• خواندن
  • نمایش تاریخچه
  • ویرایش
 

النشوز

احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF



فهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة صاحبه فيما يجب له؛ فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان وعظها، فإن لم ينجع هجرها في المضجع؛ وصورته أن يوليها ظهره في الفراش؛ فإن لم تنجع ضربها مقتصرا على ما يؤمل معه طاعتها ما لم يكن مبرحا؛ ولو كان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها؛ ولو تركت بعض ما يجب أو كله استمالة جاز له القبول.



وأمّا النشوز واصلة الارتفاع فهو هنا بل وربما مطلق عليه في اللغة أيضاً: ارتفاع أحد الزوجين وخروجه عن طاعة صاحبه فيما يجب له عليه؛ لأنّه بالخروج يتعالى عما أوجب الله تعالى عليه من الطاعة.


فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان بتقطيبها في وجهه والضجر والسأم بحوائجه التي يجب عليها فعلها من مقدّمات الاستمتاع، بأن تمتنع أو تتثاقل إذا دعاها إليه، لا مطلق حوائجه؛ إذ لا يجب عليها قضاء حاجته التي لا تتعلّق بالاستمتاع. أو تغيّر عادتها في أدبها معه قولاً كأن تجيبه بكلام خشن بعد أن كان بلين، أو غير مُقبِلة بوجهها بعد أن كانت تُقبل أو فعلاً، كأن يجد إعراضاً أو عبوساً بعد لطف وطلاقة ونحو ذلك.

۲.۱ - وعظ المرأة

وعظها أوّلا بلا هجر ولا ضرب، فلعلّها تبدي عذراً أو تتوب عمّا جرى منها من غير عذر.
والوعظ كأن يقول: اتّقي الله تعالى في الحقّ الواجب لي عليك‌ واحذري العقوبة. ويبيّن لها ما يترتّب على ذلك من عذاب الله تعالى في الآخرة، وسقوط النفقة والقسم في الدنيا.

۲.۲ - الهجران

فإن لم ينجع، هجرها في المضجع بكسر الجيم، وصورته كما في القواعد وعن الصدوقين: أن يولّيها ظهره في الفراش ونسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا، ورواه في مجمع البيان عن مولانا الباقر (عليه‌السلام)، وصرّح به في الرضوي: «والهجران: هو أن يحوّل إليها ظهره في المضجع».
خلافاً للمحكيّ عن المبسوط والسرائر، فأن يعتزل فراشها.
وللمفيد وجماعة، فخيّروا بينهما. وهو أقوى؛ لاندراجهما في الهجر عرفاً، فله الإتيان بأيّهما. إلاّ أنّ الأول أحوط وأولى.
ولعليّ بن إبراهيم في تفسيره، فيسبّها. ولا دليل عليه أصلاً.

۲.۳ - ضرب المرأة

فإن لم ينجع، ضرَبَها، مقتصراً في الضرب على ما يؤمّل معه طاعتها فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلاّ تدرّج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن مدمياً ولا مبرِّحاً أي شديداً كثيراً.
وتفسير الضرب مشهور بين الأصحاب. إلاّ أنّه روى في المجمع عن مولانا الباقر (عليه‌السلام): «أنّه الضرب بالسواك» وبه صرّح في الرضوي: «والضرب بالسواك ونحوه ضرباً رقيقاً» وهو أحوط وإن كان الأول أقوى؛ عملاً بظاهر اللفظ في الآية، المعتضد بعمل أصحابنا، المؤيّد بالاعتبار جدّاً.
والأصل في المسألة: قوله سبحانه «وَاللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ» .

۲.۴ - الترتيب بين الأمور الثلاثة

وهل الأُمور الثلاثة على التخيير؟ أو الجمع؟ أو الترتيب بالتدرّج من الأخفّ إلى الأثقل كمراتب النهي عن المنكر؟ وعلى التقادير، هل هي مع تحقّق النشوز؟ أو ظهور أماراته قبل وقوعه؟ أو معهما، بمعنى: أنّ الوعظ والهجر مع الثاني، والضرب مع الأول؟ أقوال.
أقواها: الثالث في المقامين، وهو الترتيب بين الأُمور الثلاثة مع اختصاص أوّلَيها مرتّباً بينهما بظهور أمارة النشوز، وثالثها بتحقّق النشوز، وفاقاً للمبسوط وللماتن في الشرائع والعلاّمة في القواعد.
عملاً في جواز الأمرين الأولين مع ظهور أمارة النشوز بظاهر الآية، حيث عُلِّقا فيها على خوف النشوز الملازم لظهور أماراته. وحمله على العلم مجازٌ لا يصار إليه إلاّ مع القرينة المفقودة في المقام، واستعماله فيه في بعض المواضع غير صالح للقرينة بالبديهة.
وفي الترتيب بينهما بتقديم الوعظ وتأخير الهجر عنه بما ورد في الصحاح من الأمر بالبدأة بما بدأ الله تعالى، ومعه لا يمكن الجمع؛ إذ مع الوعظ إمّا تنجع وتطيع، فليس له عليها بعد ذلك سبيل بنصّ ذيل الآية والإجماع والاعتبار؛ وإمّا أن لا ينجع، فيجوز حينئذٍ الهجر، وهو عين الترتيب المتقدّم.

۲.۵ - اشتراط تحقق النشوز في الضرب

وفي عدم الضرب إلاّ مع تحقّق النشوز الإجماع المحكيّ عن المبسوط والخلاف؛ وعُلِّل أيضاً بعدم جواز العقوبة إلاّ على فعل محرّم، وليس بدون تحقّق النشوز. وبهما ولا سيّما الأول يصرف الآية الظاهرة في ترتّب الضرب على ظهور أمارة النشوز عن ظاهرها.
ولا دليل يعتدّ به على شي‌ء ممّا تقدّم من الأقوال، والأصحّ ما قلناه، وفاقاً لمن ذكرنا.
لكن المحكيّ عنهم جواز الضرب ابتداءً بتحقّق النشوز من دون سبق الوعظ والهجر؛ ووُجِّه بدلالة ظاهر الآية على التخيير بينه وبينهما، أو الجمع من غير تقييد. وفيه نظر، والأحوط مراعاة الترتيب هنا أيضاً.
وهنا قول آخر اختاره بعض الأفاضل تبعاً للتحرير، وهو ما قاله‌ بعض العلماء في تفسير الآية «وَاللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ»، فإن نشزن فاهجروهنّ في المضاجع، فإن أصررن فاضربوهن. وهو أحوط وأولى، وإن كان ما قدّمناه أقوى.


ولو كان النشوز منه أي الزوج بأن يتعدّى عليها بمنع بعض حقوقها الواجبة عليه، من نفقة وقسمة، أو إساءة خلق معها، أو أذيّة وضرب لها بغير سبب فلها المطالبة بحقوقها التي أخلّ بها. ولها وعظه، لا هجره وضربه، فإن أصرّ على الامتناع رفعت أمرها إلى الحاكم.
ولو امتنع من الإنفاق، جاز للحاكم الإنفاق عليها من ماله ولو ببيع شي‌ء من عقاره إذا توقّف الأمر عليه.
ولو لم يمنعها شيئاً من حقوقها الواجبة، ولا يؤذيها بضرب ولا بسبّ، ولكنّه يكره صحبتها لمرض أو كبر، فلا يدعوها إلى فراشه، أو يهمّ بطلاقها، فلا شي‌ء عليه.

۳.۱ - جواز ترك بعض الواجب لها عليه

ولو تركت حينئذٍ بعض ما يجب لها عليه أو كلّه استمالةً له، جاز لها، و له القبول للأصل، والكتاب، والسنّة، والإجماع.
قال الله تعالى «وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً» .
وفي الحسن في تفسيرها: «هي المرأة التي تكون عند الرجل فيكرهها فيقول لها: إنّي أُريد أن أُطلّقك، فتقول له: لا تفعل، إنّي أكره أن يشمت بي، ولكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت، وما كان سوى ذلك من شي‌ء فهو لك، فدعني على حالي، فهو قوله «فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ ‌يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً» وهو هذا الصلح» ونحوه أخبار مستفيضة.
وليس فيها كالآية المفسَّرة بها دلالة على عموم الحكم من جواز الصلح ببذل حقّها لما لو أخلّ الزوج ببعض حقوقها الواجبة أو كلّها؛ لظهور سياقها فيما قدّمناه.
نعم، جاز له القبول هنا لو بذلته بطيب نفسها لا مطلقاً؛ للأصل، وفقد الصارف عنه، وهذا هو ظاهر العبارة والأكثر.
وربما مُنِع من جوازه هنا؛ لما قدّمناه من اختصاص الآية والنصّ بالأول، ولقبح تركها الحقّ من دون عوض، بناءً على لزومه عليه من دونه.
وفيهما نظر؛ إذ اختصاص الكتاب والسنّة بما ذُكِر لا يوجب المنع عن جريان الحكم الذي فيه في غيره بعد قضاء الأصل به. والقبح ممنوع حيث يرجى حصول الحقوق الواجبة التي أخلّ بها بالبذل، فتكون هي العوض الحاصل بالبذل، ولزومه عليه غير ملازم للزوم صدورها عنه حتى ينتفي العوض حين البذل. ثم على تقديره، يصحّ منع القبح أيضاً، كيف لا؟! ويجوز لها إبراء ذمّة زوجها عن حقوقها بعضاً أو كلاًّ ابتداءً مطلقاً جدّاً.
وبالجملة: لا وجه لتعليل المنع من الجواز بنحو هذا بعد طيبة نفسها في بذلها. ومنه يظهر الجواز فيما لو بذلته بطيبة نفسها بعد إكراهها عليه، وإن أطلق الأصحاب المنع حينئذ، ويمكن حمل إطلاقهم على ما لو لم تطب نفسها بالبذل كما هو الغالب؛ مع أنّ فرض طيبة النفس حينئذٍ لا يجامع الإكراه، فتأمّل جدّاً.


۱. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، قواعد الأحكام، ج۳، ص۹۶.    
۲. الشيخ الصدوق، محمّد بن علي، المقنع، ص۳۵۰.    
۳. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، مختلف الشيعة في أحكام الشريعة‌، ج۷، ص۴۰۴.    
۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، ج۴، ص۳۳۸.    
۵. الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج۳، ص۸۰.    
۶. ابن بابويه، علي، فقه الرضا (عليه‌السلام)، ص۲۴۵.    
۷. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، ج۴، ص۳۳۸.    
۸. ابن ادريس الحلي، محمد بن منصور، السرائر، ج۲، ص۷۲۹.    
۹. المفيد، محمد بن محمد، المقنعة، ص۵۱۸.    
۱۰. الحلي، يحيى بن سعيد، الجامع‌ للشرائع، ص۴۷۸.    
۱۱. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، ج۳، ص۵۹۶.    
۱۲. الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع، ج۲، ص۳۰۱.    
۱۳. القمي، علي بن ابراهيم، تفسير القمي، ج۱، ص۱۳۷.    
۱۴. الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج۳، ص۶۹.    
۱۵. ابن بابويه، علي، فقه الرضا (عليه‌السلام)، ص۲۴۵.    
۱۶. النساء/السورة۴، الآية۳۴.    
۱۷. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، ج۴، ص۳۳۷.    
۱۸. المحقق الحلي، جعفر بن الحسن، شرائع الإسلام، ج۲، ص۵۶۰.    
۱۹. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، قواعد الأحكام، ج۳، ص۹۶.    
۲۰. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۱، ص۹۷، ح۲۵۲.    
۲۱. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ج۱، ص۷۳، ح۲۲۴.    
۲۲. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۱، ص۴۵۰، أبواب الوضوء ب۳۵، ح۱.    
۲۳. الفاضل الإصفهاني، محمد بن الحسن، كشف اللثام، ج۲، ص۱۰۰.    
۲۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، المبسوط في فقه الإمامية، ج۴، ص۳۳۷.    
۲۵. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، الخلاف، ج۴، ص۴۱۶.    
۲۶. الفاضل الإصفهاني، محمد بن الحسن، كشف اللثام، ج۲، ص۱۰۰.    
۲۷. الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، مسالك الأفهام، ج۸، ص۳۵۷.    
۲۸. العلامة الحلي، الحسن بن يوسف، تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، ج۳، ص۵۹۷.    
۲۹. الموسوي العاملي، محمد بن علي، نهاية المرام في تتميم مجمع الفائدة والبرهان، ج۱، ص۴۲۶-۴۲۷.    
۳۰. الفيض الكاشاني، محمد محسن، مفاتيح الشرائع، ج۲، ص۳۰۱.    
۳۱. الرازي، ابوالفتوح، روض الجنان و روح الجنان في تفسير القرآن، ج۵، ص۳۵۰.    
۳۲. النساء/السورة۴، الآية۱۲۸.    
۳۳. الشيخ الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج۶، ص۱۴۵، ح۲.    
۳۴. الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، ج۸، ص۱۰۳، ح۳۴۸.    
۳۵. العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي، ج۱، ص۲۷۹، ح۲۸۴.    
۳۶. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۱، ص۳۴۹، أبواب القسم والنشوز والشقاق ب۱۱، ح۱.    
۳۷. الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، ج۲۱، ص۳۴۹، أبواب القسم والنشوز والشقاق ب۱۱.    
۳۸. الموسوي العاملي، محمد بن علي، نهاية المرام في تتميم مجمع الفائدة والبرهان، ج۱، ص۴۲۹.    



رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱۲، ص۹۱-۹۷.    


الفئات في هذه الصفحة : النكاح




جعبه ابزار