دية الكلب
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
الدية في
كلب الصيد أربعون درهما، وفي رواية
السكوني: يقوم، وكذا كلب الغنم وكلب الحائط، والأول أشهر؛ وفي
كلب الغنم كبش، وقيل: عشرون درهما، وكذا قيل في
كلب الحائط، ولا أعرف الوجه؛ وفي
كلب الزرع قفيز من بر؛ ولا يضمن
المسلم ما عدا ذلك.
ففي
كلب الصيد مطلقا أربعون درهماً على الأشهر الأقوى؛ للنصوص المستفيضة، ففي الخبرين، المروي أحدهما في
الفقيه مرسلاً
، وثانيهما عن
الخصال مسنداً بطريق حسن: «دية كلب الصيد أربعون درهماً»
.
وفي آخرين، أحدهما
الموثق: «دية الكلب السلوقي أربعون درهما»
وبإطلاقهما أفتى
الشيخ في
النهاية.
ويحتملان ككلامه
التقييد بالمعلّم منه للصيد، كما صرّح به
المفيد وغيره
، ونزّل عليه عبارته في
السرائر فقال: وإنّما أطلق ذلك؛ لأنّ العادة والعرف أنّ الكلب السلوقي الغالب عليه أنّه يصطاد، والسلوقي منسوب إلى سلوق قرية
باليمن. انتهى.
وهو الظاهر من الأصحاب، حيث لم ينقلوا الخلاف عنه في ذلك، بل أنّما نقلوا الخلاف عنه وعن المفيد
والقاضي وابن حمزة من حيث التقييد بالسلوقي خاصّة
، قال
الماتن في
الشرائع: ومن الناس من خصّه بالسلوقي وقوفاً على صورة الرواية
.
وفي عبارته هذه إشعار بما مرّ من فهمه من الرواية وكلام الشيخ وغيره كلب الصيد لا مطلق السلوقي، وكأنّه ; لم يقف على الخبرين الأوّلين، وإلاّ فصورتهما مطلق كلب الصيد من دون تقييد فيهما بالسلوقي، بل إنّما هو في الخبرين الأخيرين.
وفي رواية النوفلي عن السكوني عن
أبي عبد الله (علیهالسّلام) قال: «قال
أمير المؤمنين (علیهالسّلام) فيمن قتل كلب الصيد، قال: يقوّم وكذلك البازي وكذلك كلب الغنم وكذلك كلب الحائط
.
وأفتى بها
الإسكافي، إلاّ أنّه قال: لا يتجاوز بالقيمة أربعين درهماً
. وكأنّه جمع به بين الأخبار، واستحسنه في المختلف
.
وهو ضعيف؛ لقصور
سند الرواية، وإن وافقت الأصل العام بلزوم القيمة فيما لم يرد به تقدير في
الشريعة؛ لتوقّف ذلك على ردّ الروايات الأوّلة التي هي مع استفاضتها واشتهارها جملة منها معتبرة، وهو ضعيف في الغاية، سيّما مع رفع اليد عن الأصل بها في الجملة اتفاقاً.
وبموجب ذلك يتعيّن القول الأوّل مع كونه كما عرفت أشهر بل لعلّه عليه عامّة من تأخّر.
وفي
كلب الغنم كبش كما هنا وفي الشرائع
والتحرير والقواعد واللمعتين والمسالك
، وعزي فيه إلى الأكثر؛ للخبر
. وفي سنده ضعف.
وقيل والقائل
الصدوق والشيخان
والديلمي والقاضي
والحلّي، والظاهر أنّه المشهور، كما صرّح به في الشرائع والتحرير
وغيرهما
: فيه عشرون درهماً وهو أقوى؛ للمرسل
المنجبر ضعفه بالشهرة الظاهرة والمحكية.
وللفاضل هنا قولان آخران، أحدهما لزوم القيمة، اختاره في
المختلف؛ للأصل العام بناءً على ضعف الخبرين؛ وللقويّة المتقدّمة.
وهو حسن لولا الرواية المنجبرة المترجّحة بذلك على الأصل والقوية.
وثانيهما التخيير بين الخبرين الأوّلين، اختاره في
الإرشاد.
ولا وجه له سوى الجمع بينهما، وهو في الحقيقة اطراح لهما بعد عدم شاهد عليه أصلاً، مع رجحان ما اخترناه منهما بما مضى.
وكذا قيل أي بالعشرين درهماً في
كلب الحائط أي البستان، ويحتمل الشمول للدار ولا أعرف الوجه فيه، وبه اعترف جماعة
، لكنّه مشهور شهرة عظيمة على الظاهر، المصرّح به في كلام جماعة
، فإن بلغت
الإجماع، وإلاّ فالقول بالقيمة في غاية القوّة؛ للأصل العام المؤيّد بالقوية المتقدّمة، ومال إليه من المتأخّرين جماعة
، بل صرّح به
شيخنا في
الروضة.
وللصدوق
قول آخر في المسألة. وهو أنّ فيه زنبيلاً من تراب؛ للمرسل: «ودية الكلب الذي ليس للصيد ولا للماشية زنبيل من تراب، على القاتل أن يعطي وعلى صاحبه أن يقبل»
.
وقريب منه ما يحكى عن الإسكافي من أنّ دية الكلب الأهلي زنبيل من تراب
.
وفي
كلب الزرع قفيز من برّ في المشهور على الظاهر، المصرّح به في بعض العبائر
، بل في
التنقيح: لم نعرف قائلاً بغير ما ذكر المصنّف
.
مع أنّه حكي عن
الصدوق ما مرّ
، وهو يعطي الخلاف فيه، كالمرسل، ويوافقهم ما يحكى عن
المفيد هنا.
وفي
الخبر: «ودية كلب الزرع جريب من برّ»
.
وربما استدل به للأكثر
. وفيه نظر؛ لعدم معلومية توافق مقدار الجريب مع القفيز، بل عن
الأزهري أنّه أربعة أقفزة
، ويستفاد من
مجمع البحرين أنّه عشرة أقفزة
، والقفيز ثمانية مكاكيك، والمَكّوك ثلاث كيلجات، والكيلجة مَنا وسبعة أثمان مَنا، والمَنا: رطلان، كما عن
الصحاح.
ولا يضمن
المسلم ما عدا ذلك من الكلاب، بل مطلق ما لا يملكه المسلم، على الأظهر الأشهر، بل عليه عامّة من تأخّر؛ للأصل، مع عدم الملكية الموجب لعدم صدق الضرر الذي هو الأصل في إيجاب
الضمان في نحو المقام.
وما دلّ على وجوب قفيز أو زنبيل من تراب في بعض الكلاب من
النص والفتوى لعلّه محمول على إرادة الكناية عن عدم الدية لا وجوبه البتّة، وإلاّ لكان لزوم دفعه وقبوله خالياً عن الفائدة، مضافاً إلى ندرة الفتوى، وقصور سند الرواية.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۶، ص۵۵۲-۵۵۷. الفئات في هذه الصفحة :
الدية