الطيور
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الأطعمة والأشربة (توضيح).
وهي الحيوانات التي تملك جناحين سواء تستطيع الطيران أو لا.
يختلف حكم الطيور باختلاف أنواعها، فمنها ما هو حرام، ومنها ما هو حلال، كما أنّه يعرف حكم بعضها بالضوابط والعلامات العامّة، ويعرف حكم بعضها الآخر بالعناوين الخاصّة، أو من خلال النصّ الخاصّ، والتفاصيل كالتالي:
كلّ ما كان له مخلب- أي ظفر يفترس به- ويعدو على غيره من الطيور، سواء كان قويّاً أو ضعيفاً فهو حرام على المشهور بين القدماء والمتأخّرين،
بل ادّعي عليه الإجماع.
واستدلّ لذلك بجملة من النصوص: منها: صحيحة
الحلبي عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: «إنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كلّ ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام. وقال: لا تأكل من السباع شيئاً».
ومنها: موثّقة
سماعة ، قال: سألت أبا عبد اللَّه عليه السلام عن المأكول من الطير والوحش، فقال: «حرّم رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم كلّ ذي مخلب من الطير وكلّ ذي ناب من الوحش»، فقلت: إنّ الناس يقولون: من السبع، فقال لي: «يا سماعة، السبع كلّه حرام وإن كان سبعاً لا ناب له، وإنّما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم هذا تفصيلًا- إلى أن قال-: وكلّ ما صفّ وهو ذو مخلب فهو حرام»،
إلى غير ذلك من الروايات المعتبرة.
وهذه الضابطة تنطبق على القويّ من سباع الطيور، كالبازي، والصقر، والعقاب، والشاهين، والباشق؛
وعلى الضعيف منها، كالنسر، والرخمة،
والبغاث.
كلّ ما كان صفيفه أكثر من دفيفه فهو حرام، ولازم ذلك أنّ كلّ ما كان دفيفه أكثر من صفيفه أو تساويا فليس بحرام.
والمقصود من الصفيف هو بسط الطير جناحيه حال طيرانه، كما تفعله جوارح الطير، ومن الدفيف ضرب جناحيه على دفّته، وللطير من حيث الصفيف والدفيف حالات أربع:
والمشهور بين الفقهاء حرمة ذلك،
بل ادّعي عدم الخلاف فيه،
بل ادّعي عليه الإجماع.
وتدلّ عليه الروايات التي ستسمعها في الحالة الثانية.
والمشهور بين الفقهاء حلّيته.
وتدلّ عليه الروايات المعتبرة:
منها: صحيحة
زرارة : أنّه سأل
أبا جعفر عليه السلام عمّا يؤكل من الطير، فقال: «كُلْ ما دفّ ولا تأكل ما صفّ».
ومنها: موثّقة
سماعة بن مهران عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: «كلّ ما صفّ وهو ذو مخلب فهو حرام، والصفيف كما يطير البازي والحدأة والصقر وما أشبه ذلك، وكلّ ما دفّ فهو حلال»،
إلى غير ذلك من الروايات.
فإنّ المستفاد من هاتين الروايتين وغيرهما هو حرمة ما كان صفيفه أكثر من دفيفه، وحلّية ما كان دفيفه أكثر من صفيفه.
ولا يخفى أنّه ليس المراد من الصفيف الاستمرار فيه، وإنّما المراد الغلبة، وكذا الدفيف؛ إذ لا طير يصفّ ولا يدفّ أو بالعكس.
اختلفت آراء الفقهاء في هذه الحالة بين قائل بالحلّية، وقائل بالحرمة، وقائل بالرجوع إلى سائر العلامات، ومنشأ الاختلاف عدم تعرّض النصوص لذلك.
أمّا القول بالحلّية فقد اختاره جماعة من الفقهاء؛
مستدلّين عليه بعمومات الإباحة من الكتاب، كقوله تعالى: «قُل لَا أَجِدُ فِي مَآ أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ».
وبما روي عن
الإمام الصادق عليه السلام: «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي».
وأيضاً بما دلّ على إباحة ما اجتمع فيه الحلال والحرام.
وأمّا القول بالحرمة فقد اختاره
ابن حمزة ،
ومنعه
السيّد الحكيم احتياطاً.
وأمّا القول بالرجوع إلى سائر علامات الحلّ- وهي: القانصة
والحوصلة
والصيصية
- فاختاره
المحقّق النراقي والسيّد الخميني ، حيث صرّح بالرجوع إلى العلامة الثانية، ومع الجهل بها فالأقرب الحلّية.
وكذا
السيّد الخوئي حيث استظهر الحلّية فيما إذا كانت فيه إحدى العلامات الاخرى، وإلّا فيحرم.
الشك في كيفية الطيران بحيث لا يعلم أنّ صفيفه أكثر أم دفيفه، أم أنّهما متساويان، وهنا ذكروا أنّ المرجع إحدى العلامات الثلاثة المتقدّمة، ومع فقدها فالحرمة على ما اختاره السيّد الخوئي،
والحلّية على ما اختاره السيّد الخميني.
وهي التي اعتبرها الشارع علامة على الحلّ والحرمة في الطير هي الامور الثلاثة: الحوصلة والقانصة والصيصية، فما ليس فيه أحدها فالمشهور حرمته، وما فيه أحدها فهو حلال ما لم ينصّ على تحريمه،
وقد نفي عنه الخلاف،
بل ادّعي عليه
الإجماع .
وتدلّ عليه النصوص المستفيضة:
منها: صحيحة
زرارة : أنّه سأل
أبا جعفر عليه السلام عن طير الماء، فقال عليه السلام: «ما كانت له قانصة فكل، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل».
ومنها: موثّقة
سماعة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كل الآن من طير البرّ ما كانت له حوصلة، ومن طير الماء ما كانت له قانصة كقانصة الحمام، لا معدة كمعدة الإنسان- إلى أن قال-: والقانصة والحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه، وكلّ طير مجهول».
ومنها: رواية
ابن بكير عن [[|أبي عبد الله]] عليه السلام قال: «كل من الطير ما كانت له قانصة أو صيصية أو حوصلة».
وغيرها من الروايات الواردة بهذا المعنى،
فإنّ المستفاد منها هو الحلّية مع وجود إحدى العلائم، والحرمة مع انتفائها جميعاً.
صرّح بعض الفقهاء
بعدم وقوع التعارض خارجاً بين علائم الحلّ المتقدّمة، وبين علائم الحرمة التي هي أربعة: المخلب، غالبيّة الصفيف، انتفاء علائم الحلّ الثلاثة- وهي: القانصة والحوصلة والصيصية- والمسخ،
فإنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ الطائر إذا اجتمعت فيه علائم الحلّ أو الحرمة بأجمعها لا يبقى حينئذٍ مجال للتعارض.
وبعبارة اخرى: أنّ القول بالتلازم بين العلامات في الخارج لا يبقي مجالًا للتعارض بينها؛ إذ لا طير ذا حوصلة أو قانصة أو صيصية تكون له إحدى علامات الحرمة.
ومال إلى ذلك
المحقّق النجفي ، حيث قال: «بل لعلّ أكثرية الصفيف منها لازم للجوارح، باعتبار قوّتها وجلادتها، بخلاف الدفيف الذي يكون في الطير الضعيف، بل المراد من قوله عليه السلام في خبر زرارة: «كل ما صفّ، وهو ذو مخلب» التفسير لا التقييد؛ لمعلومية عدم اشتراط ذلك في العلامة المزبورة».
ومع عدم وجود تعارض في الخارج لا إشكال ولا كلام، وإنّما الكلام على فرض تعارض العلائم في الوجود، فهنا يتصوّر التعارض في الحالات التالية:
۱- اجتماع المخلب مع أكثريّة الدفيف أو إحدى علائم الحلّية الثلاثة.
۲- اجتماع الصفيف مع إحدى العلائم الثلاثة.
۳- اجتماع المسخ مع أكثرية الدفيف أو إحدى العلائم الثلاثة.
وقد حاول
المحقّق النراقي حلّ التعارض المذكور بتحريم ذوي المخالب والمسوخ والصافّات مطلقاً.
وبه أيضاً قال المحقّق النجفي، حيث صرّح بأنّه: «مع فرض التعارض في الوجود فالظاهر تقديم إحدى علامات الحرمة على الثلاثة التي هي علامة للحلّ في المجهول نصّاً وفتوى، ومع فرض وجود إحدى علامات الحرمة من المخلب وأكثريّة الصفيف أو المسخ لا جهالة».
وبذلك يظهر أنّه لا مجال لتصوّر اجتماع أكثريّة الدفيف مع فقدان العلائم الثلاثة، فلابدّ من طريق لحلّ التعارض على فرض إمكانه ليشمل هذه الصورة، ويبيّن لنا الترتيب الذي لابدّ من مراعاته في مثل هذه الحالات بين علامات الحرمة من أكثرية الصفيف وفقدان العلامات الثلاثة.
وقد صرّحت موثّقة سماعة بذلك، حيث ورد فيها: «والقانصة والحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه، وكلّ طير مجهول»،
فقد ذكرت أنّ ما يمتحن به الطير- عند الجهل بكيفيّة طيرانه، وعدم معرفة صفيفه من دفيفه- إنّما يكون بهذه العلامات.
ومن هنا قال
السيّد الحكيم بتقديم الصفيف على إحدى العلامات الثلاثة،
وتبعه السيّدان
الخميني والخوئي ،
كما أنّه قال بتقديم الدفيف في حالة فقدان الثلاثة،
وتبعه عليه أيضاً السيّد الخوئي،
والسيّد الخميني على إشكال لا يترك فيه الاحتياط.
هذا، وقد ذهب المشهور
إلى عدم الفرق بين طير البرّ وطير الماء في اعتبار العلامات السابقة.
ويدلّ عليه عدّة روايات:
منها: صحيحة زرارة: أنّه سأل أبا جعفر عليه السلام عن طير الماء؟ فقال: «ما كانت له قانصة فكل، وما لم تكن له قانصة فلا تأكل».
ومنها: موثّقة
مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «كل من الطير ما كانت له قانصة ولا مخلب له»، قال: وسئل عن طير الماء؟ فقال مثل ذلك.
كما لا فرق في اعتبار هذه العلامات بين طير الماء الذي يأكل السمك وغيره.
ويمكن أن يستدلّ له بخبر نجيّة بن الحارث، قال: سألت
أبا الحسن عليه السلام عن طير الماء، ما يأكل السمك منه يحلّ؟ قال: «لا بأس به، كله».
الموسوعة الفقهية، ج۱۴، ص۱۰۴-۱۱۱.