الإعفاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو بمعنى
ترك قص اللحية وتوفيرها.
من معاني الإعفاء-
لغة - التوفير، ومنه: إعفاء
اللحية ، وهو توفيرها، أي لا يقصّ منها شيئاً، بل يتركها على حالها.
قال
المطرزي : الإعفاء: يدلّ على أصلين، هما:
الترك والطلب ، إلّا أنّ
العفو غلب على ترك
عقوبة استحقّت، والإعفاء على الترك مطلقاً، ومنه إعفاء اللحية، وهو ترك قصّها وتوفيرها.
ولا يخرج المعنى الاصطلاحي عن المعنى اللغوي، وقد استخدم
الفقهاء كلمة العفو فيما غلب استخدامها فيه لغة كالعفو عن العقوبات أو رفع المسؤولية عن شخص ونحو ذلك.
وهو
الاستقصاء في الأمر
والمبالغة فيه،
وإحفاء الشارب : المبالغة في جزّه فيكون مبايناً للإعفاء.
ذكر الفقهاء للإعفاء- بمعنى الترك-
أحكاماً نشير إليها فيما يلي:
تحدّث الفقهاء عن
حرمة حلق اللحية
واستئصالها ، وفي هذا البحث تعرّضوا لإعفاء اللحية الذي يقابل أصل الاستئصال، والظاهر أنّ المعروف بينهم مطلوبية الإعفاء.
وقد استندوا في ذلك إلى بعض
الروايات :
منها: ما رواه في
الفقيه مرسلًا ، قال: قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «حفّوا الشوارب واعفوا اللحى، ولا تتشبّهوا
باليهود ».
وقد فسّر هذا
الخبر بأنّ
الأمر بالإعفاء حيث ورد عقيب الإحفاء دلّ على أنّ المراد أصل التوفير مقابل الاستئصال والحلق، وهذا يعني أنّ
النهي في ذيل الخبر عن
التشبّه باليهود يكون في كيفية إعفائهم للحاهم حيث كانوا يطيلونها جداً.
ومنها: ما رواه أيضاً في الفقيه، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «إنّ
المجوس جزّوا لحاهم ووفّروا شواربهم، وإنّا نحن نجزّ الشوارب ونعفي اللحى، وهي الفطرة».
وبعد الفراغ عن أصل مطلوبية الإعفاء مقابل الاستئصال والحلق، تحدّث الفقهاء عن مقدار هذا الإعفاء فهل المطلوب الإعفاء المطلق، بحيث لا يكون هناك حتى تقصير
لشعر اللحية أم إعفاء معيّن ورد تحديده في
الشرع ؟
وقد ذكروا في هذا المجال أنّه يستحبّ إعفاء اللحية إلى حدّ
القبضة ، وما زاد عليها فالأفضل جزّه.
واستدلّوا له بخبر درست عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «مرّ
بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم رجل طويل
اللحية ، فقال: ما كان على هذا لو هيّأ من لحيته، فبلغ ذلك الرجل فهيّأ لحيته بين اللحيتين، ثمّ دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رآه قال: هكذا فافعلوا».
وفي
رواية معلّى بن خنيس عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: «ما زاد من اللحية عن القبضة فهو في
النار »».
وفي رواية
محمد بن مسلم ، قال: رأيت
أبا جعفر الباقر عليه السلام
والحجّام يأخذ من لحيته، فقال: «دوّرها».
وفي مرسل
يونس عن أبي عبد اللَّه عليه السلام في قدر اللحية، قال: «تقبض بيدك على اللحية وتجزّ ما فضل».
من هذا كلّه، ذكر بعض الفقهاء المعاصرين أنّ حدّ اللحية التي يجب إعفاء شعرها هو ما صدق عليه إعفاء اللحية
وإبقاؤها عرفاً ، ويكره الزائد عن قبضة
اليد .
ظاهر كلمات بعض الفقهاء أنّه يستحبّ لمن يريد
حجّ التمتع أن يترك شعره له ثلاثين يوماً، وهو ظاهر
النصوص الواردة في المقام
:
منها: رواية
إسماعيل بن جابر قال: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: كم اوفّر شعري؟
قال: «إذا أردت هذا السفر اعفه شهراً»،
بناءً على إرادة الأعم من
العمرة من
السفر فيه؛ إذ هو حينئذٍ أقل من التوفير من أوّل
ذي القعدة .
ومنها: خبر
جميل بن درّاج قال: سألت
أبا عبد اللَّه عليه السلام عن متمتّع
حلق رأسه
بمكّة ، قال: «إذا كان
جاهلًا فليس عليه شيء، وإن تعمّد ذلك في أوّل الشهور للحجّ بثلاثين يوماً فليس عليه شيء، وإن تعمّد بعد الثلاثين يوماً التي يوفّر فيها الشعر للحجّ فإنّ عليه دماً يهريقه».
ويظهر من إطلاق كلمات بعض الفقهاء أنّ الحكم
بالاستحباب لا يختصّ بحجّ التمتّع بل يجري في سائر أنواع
الحج أيضاً من
الإفراد والقران ،
كما يظهر من كلماتهم شمول هذا
الحكم للعمرة أيضاً ولو لم يكن هناك حجّ.
الموسوعة الفقهية، ج۱۵، ص۱۱۲-۱۱۴.