اجتماع التكاليف والحقوق المالية
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
قد تجتمع التكاليف والحقوق المالية في ذمة
الإنسان وحينئذٍ قد يقع الكلام في مقام
الأداء في
أولوية أي الحقّين في التقديم، كاجتماع
الزكاة الواجبة مع الدين أو اجتماع الزكاة والخمس مع الكفارة والنذر وديون الناس أو
اجتماع الحج مع ديون الناس أو الزكاة والخمس على
المكلف .
قد تجتمع الزكاة الواجبة مع الدين في مال
الإنسان ، وحينئذٍ قد يقع الكلام في مقام
الأداء في
أولوية أي الحقّين في التقديم، وهذا تارة يكون في زمن حياة صاحب المال، واخرى بعد وفاته و
إخراج الوارث لها.
قال
المحقق النراقي : «الدين لا يمنع وجوب الزكاة، سواء استوعب
الدين النصاب أم لا، وسواء كان للمديون مال سوى
النصاب أم لا، اجماعاً كما في
المنتهى و
التذكرة وشرح المفاتيح، وفي المفاتيح بلا خلاف».
وقد تعرّض
السيد اليزدي إلى مسألة التقدّم في الأداء وبيان أولوية كل من الحقّين في التقدّم في الأداء. وتبعه في ذلك بعض المعلّقين على المسألة في كتابه
العروة الوثقى .
وقد أفتى المعظم بأنّه في حال حياته تقدّم
الزكاة على الدين ما دامت عينها موجودة، وأمّا مع تلف العين وصيرورتها في الذّمة يكون حالها حال سائر الديون.
وأمّا بعد وفاته و
اجتماع الزكاة والدين في التركة، فإن كان الموت بعد تعلّق وجوب الزكاة وجب إخراج الزكاة أوّلًا، سواء كان الدين مستغرقاً أم لا، ولا يجب التحاصّ مع الغرماء. وهذا هو المشهور بين الفقهاء،
إلّا أنّ
الشيخ الطوسي في المبسوط
ذهب إلى وجوب
التحاصّ .
نعم، لو تلفت عين الزكاة في حياته بالتفريط وصارت في الذمة، قال معظمهم بوجوب التحاصّ بين أرباب الزكاة وبين
الغرماء كسائر الديون.
إذا كان على الشخص
خمس أو زكاة وكان عليه أيضاً من دين الناس و
الكفارة والنذر و
المظالم ما يضيق ماله عن أداء الجميع، فهنا أيضاً يقع الكلام تارة إذا أراد الأداء أثناء حياته، واخرى إذا مات وكانت عليه هذه الامور وضاقت
التركة .
أمّا الصورة الاولى فإن كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمها على البقية، كما تقدّم ذلك في المسألة السابقة، وهو الذي عليه الأكثر.
وإن لم تكن موجودة فقد حكم البعض بالتخيير في تقديم أيّها شاء ولم يوجب التوزيع.
وحكم بعض آخر بتقديم غير
النذر والكفارة عليهما.
وأمّا الصورة الثانية- بعد موته- فذهب الأكثر إلى القول بالتوزيع بالنسبة،
عدا بعض المعاصرين حيث قال: «هذا في غير النذر والكفارة، وأمّا هما فلا يخرجان من
الأصل حتى يجب التوزيع
بالاضافة اليهما في عرض الديون».
من المسائل التي تعرّض لها الفقهاء مسألة اجتماع الحجّ المستقر في الذمة مع ديون للناس على المكلّف، ولا إشكال في وجوب أداء الحج وأداء الدين إن وفى المال بكلا الأمرين.
إنّما يقع الكلام في حال قصور المال عن أدائهما، وكان لا يفي إلّا بأحد الأمرين، وهنا تارة يبحث في حكم المسألة في زمن حياة المكلّف، واخرى بعد وفاته؛ أمّا الصورة الاولى فقد اختلفت كلمات الفقهاء في المسألة على أقوال:
الأوّل:
التخيير في تقديم أيّهما شاء، لأنّهما واجبان تعارضا، ولا مرجح لأحدهما، واحتمال التوزيع إنّما يكون إذا وفت حصّة الحجّ به، وأمّا مع عدمه فلا فائدة في التوزيع.
الثاني: وجوب تقديم الدين، واختاره
المحقق النائيني .
الثالث: الجمع بين أداء الدين والحجّ إن أمكن- ولو ماشياً متسكّعاً- وإلّا فالتخيير، كما قال به
السيد الخميني و
السيدالگلبايگاني ،
أو تقديم الدين كما ذهب إليه
السيد البروجردي .
وأمّا الصورة الثانية- قصور تركته عن الأمرين بعد وفاته- ففيها أيضاً أقوال:
أحدها: تقسيم المال بين الدين والحجّ بالسويّة، ويحجّ عنه بما يخصّه من الموضع الذي يمكن، وقد ذهب إليه الشيخ الطوسي،
و
المحقق الحلّي و
السيد العاملي وغيرهم.
ثانيها: تقديم الحجّ، وقد اختاره
المحقق البحراني و
المحقق الأردبيلي واستظهره السيد الخوئي.
ثالثها: تقديم الدين، وذهب إليه بعض المعاصرين.
ويأتي الكلام المتقدّم عند اجتماع الحجّ مع الزكاة أو الخمس في ذمة المكلّف، إلّا أنّه في الزكاة والخمس اتفق الفقهاء على تقديمها على الحجّ لو تعلّقا بالعين، كما أنّهما يقدّمان على ديون الناس.
الموسوعة الفقهية، ج۵، ص۱۸۷-۱۸۹.