الإطّلاع
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو ظهور الشيء وإبرازه والاطلاع عليه.
بمعنى الصعود على الشيء،
أو
الإشراف عليه والعلم به.
وطليعة الجيش الذي يطلع من الجيش يبعث ليطّلع طِلع العدوّ أي خَبَره.
والظاهر أنّ الكلّ يرجع إلى معنى واحد، وهو: الظهور والبروز.
واستعمله الفقهاء بنفس المعاني اللغوية.
وقد جاء قسم من هذه المباحث تحت مصطلح
(إشراف) ، فلتراجع.
يتعرّض الفقهاء لبيان الأحكام المرتبطة بالاطّلاع في أبواب مختلفة من الفقه،
كالدفاع والتجسّس والعيب والبيع، نشير إليها إجمالًا فيما يلي:
لا يجوز الاطّلاع على عورات الآخرين إلّا بين
الزوج والزوجة أو في حالات الضرورة،
بل قد يجب حينئذٍ،
كحين الولادة مع فرض عدم من يقوم بحاجتها من النساء فيجب على الرجال؛ لوجوب حفظ النفس المحترمة، فتباح حينئذٍ المحظورات عند الضرورات التي اقتضت جواز لمس الطبيب ونظره حتى إلى العورة.
كما أنّه يحرم النظر إلى عورات الناس، بمعنى داخل حجراتهم ومنازلهم ما يستترون به عن الآخرين، ويجوز لصاحب المنزل وهو في تلك الحالة زجره، بل وفقأ عينه.
ومن اطّلع على عوارت قوم بقصد النظر إلى ما يحرم عليه منهم ولو من ملكه فلهم زجره ومنعه.
ولو لم ينزجر جاز دفعه بالضرب ونحوه، ولو بفقأ عينه،
وادّعي عليه
الإجماع .
ويستدلّ عليه بأنّه من المدافعة عن العرض.
وبالنصوص
: منها: خبر
حمّاد بن عيسى عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «بينما
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم في بعض حجراته إذ طلع رجل في شقّ الباب وبيد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم مدراةٌ، فقال: «لو كنت قريباً منك لفقأتُ به عينك».
ومنها: خبر
محمد بن مسلم عن
أبي جعفر عليه السلام قال: «عورة
المؤمن على المؤمن حرام»، وقال: «من اطّلع على مؤمنٍ في منزله فعيناهُ مباحة للمؤمن في تلك الحال...».
ومنها: رواية
العلاء بن الفضيل عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إذا اطَّلع رجل على قومٍ يشرفُ عليهم أو ينظر من خلل شيء لهم فرموه فأصابوهُ فقتلوه أو فقئوا عينيه فليس عليهم غرم».
ولو كان المطّلع رحماً لنساء صاحب المنزل اقتصر على زجره، ولا يجوز رميه.
وأمّا لو كان من النساء مجرّدة جاز زجره ورميه؛ لأنّه ليس للمحرم هذا الاطّلاع.
لا إشكال في جواز بعث العيون والمراقبين من
المسلمين إلى
الكفّار ليستخبروا مكائد العدوّ وقراراته،
ويطّلعوا عليها، وهو أمر مفروغ عنه بين الفقهاء، ولذا بحثوا عن سهم الجاسوس من الغنيمة. قال
العلّامة الحلّي : «ولو بعث لمصلحة الجيش رسولًا أو دليلًا أو طليعة أو جاسوساً فغنم الجيش قبل رجوعه إليهم ثمّ رجع إليهم؛ فالذي يقتضيه مذهبنا أنّه يسهم له، لأنّ القتال ليس شرطاً».
بل هذا يوجب تقوية النظام الإسلامي، فيجب دفع شرّهم ببعث العيون إليهم، كما صرّح بعضهم بذلك.
يحق للمشتري لو اطّلع على عيب موجب للردّ أن يردّ.
صرّح الفقهاء بأنّه لا يثبت حدّ المحارب للطليع؛
لأنّه لا يعدّ من مصاديقه؛ لأنّ وظيفته المجعولة له مجرّد الإخبار والاطّلاع وليس مجهّزاً بالسلاح ولا يقصد الإخافة لكن كان عمله محرّماً، ولذا قال العلّامة الحلّي: «بأنّه يعزّر ويحبس».
نعم، قال
المحقّق النجفي : «لو كان المدار على مطلق مسمّى الإفساد اتّجه حكم المحارب للطليع».
وذهب بعض الفقهاء إلى أنّ الظاهر في هذا الزمان صدق المفسد على الطليع؛ لأنّ المحاربة عبارة عن مجموعة من الأعمال المختلفة التي يكون بعضها عسكرياً قتالياً وبعضها الآخر على صلة بجوانب اخر ذات علاقة، وعليه فالكلّ محارب ومفسد.
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۲۰۱-۲۰۳.