الإلتجاء
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
وهو الإستناد بالشيء والإستعصام به.
مصدر التجأ بمعنى اعتصم، يقال: التجأ إلى فلان، أي استند إليه واعتضد به، والتجأ عنه، أي عدل عنه إلى غيره.
ويستعمله
الفقهاء في نفس معناه اللغوي.
ذكر الفقهاء للالتجاء أحكاماً نذكرها إجمالًا كما يلي:
لو التجأ المجرم إلى
الحرم المكّي وعليه حدّ أو تعزير أو
قصاص ، لا يقام عليه
الحدّ بل يضيّق عليه في المطعم والمشرب حتى يخرج، فيقام عليه الحدّ.
واستدلّ له- مضافاً إلى إطلاق قوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً»
- بالروايات: منها: صحيحة هشام بن الحكم عن
أبي عبد اللَّه عليه السلام في الرجل يجني في غير الحرم، ثمّ يلجأ إلى الحرم، قال: «لا يقام عليه الحدّ، ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يكلّم، ولا يبايع، فإنّه إذا فعل به ذلك يوشك أن يخرج فيقام عليه الحدّ...».
وألحق بعض الفقهاء حرم
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وحرم
الأئمّة عليهم السلام بالحرم المكّي في ذلك،
لكن قال بعضهم الآخر بعدم الإلحاق؛
لعدم الدليل، وما ورد في النصّ ليس إلّاكلمة (الحرم)، وهو منصرف إلى الحرم المكّي، فإلحاق غيره به يحتاج إلى دليل، والأصل يقتضي عدم ثبوته، ووجوب استيفاء الحقّ حيث كان.
وأمّا سائر المساجد فلم يتعرّض لها أكثر الفقهاء. نعم، قال
المحقّق النجفي : «لو التجأ إلى بعض المساجد غير
المسجد الحرام اخرج منه واقيم عليه القود؛ حذراً من تلويث المسجد».
ذكر بعض الفقهاء أنّه لو التجأ المديون إلى الحرم لم يجز لصاحب الدين مطالبته فيه، بل ينبغي له أن يتركه حتى يخرج من الحرم، ثمّ يطالبه كيف شاء.
واستدلّ عليه- مضافاً إلى قوله تعالى: «وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً»
- برواية
سماعة ابن مهران عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: سألته عن رجل لي عليه مال فغاب عنّي زماناً فرأيته يطوف حول الكعبة، فأتقاضاه؟
قال: قال: «لا تسلّم عليه ولا تروّعه حتى يخرج من الحرم».
ولعلّ مفاد هذين الدليلين صورة ما إذا كانت المطالبة بالمال تحدث فيه الروع وخلاف الأمن؛ إذ بذلك تكون الحالة مشمولة للآية، بل الرواية؛ لأنّه لا يحتمل النهي عن إلقاء السلام عليه في نفسه لمجرّد أنّه كان قد استدان منه.
بل لعلّ بعض الفقهاء لا يقصدون غير هذه الصورة، ولو بقرينة الالتجاء الذي قد يكون المقصود منه الفرار من الدائن إلى الحرم كي لا يناله بسوء، بل صرّح
ابن إدريس الحلّي بأنّ الحكم لابدّ أن يختصّ بهذه الصورة.
وألحق بعض
الفقهاء حرم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ومشاهد الأئمّة عليهم السلام بالحرم المكي في ذلك،
ولكن اختار
المحدّث البحراني القول بعدم الإلحاق.
الموسوعة الفقهية، ج۱۶، ص۳۱۷-۳۱۸.