الآنية المتخذة من الذهب والفضة المموهين
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
هناك يأتي بحث عن آنية الذهب والفضة إذا موهت بغيرهما بالطلي أو بالتضبيب أو غيرهما.
وفسّر التمويه بالخلط، كما فسّر بالطلي.ولعلّ المراد
بالتمويه ما يعمّهما، أي تنكير الشيء وتغييره بحيث تخفى حقيقته على الرائي.
وظاهر بعض الفقهاء حيث عطف المطلي على المموّه المغايرة بينهما،
في حين يظهر من بعض آخر اتّحادهما.
ثمّ إنّ آنية الذهب والفضّة إذا موّهت بغيرهما بالطلي أو
بالتضبيب أو غيرهما فالحكم فيها هو الحرمة؛ لصدق عنوان
آنية الذهب أو الفضّة عليها قال العلّامة في
المنتهى : «لو اتّخذ إناء من ذهب أو فضّة وموّهه بنحاس أو رصاص حرم
استعماله ؛ لوجود المنهيّ عنه، وهو أحد قولي الشافعي، وفي الآخر لا يحرم؛ لأنّه لا يظهر للناس السرف فيه، فلا يخشى منه فتنة الفقراء ولا
إظهار التكبّر. والجواب: السرف موجود فيه وإن لم يظهر».
وقال الشهيد الأوّل: «ولو موّههما بغيرهما حرم؛ لأنّهما منهما، والعلّة بالفخر وكسر القلب لم تثبت».
وقال ابن فهد: «ولو موّههما بغيرهما لم يتغيّرا كما لو طلي غيره بهما وكتمويه الخاتم بالذهب».
وقال
الشهيد الثاني : «ولا يقدح في التحريم تمويههما بغيرهما من الجواهر؛ للعموم».
وقال السبزواري : «لو اتّخذ إناء من ذهب أو فضّة وموّهه بنحاس أو رصاص حرم استعماله؛ لوجود المنهي عنه».
وقال النراقي : «وتمويههما بمثل
الرصاص والنحاس لا يخرجهما عن التحريم؛ لوجود المنهيّ عنه».
والامتزاج فيه صورتان:
والمشهور بين الفقهاء الحكم بحرمة استعماله سواء صدق على الممزوج اسم أحدهما أم لم يصدق، قال
بحر العلوم في منظومته:والمزج بالفضّة
والصباغة وكسوة للبعض بالصياغة.
وقال شارحها السيد محمود الطباطبائي : «ومن ذلك المزج لما صنع الاناء منه بالفضّة. وإطلاقه ربما يشمل المفضّض الممزوج بالذهب بحيث لا خليط سواهما. وله وجه ناظر إلى عدم شمول النصوص والفتاوى لمثله؛ فإنّ آنية الذهب والفضّة فيهما (النصوص والفتاوى) في قوّة آنية الذهب وآنية الفضّة وبمنزلته عرفاً، لا
الآنية المصنوعة منهما معاً، وإلّا فلا يشمل المنفردة المقطوع بها في الحكم، ونظيره خليط الذهب والحرير، ولعلّه يأتي مزيد تحقيق لذلك في كتاب الصلاة». وقال المحقّق النجفي : «وأمّا الممتزج منهما خاصّة فالأقوى والأحوط
الاجتناب ».
وقال السيد اليزدي : «يحرم ما كان ممتزجاً منهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما، بل وكذا ما كان مركّباً منهما بأن كان قطعة منه من ذهب وقطعة منه من فضّة».
وقال السيد الإمام الخميني: «والممتزج منهما بحكم أحدهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما، بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما لو لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما».
وقال
السيد الگلپايگاني : «الممتزج منهما بحكم أحدهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما، بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما إذا لم يصدق عليه اسم أحدهما».
ولا كلام في حالة صدق عنوان الذهب أو الفضّة، وإنّما الكلام في حالة عدم صدقهما.
ومن الواضح أنّ الأدلة اللفظية الواردة في حرمة استعمال آنية الذهب والفضّة قاصرة عن الشمول للممتزج من الذهب والفضّة؛ وذلك لأنّ الممتزج منهما لا يصدق عليه عنوان إناء الذهب ولا إناء الفضّة، ومع عدم صدق أحد العنوانين عليه عرفاً لا يحكم بحرمة
الأكل والشرب منه، من هنا فالقائل بالحلّية يتمسّك بأصالة البراءة.
وفي قبال ذلك يستدلّ للقول بالتحريم بأحد دعويين:
الأولى- القطع
بالمساواة أو الأولوية؛ وذلك لقيام الفهم العرفي
والارتكاز على أنّ المركّب من عدّة أشياء محرّمة- بانفرادها- محرّم وإن لم ينطبق عليه شيء من عناوين أجزائه، كما إذا ركّبنا معجوناً من الميتة والدم الطاهرين أو من التراب والنخاع حرم أكله حسب الفهم العرفي والارتكاز وإن لم يصدق على المركّب عنوان الميتة أو الدم أو غيرهما من أجزائه، وذلك لحرمة أكل الأجزاء
بانفرادها .
وشكك بعض في صحة هذه الدعوى،
بل منعها بعض آخر،
إذ أنّ الأولوية اعتبارية لا تصلح لرفع اليد عمّا يقتضيه
الأصل ، وأيضاً لا يمكن القطع مع
احتمال دخل خصوصية الخلوص في الحكم بالحرمة.
الثانية: انّه يفهم من الأدلة أنّ موضوع الحرمة هو القدر المشترك بين الذهب والفضّة؛ إذ أنّ الحكم على كلّ من الفردين لا بدّ أن يكون لوجود الجامع بينهما، فيكون هو موضوع الحكم.وأجيب: بأنّه لو سلّم ذلك، فمن المحتمل اعتبار الخلوص في موضوع الحكم، وهو غير حاصل في الممتزج منهما.
والمشهور بين الفقهاء في مزج الذهب والفضّة بغيرهما من المعادن والفلزات هو الحكم بحرمة استعمال الإناء إن صدق عليه اسم أحدهما، وعدم الحرمة إن لم يصدق عليه اسم أحدهما.قال السيّد اليزدي في العروة: «لا يحرم استعمال الممتزج من أحدهما مع غيرهما إذا لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما».
والوجه في ذلك واضح؛ إذ أنّ الحرمة تدور مدار صدق عنوان آنية الذهب والفضّة، فإذا فرضنا أنّ الخليط أكثر من الذهب والفضّة بحيث لا يصدق على الاناء إناؤهما إلّا على سبيل
التسامح والمجاز، كما إذا كان ثلثاه من الصفر ونحوه وثلثه منهما، فلا يحرم للأصل.
وقد يقال بصدق عنوان المفضّض عليه- كما يظهر من
المجلسي حيث جعله قسماً من أقسام المفضَّض- فيشمله عندئذٍ ما دلّ على النهي عن استعمال الإناء المفضّض، ويلحق به في الحكم المذهَّب بالأولوية على ما سيأتي.وقد يناقش في صدق المفضّض على ذلك.
وأمّا إذا قلّ خليطهما بحيث لم يمنع عن صدق إناء الذهب أو الفضّة عليه كما هو الغالب المتعارف في صياغة الذهب، بل لا يوجد منه الخالص إلّا نادراً.
إذن، فلا ينبغي الاشكال في حرمته؛ إذ لا يعتبر في الأحكام المترتّبة على آنية الذهب والفضّة خلوصهما من غيرهما- كما يعتبر ذلك في لبس الحرير للرجال- لوضوح أنّ إطلاق الأدلّة يشمل الخالص وغيره.
وأفاد
السيد الحكيم أيضاً قائلًا: بأنّ الممتزج من الذهب أو الفضّة بغيرهما إن صدق عليه اسم أحدهما- كما إذا كان الخليط قليلًا- حرم وإن لم يكن خالصاً؛ للاطلاق.
الموسوعة الفقهية، ج۱، ص۳۷۵-۳۷۸.