إتقان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هو
الإحكام و
الإصلاح في العمل.
الإتقان- وزان
إفعال - من أتقن، معناه:
الإصلاح وقيل:
الإحكام .
والفرق بينهما: أنّ الإتقان يعرض الشيء بعد وجوده، والإحكام
إيجاده محكماً.
قال:
أبو هلال : «أصله من التِّقْن: وهو
الترنوق الذي يكون في المسيل أو البئر، وهو الطين المختلط بالحمأة يؤخذ فيصلح به التأسيس وغيره فيسدّ خلله ويصلحه فيقال: أتقنه إذا طلاه بالتِّقْن، ثمّ استعمل فيما يصحّ معرفته فيقال: أتقنتُ كذا أي عرفته صحيحاً، كأنّه لم يدع فيه خِلّة».
لكن
ابن فارس قال: «تقن، التاء والقاف والنون أصلان. أحدهما: إحكام الشيء، والثاني: الطين والحمأة.
فالقول الأوّل أتقنتُ الشيء أحكمتُه، ورجل تقِن: حاذق...وأمّا
الحمأة والطين فيقال: تقنوا أرضهم إذا أصلحوها بذلك، وذلك من التِّقن».
وعن
أبي منصور أنّه قال: «
الأصل في التِّقن ابن تِقْن- وهو
اسم رجل كان جيِّد الرمي يضرب به المثل- ثمّ قيل لكلِّ حاذق بالأشياء: تِقْن، ومنه يقال: أتقن فلان عمله إذا أحكمه».
ولا يوجد لدى الفقهاء
اصطلاح خاص بلفظ إتقان، فإنّهم استعملوه بما له من معنى في اللغة.
إتقان العامل لعمله
أمر ممدوح للعقل، مطلوب للشرع، بل قد نُدب إليه في بعض الروايات:
منها: رواية
ابن القدّاح عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام - في حديث- قال: «لمّا مات
إبراهيم ابن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم رأى
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في قبره خللًا فسوّاه بيده ثمّ قال: إذا عمِل أحدُكم عملًا فليتقن...».
ورواية
عبد اللَّه بن سنان عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في حديث: «انّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزل حتى لحد
سعد بن معاذ وسوّى اللبن عليه... فلمّا أن فرغ وحثا التراب عليه وسوّى قبره قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّي لأعلم أنّه سيُبلى، ويصل إليه البلاء، ولكن اللَّه يُحبُّ عبداً إذا عمل عملًا أحكمه».
لكنّا لم نعثر في كتب الفقهاء على من تعرّض لحكم كلّي الاتقان وإن ذكروا أحكاماً تتعلّق باتقان بعض الأفعال، وهي عدّة:
لا يصح ائتمام المتقن للقراءة بغير المتقن لها، سواء كان عدم اتقانه للحنٍ أو جهل بمخارج الحروف أو آفة في اللسان
كالألثغ ، (هو الذي يتحوّل لسانه من السين إلى الثاء. )
و
الأليغ »، و
التمتام ، (هو الذي يتردد في التاء. )
و
الفافاء (هو الذي يتردد في الفاء اذا تكلّم.)
وغيرهم، وبه صرّح معظم فقهائنا،
وذهب بعض منهم إلى الجواز.
كما يجب على اللاحن والمبدّل لحرف بغيره مع العجز عن إصلاح لسانه
الائتمام بالمتقن عند بعض الفقهاء،
وتردّد فيه آخرون.
ويشمل العجز عن الاصلاح ضيق وقت الصلاة عن التعلّم.
ولو تشاحّ
الأئمّة أو المأمومين في
إمامة الجماعة قدِّم الأقرأ، وفُسِّر بالأجود
أداءً وإتقاناً للقراءة ومعرفة بمحاسنها المدوّنة في علمها.
وردت بعض الروايات الآمرة ببعض الأفعال مثل خصف النعل
وطيّ الثوب بعد الخلع،
وخياطته إذا انفتق ورفعه إذا بلي،
وبموجبها أفتى بعض الفقهاء، وذكروا أنّه من إتقان المعيشة
(مخطوط).
لا بدّ للمجتهد أن يتقن العلوم التي يتوقّف عليها
الاجتهاد كعلم الاصول، وبذا صرّح جميع فقهائنا.
لكنّ لزوم إتقانها ليس شرعياً، بل عقلي؛ لأنّه من باب المقدّمة؛ لعدم الوقوع في حرمة
الإفتاء بغير علم.
الموسوعة الفقهية، ج۳، ص۱۹۰- ۱۹۲.