وقت نافلة العصر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(و) وقت (نافلة العصر) مما بعد الظهر (إلى) أن يزيد الفيء (أربعة أقدام) على الأشهر، كما صرّح به جمع ممن تأخّر،
للمعتبرة المستفيضة التي كادت تبلغ
التواتر ، ففي الصحيح : «إنّ حائط مسجد
رسول الله صلى الله وعليه وآله كان قامة، وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظهر، وإذا مضى من فيئه ذراعان صلّى العصر، ثمَّ قال : «أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟» قلت : لم جعل ذلك؟ قال : «لمكان
النافلة ، لك أن تتنفّل من زوال
الشمس إلى أن يمضي ذراع، فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة».
وصدره قد تضمن القدمين والأربعة أقدام وأنّهما والذراع والذراعين بمعنى واحد، كما صرّح به الأصحاب، وجملة من النصوص،
ولذا جمع
الإسكافي بينهما.
خلافا للحلي وجماعة،
فقالوا
بالامتداد إلى المثل في الاولى والمثلين في الثانية، إمّا مطلقا، أو مستثنى منهما مقدار الفرضين.واستدل عليه تارة : بالصحيحة المتقدمة بناء على أن حائط المسجد كان ذراعا، لتفسير القامة به في النصوص.
وفيها ضعف سندا بل ودلالة، لعدم تفسيرها القامة في الصحيحة بذلك، بل مطلق القامة، وعليه نبّه الشهيد ; في الذكرى.
ويحتمل أن يكون المراد بالقامة المفسّرة به القامة التي وردت وقتا للظهر والعصر في نحو الصحيح : عن وقت الظهر والعصر؟ فكتب : «قامة للظهر وقامة للعصر».
ويكون محصّله التنبيه على أنّ وقت الظهر من بعد الزوال إلى أن يرجع الفيء ذراعا، أي سبعي الشاخص، كما عليه المفيد.
وبالجملة : ليس في تلك النصوص أنّ قامة حائط المسجد كان ذراعا، بل يحتمل أنّ القامة التي وردت أنّها من فيء الزوال للظهر وضعفها للعصر كان ذراعا، وإذا جاء
الاحتمال فسد
الاستدلال .
وينبغي الرجوع في تفسير القامة المطلقة إلى ما هو المتبادر منها عند
الإطلاق عرفا وعادة من قامة الشاخص الإنساني، وبه صرّح أيضا في الرضوي، وفيه : «إنّما سمّي ظل القامة قامة لأنّ حائط مسجد رسول الله صلى الله وعليه وآله كان قامة
إنسان ».
وهو معارض صريح لتلك الأخبار وأقوى منها سندا، فيتعين حمل الصحيح السابق عليه، سيّما مع شهادة سياقه عليه، وتأيّده بظاهر الموثق : عن صلاة الظهر، قال : «إذا كان الفيء ذراعا» قلت : ذراعا من أيّ شيء؟ قال : «ذراعا من فيئك» الخبر.
واخرى : بالمعتبرة المستفيضة الدالّة على أنّ لكلّ من الصلاتين سبحة بين يديها طولت أو قصرت،
من دون تعيين مقدار لها أصلا من نحو الذراع والذراعين والقدمين والأربعة أقدام، بل ظاهر بعضها عدم
اعتبار هذه المقادير أصلا، ففي الصحيح : كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام :روي عن آبائك القدم والقدمين والأربع، والقامة والقامتين، وظل مثلك، والذراع والذراعين، فكتب عليه السلام : «لا القدم ولا القدمين، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة، وهي ثمان ركعات، إن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت، ثمَّ صل الظهر، فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة، وهي ثمان ركعات، فإن شئت طوّلت وإن شئت قصّرت، ثمَّ صلّ العصر».
وقريب منه الصحيح الآخر.
وفيه نظر، لعدم
إشعار فيها بالتحديد بالمثل والمثلين كما هو المدّعى، بل ظاهرها (سيما الصحيح الأول) تجويز فعل نافلة الفريضتين ولو بعدهما، ولم يقل به أحد إلّا النادر وهو الحلبي فيما حكي عنه، حيث قال بامتداد وقت نوافل كل فريضة
بامتداد وقتها.
ومع ذلك فهي قاصرة عن المقاومة للنصوص المستفيضة القريبة من التواتر، المانعة من النافلة عموما في جملة منها وافرة،
وخصوصا في أخرى كذلك،
ومنها الصحيحة المتقدمة المتضمنة لقوله عليه السلام : «أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟». ونحوها أخبار كثيرة.فإذا : مختار الأكثر أظهر، ومع ذلك فهو أحوط، وإن كان القول الثاني ليس بذلك البعيد، لظاهر الموثق : «إذا كان ظلك مثلك فصلّ الظهر، وإذا كان ظلك مثليك فصلّ العصر»
بناء على أنّ
الأمر بتأخير الفرضين إلى المثل والمثلين ليس إلّا لأجل نافلتهما. فتأمّل جدّاً.
رياض المسائل، ج۲، ص۱۸۶-۱۹۰.