العمد في قصاص النفس
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ويتحقق العمد
بالقصد إلى القتل بما يقتل ولو نادرا، أو
القتل بما يقتل غالبا وإن لم يقصد القتل.
ويتحقّق العمد بالقصد إلى القتل بما يقتل ولو نادراً إذا اتفق القتل به، كما هنا وفي
الشرائع، وكتب
الفاضل، ومحتمل
السرائر، وصريح
الفاضل المقداد في
الكنز وشرح الكتاب، وعن
ابن حمزة، وهو ظاهر
الغنية نافياً الخلاف عنه، وعليه شيخنا
الشهيد الثاني في كتابيه، وغيره من المتأخّرين
، ولعلّه عليه عامّتهم، بل لم أجد الخلاف فيه وإن نقلوه.
نعم ظاهر
اللمعة التردّد فيه، حيث نسب ما في العبارة إلى القيل، مشعراً بتمريضه، أو متردّداً فيه، ولعلّه ينشأ: من أنّ العمد يتحقق بقصد القتل لغةً وعرفاً من غير نظر إلى الآلة، فيدخل في عموم أدلّة العمد.
مضافاً إلى ظاهر المعتبرة المستفيضة، منها
الصحيح: «إنّ العمد كلّ من اعتمد شيئاً فأصابه بحديدة، أو بحجر، أو بعصاً، أو بوكزة، فهذا كلّه عمد، والخطأ من اعتمد شيئاً فأصاب غيره»
.
وقريب منه الصحيح الآخر: «إنّ من عندنا ليقيدون بالوكزة، وإنّما
الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره»
.
والمرسل كالصحيح
بابن أبي عمير، عن
جميل بن دراج: «قتل العمد كلّ ما عمد به الضرب ففيه
القود، وإنّما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره»
.
ونحوه
المرسل الآخر المروي عن
تفسير العياشي: «كلما أُريد به ففيه القود، وإنّما الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره»
.
ونحوه الخبر الآخر المروي عنه أيضاً
إلى غير ذلك من الأخبار الدالّة على القول الأول عموماً، بل ظهوراً في بعضها.
ومن الاحتياط، وأنّه لمّا لم يكن الآلة مما يقتل عادةً فمجامعة
القصد معها كالقصد بلا ضرب.
مضافاً إلى المعتبرة الأُخر المستفيضة، منها زيادةً على
النصوص الدالّة على عدم العمد بضرب الرجل بالعصا أو الحجر بضربة واحدة فمات بها قبل أن يتكلم
الموثق: أرمي الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله، قال: «هذا خطأ إلى أن قال: والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله»
.
والصحيح والمرسل: «الخطأ شبه العمد أن يقتل بالسيف أو بالعصا أو بالحجارة، إنّ
دية ذلك تغلظ، وهي مائة من
الإبل»
.
مع إمكان الجواب عن النصوص المتقدمة بحمل العمد فيها على ما يشمل شبه العمد؛ لمقابلته بالخطإ المحض.
وفيه: أنّه معارض بإمكان حمل الأخبار الأخيرة على صورة عدم القصد إلى
القتل، كما هو الغالب في الضرب بما لا يقتل إلاّ نادراً، مع ضعف الشاهد على الحمل الأوّل بتضمن جملة منها التصريح بالقود في العمد، وهو لا يجامع حمله على شبه العمد، أو ما يعمّه، هذا.
مع أنه لا داعي إلى هذا الحمل سوى
الاحتياط الغير اللازم مراعاته بعد قيام الدليل من العمومات والنصوص الصحيحة الظاهرة على خلافه، والتعليل بعده في غاية من الضعف، سيّما في مقابلتها.
والنصوص المعارضة مع ضعف دلالتها جملةً كما عرفته أكثرها ضعيفة
السند، والمعتبرة منها بحسبه غير مكافئة للأدلّة من وجوه عديدة، مع مخالفة الصحيح منها وما في معناه للإجماع ظاهراً؛ لجعلهما القتل بالسيف من قسم شبه العمد مطلقاً، ولا قائل به مطلقاً ولو لم يقصد القتل به؛ لكونه ممّا يقتل غالباً، ولا خلاف بينهم في أنّ القتل بمثله عمد مطلقاً، كما أشار إليه
الماتن بقوله:
أو القتل بما يقتل غالباً فإنّه عمد وإن لم يقصد القتل بل قصد الفعل خاصّة، ويفهم من الغنية
دعوى
الإجماع عليه.
ويعضده المعتبرة المستفيضة، منها الصحيح: عن رجل ضرب رجلاً بعصا فلم يرفع عنه حتى قتل، أيدفع إلى أولياء المقتول؟ قال: «نعم، ولكن لا يترك يعبث به، ولكن يجاز عليه»
وبمعناه غيره
، وفيها الصحيح أيضاً وغيره.
وهي كما ترى عامّة لصورتي قصد القتل بذلك الضرب وعدمه، من حيث ترك الاستفصال، ولا ريب أنّ مثل الضرب الواقع فيها ممّا يقتل غالباً.
وعلّل مع ذلك بأنّ القصد إلى الفعل حينئذٍ كالقصد إلى القتل. وهو حسن، وبموجب ذلك يترجّح القول الأوّل.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۱۸۲-۱۸۶.