• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

إباحة التملك بعوض

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



من موارد الإباحة المعوّضة المتعارفة أن يبيح المالك تملّك ماله للغير بعوض كما في وضع الطعام أو المتاع في أمكنة عامّة لمن يريده بشرط وضع ثمنه المسمّى والمعيّن عنده، نظير وضع الأجهزة المتعارفة اليوم لأخذ بعض الأغذية والأشربة المنصوبة في المحلّات العامّة بدفع ثمنها في الموضع المعيّن في الجهاز.وهذا النحو من المعاملة المتعارفة والمعهودة كثيراً اليوم قد يخرَّج على أساس أنّه نحو معاطاة ومبادلة بين المالين بالفعل والوضع المخصوص خارجاً، فيكون بيعاً، فيشترط فيه شروطه لا محالة.
وقد يخرّج على أساس أنّها من باب إباحة التملّك بالعوض؛ ولعلّه الأظهر حيث لا يشترط فيه شروط البيع بل لا توجّه إلى إنشاء مضمون البيع عادة، وعندئذٍ ينفتح بحث عن صحّة ذلك وكيفيّة تخريجه؛ لأنّ الإباحة لا تستلزم الملك، فكيف يحصل التمليك بها، مع وضوح أنّ انتقال الملك بحاجة إلى سبب ناقل والإباحة ليست من أسباب انتقال الملك؟! ويمكن أن يجاب على ذلك: بأنّ السبب الموجب للملك هنا ليس هو الإباحة، بل الأخذ وحيازة المال بقصد التملّك في طول إباحة المالك وإذنه بذلك.
وتوضيح ذلك: أنّ الحيازة بقصد التملّك في الأموال المباحة لا إشكال في كونها من أسباب الملك عقلائيّاً، وقد أمضاه الشارع، بل ادّعى بعض الفقهاء دلالة بعض النصوص عليه، وهي معتبرة السكوني عن أبي عبد اللَّه عليه السلام «أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال في رجل أبصر طيراً فتبعه حتى وقع على شجرة، فجاء رجل فأخذه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: للعين ما رأت، ولليد ما أخذت». وهذه السببيّة للحيازة والأخذ عند العقلاء لا تختصّ بالمباحات الأوّلية، بل هي أعمّ من ذلك، فتعمّ تمام موارد عدم وجود حقّ للآخرين في المال المحوز، وهذا يكون في موارد ثلاث:
۱- المباحات الأوّليّة.
۲- المال المعرض عنه صاحبه.
۳- المال الذي يأذن صاحبه بأخذه على وجه التملّك.
فالحاصل: لا قصور في اقتضاء الحيازة والأخذ بقصد التملّك للسببيّة، وإنّما يمنع عنه حقّ الآخرين سواء كان حقّاً لشخص حقيقي أو حقوقي، فإذا لم يكن المال المأخوذ بقصد التملّك متعلّقاً لحقّ الآخرين أو كان ولكن صاحبه أذن في ذلك ورضي به- والذي هو بمثابة إسقاط حقّه أو إعراضه عنه- كانت السببيّة تامّة ومؤثّرة، وهذا التعميم والتحليل لملاك سببيّة الحيازة بقصد التملّك للملكية لو جزمنا بها عقلائيّاً أو استظهرناه من بعض التطبيقات الفقهيّة اتّجه تخريج المعاملة المعهودة على أساس كونها إباحة وإذناً في الأخذ والتملّك مجّاناً أو على وجه الضمان للقيمة أو للمسمّى أو معلّقاً على تمليكهما.
فهذا التمليك لا يكون على أساس العقد أو الشرط، بل على أساس الفعل التكويني، وهو الأخذ والحيازة بقصد التملّك بعد إباحة المالك ذلك، فلا يشترط فيه شي‌ء من شروط المعاوضة أو العقد، ولا تجري عليه أحكامها من اللزوم والجواز والخيار ونحو ذلك.وعلى أساس هذا التخريج يمكن أيضاً حلّ الإشكالات المذكورة عندهم في بحث المعاطاة بناءً على إفادتها للإباحة المطلقة بالنسبة للتصرّفات المتوقّفة على الملك كالوطئ أو البيع والعتق لنفسه، فإنّها يمكن أن تكون من الإباحة في التملّك بالأخذ، فلا حاجة إلى التأويلات التي ذكرها الفقهاء في ذلك البحث، راجع مصطلح (معاطاة).



 
۱. الوسائل، ج۱۶، ص۲۹۷، ب ۳۸ من الصيد، ح ۱.    




الموسوعة الفقهية، ج۲، ص۱۸۰-۱۸۲.    



جعبه ابزار