ إِلَى اَلسَّمََاءِ) و قوله
(فَسَوََّاهُنَّ سَبْعَ سَمََاوََاتٍ) التسوية جعل الشيئين أو الأشياء على استواء يقال سويت الشيئين فاستويا و إنما قال
(فَسَوََّاهُنَّ) فجمع الضمير العائد إلى السماء لأن السماء اسم جنس يدل على القليل و الكثير كقولهم أهلك
الناس الدينار و الدرهم و قيل السماء جمع سماوة و سماءة و لذلك يؤنث مرة و يذكر أخرى فقيل.
(وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَ عِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان:
بلوغ الأشد أن يعمر الإنسان ما تشتد عند ذلك قواه ويكون في الغالب في الثمان عشرة، والاستواء الاعتدال والاستقرار فالاستواء في الحياة استقرار الإنسان في أمر حياته ويختلف في الأفراد وهو على الأغلب بعد بلوغ الأشد، وقد تقدم الكلام في معنى
الحكم و
العلم وإيتائهما ومعنى
الإحسان في مواضع من الكتاب.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(وَ اِسْتَوىََ) أي بلغ أربعين سنة عن
مجاهد،
قتادة و ابن عباس.
(ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَ هِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَ لِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) قال العلامة الطباطبائي فی تفسیر المیزان: الاستواء ـ على ما ذكره
الراغب ـ إذا عدي بعلى أفاد معنى الاستيلاء نحو
(الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)،
وإذا عدي بإلى أفاد معنى الانتهاء إليه. وأيضا في المفردات، أن الكره بفتح الكاف المشتقة التي تنال الإنسان من خارج فيما يحمل عليه بإكراه، والكره بضم الكاف ما تناله من ذاته وهو يعافه. فقوله:
(ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) أي توجه إليها وقصدها بالخلق دون القصد المكاني الذي لا يتم إلا بانتقال القاصد من مكان إلى مكان ومن جهة إلى جهة لتنزهه تعالى على ذلك.
قال الطبرسي فی تفسیر مجمع البیان:
(ثُمَّ اِسْتَوىََ إِلَى اَلسَّمََاءِ وَ هِيَ دُخََانٌ) أي ثم قصد إلى خلق السماءو كانت السماء دخانا و قال ابن عباس كانت بخار الأرض و أصل الاستواء الاستقامة و القصد للتدبير المستقيم تسوية له و قيل معناه ثم استوى أمره إلى السماء عن
الحسن.
(ثُمَّ اِسْتَوىََ إِلَى اَلسَّمََاءِ ) يفيد أنه خلق السماء بعد الأرض و خلق الأقوات فيها و قال سبحانه في موضع آخر.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.