الارتفاق(حكم المدارس والربط)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الارتفاق(توضيح) .
المدارس بالنسبة إلى مستحقّ
السكنى بها- بأن يكون طالباً للعلم جامعاً لشرائط
الواقف - بمنزلة
المساجد ، من سبق إلى سكنى بيت منها أو إلى
الإقامة ببقعة منها فهو أحقّ به.
والبحث عنهما من جهات:
المدارس بالنسبة إلى مستحقّ
السكنى بها- بأن يكون طالباً للعلم جامعاً لشرائط
الواقف - بمنزلة
المساجد ، من سبق إلى سكنى بيت منها أو إلى
الإقامة ببقعة منها فهو أحقّ به. وكذلك الرباطات الموقوفة على النزّال
والغرباء وأشباههم،
ويزيد هنا على المساجد أنّه لا يبطل حقّه بالخروج لحاجة
كشراء مأكول ومشروب وثوب وقضاء حاجة قطعاً.
وقال
السيّد الخوئي : «لا يبطل حقّ السكنى لساكنها بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين أو أكثر، وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر كالسفر إلى
الحج أو
الزيارة أو
لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نية
العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف. نعم لا بد من صدق عنوان ساكن
المدرسة عليه، فإن كانت المدّة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقّه».
ولا يلزمه تخليف أحد مكانه، ولا أن يترك رحله فيه.
ولا فرق هنا بين طول المدّة وقصرها ما لم يشترط الواقف أمداً كثلاثة أيّام، فيلزمه الخروج بعده بلا فصل، وأن لا يؤمر به،
وفي حكم ذلك الخانات.
والمراد بكونه أحقّ بالسبق إلى السكنى من غيره بمعنى عدم جواز ازعاج أحد له؛ لأنّه أحد المستحقّين لذلك، فازعاجه ظلم قبيح عقلًا ونقلًا، وإن تطاولت المدّة.
نعم ذكر الشهيد أنّه يحتمل جواز
الازعاج بالنسبة إلى المدرسة ودار القرآن إذا تمّ غرضه من ذلك، ويقوى
الاحتمال إذا ترك التشاغل بالعلم والقرآن وإن لم يشترطهما الواقف؛ لأنّ موضوع المدرسة ذلك. وأمّا الرباط فلا غرض فيه، فيجوز
الدوام فيه.
ونوقش فيه بأنّه إن خرج عن الموضوع بتمام الغرض أزعج قطعاً، وإلّا فلا وجه للاحتمال، بل ولا لما قوّاه فيه، ضرورة أنّه إن لم يشترطها ولكن كانت هي
المنفعة المقصودة فالمتجه حينئذٍ عدم معارضة لأهلها كما في المسجد والطريق، وإلّا كان الناس فيها شرّعاً سواء.
ويرجع في الاختصاص ببيت أو
بقعة خاصة إلى شرط الواقف، فلو كان البيت الواحد (أي الغرفة) معدّاً لجماعة لم يجز لأحد منع غيره من السكنى فيه إلّا أن يبلغ العدد
النصاب ، فلهم منع الزائد، ولو كانت العادة أو الشرط يقتضي انفراد الواحد فله منع الزائد مطلقاً.
وقد اشير إلى الفرع الأخير، وهو ما لو كانت العادة أو الشرط تقتضي انفراد الواحد بالسكنى في عبارة المحقّق الحلي في
الشرائع، في قوله: «وله أن يمنع من يساكنه ما دام متّصفاً بما به يستحقّ السكنى»
وكذلك في عبارة العلّامة الحلّي في
القواعد.
وفي
التذكرة، في قوله كما في الشرائع.
وكذلك عبارة الشهيد في
الدروس،في قوله: «فالسابق إلى بيت منها لا يزعج ولا يزاحمه شريكه».
لو اشترط الواقف مع السكنى التشاغل بالعلم- مثلًا- فأهمل
الاشتغال به الزم الخروج إن لم يخرج بنفسه؛ إذ الوقوف على حسب ما يقفها أهلها، المقتضي لعدم جواز سكنى المفروض، وإن استمر على الشرط لم يجز ازعاجه؛ لكونه حينئذٍ من المستحقّ.
قال السيد الخوئي: «إذا اشترط الواقف اتّصاف ساكنها (أي المدرسة) بصفة خاصّة، كأن لا يكون معيلًا، أو يكون مشغولًا بالتدريس أو بالتحصيل فإذا تزوّج أو طرأ عليه
العجز لزمه الخروج منها».ثمّ قال: «والضابط أن حقّ السكنى- حدوثاً وبقاءً- تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه، فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثاً وبقاءً».
لو فارق الساكن في المدرسة أو الرباط مسكنه لغير الامور الضروريّة بل كان لعذر وغرض ناوياً للعود إليه- كسفر لزيارة ونحوها- فقد اختلف الفقهاء في سقوط حقّه وعدمه على أقوال:
انّه يسقط حقه،
وقد نسبه بعض الفقهاء إلى الأكثر، وأنّهم أطلقوا القول
ببطلان حقّه
بالمفارقة ، أي سواء طالت مدّة المفارقة أم قصرت؛
نظراً إلى أنّ مقتضى الأصل عدم هذا الحقّ في مثل الفرض.
قال
المحقّق الحلّي : «ولو فارق لعذر قيل: هو أولى عند العود. وفيه تردد، ولعلّ الأقرب سقوط الأولويّة».
وقال
العلّامة الحلّي : «ولو فارق لعذر أو غيره بطل اختصاصه».
التفصيل بين طول زمان المفارقة فيسقط الحقّ وبين قصرها فيبقى الحقّ، وقد ذهب إليه العلّامة الحلّي في
التذكرة .
وقد مثّل المحقّق الأردبيلي في
مجمع الفائدة،للمفارقة القصيرة المدّة بأن يروح من البلد لأخذ الزكاة من القرى ويروح من المشهد (أي النجف) إلى مشهد
الحسين عليه السلام ويبقى هناك أيّاماً قلائل للزيارة، وكذا من يروح إلى أهله ويقيم عندهم.
ولكن قد شرط بعضهم بقاء الرحل مع عدم طول المدّة في بقاء الحقّ.
قال
المحقّق الكركي : «الأقرب بقاء الحقّ إن لم تطل المدّة بحيث يؤدي إلى التعطيل» ثمّ قال: «والظاهر أنّ مفارقته من غير أن يبقى رحله مسقط لأولويّته» وقال أيضاً: «ولو قصر الزمان جدّاً- كما لو خرج لغرض لا ينفك عن مثله عادة، ولا يخرج في العادة عن كونه ساكناً- ففي بقاء حقّه قوّة».
وقال
الشهيد الثاني : «والأقوى أنّه مع بقاء
الرحل وقصر المدّة لا يبطل حقّه، وبدون الرحل يبطل إلّا أن يقصر الزمان بحيث لا يخرج عن الإقامة عرفاً».
وقال السيّد الخوئي: إنّه «لا يبطل حقّ السكنى بالخروج لحوائجه اليومية من المأكول والمشروب والملبس وما شاكل ذلك، كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوماً أو يومين وأكثر، وكذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدّة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر- كالسفر إلى الحج أو الزيارة أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك- مع نية العود وبقاء رحله ومتاعه، فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف. نعم لا بد من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه فإن كانت المدة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقّه».
هو الرجوع إلى رأي
الناظر ، وقد ذهب إليه الشهيد، حيث قال:«لو فارق ساكن المدرسة والرباط ففيه أوجه، زوال حقّه كالمسجد، وبقاؤه مطلقاً؛ لأنّه
باستيلائه جرى مجرى الملك، وبقاؤه إن قصرت المدّة دون ما إذا طالت، لئلا يضرّ بالمستحقّين. وبقاؤه إن خرج لضرورة وإن طالت المدّة، وبقاؤه إن بقي رحله أو خادمه». ثمّ قال: «والأقرب تفويض ذلك إلى ما يراه الناظر».
وقد نفى عنه البعد
المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة، حيث قال: «ولا يبعد تفويض الأمر إلى الناظر بمعنى جعل الأمر إليه، فإن كان يرى أنّ التعطيل وترك هذا المنزل في هذه المدّة بهذه المفارقة مما يعدّ تعطيلًا أو منافياً لغرض الواقف وخارجاً عن عرفه وسبباً لنقص وأن الأولى
إسكان غيره يبطل حقّه فيسكن غيره، وإلّا فيحفظ له- ثمّ قال:- وكأنّ هذا مقصود الدروس في
استقراب تفويض الأمر إلى الناظر- ثمّ قال:- فلا يرد قول شارح
الشرائع : ويشكل بأنّ الناظر ليس له اخراج المستحق اقتراحاً فرأيه فرع
الاستحقاق وعدمه، فافهم».
ونوقش فيه بأنّ الناظر ليس له
إخراج المستحقّ اقتراحاً، فرأيه فرع الاستحقاق وعدمه. نعم لو فوّض إليه الأمر مطلقاً من دون تحديد للمتولي الشرعي فلا إشكال في الرجوع إليه.
الموسوعة الفقهية، ج۸، ص۴۷۳-۴۷۸.