الوطء في الدبر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
المسألة ( الثانية ) من المسائل السبعة في باب النكاح: ( الوطء في الدُّبُر ) مطلقاً لزوجة كان أو أمة خلافٌ بين الأصحاب. و قال الأكثر يكره
إتيان النساء في الدبر وليس ذلك بمحظور.
و ( فيه روايتان : أشهرهما ) بل المجمع عليه كما في التذكرة وعن
الانتصار والخلاف والغنية والسرائر
(الجواز على كراهية) وهي مستفيضة من الطرفين، وفيها من طرقنا : الصحيح وكالصحيح والموثّقان، وغيرها من الروايات.
ففي الأول : الرجل يأتي امرأته في دبرها، قال : «ذلك له» قال : قلت : فأنت تفعل ذلك؟ قال : «أنا لا أفعل».
وفي الثاني : عن رجل يأتي أهله من خلفها، قال : «هو أحد المأتيّين، فيه الغسل».
وفي الثالث، في أحدهما : عن الرجل يأتي
المرأة في دبرها، قال : «لا بأس به».
وهي مع ذلك معتضدة بالأصل، والإجماعات المنقولة، والمخالفة لما عليه جميع العامّة إلاّ مالكاً،
والعمومات، منها (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ)
بناءً على كون الظرف بمعنى : من أين كما قيل ـ
فيعمّ المقام. ولا ينافيه الصحيح الدالّ على وروده ردّاً على اليهود القائلين : إنّ الرجل إذا أتى أهله من خلفها خرج ولده أحول؛
لعدم المنافاة بينه وبين ثبوت الحكم على العموم، مع
إشعار سياقه بكون المنع للتقيّة، فتأمّل. مضافاً إلى أنّه استدلّ به للجواز في المضمار في بعض الأخبار المنجبر ضعفه بالشهرة بين الأخبار، وفيه : عن الرجل يأتي المرأة في دبرها، قال : «لا بأس إذا رضيت» قلت : فأين قول الله تعالى (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ)
؟ فقال : «هذا في طلب الولد، فاطلبوا الولد من حيث أمركم، إنّ الله تعالى يقول (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ)».
ومنه يظهر فساد الاستدلال للمنع بالآيتين، مع ضعفه من وجوه أُخر، فتأمّل. وربّما أُيّد الجواز بقوله سبحانه (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)
فإنّهم كانوا يشتهون الأدبار. وهو حسن؛ لأصالة البقاء، وإشعار بعض المعتبرة المنجبرة بالشهرة : عن إتيان الرجل - المرأة - من خلفها، فقال : «أحلّتها آية من كتاب الله تعالى، قول لوط على نبيّنا وآله وعليه السلام (هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) وقد علم أنّهم لا يريدون الفرج».
فالقول بالجواز قويّ مع الكراهة الشديدة؛ لإشعار الصحيح المتقدّم،
مع التصريح بها في المرفوع : عن إتيان النساء في أعجازهنّ، فقال : «ليس به بأس، وما أحبّ أن تفعله».
وعليها يحمل ما في الخبر : «محاشّ النساء على أُمّتي حرام» - المحاشّ : جمع محشّة، وهي الدبر، فكني بها عن الأدبار كما يكنى بالحَشُوش عن مواضع الغائط -
وكذا الآخر الناهي عنه؛
لضعفهما، وموافقتهما التقيّة لما عرفت.
وبه يشعر بعض المعتبرة، كالموثّق : أخبرني من سأله عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع وفي البيت جماعة فقال لي ورفع صوته : «قال
رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم : من كلّف مملوكه ما لا يطيق فليبعه» ثم نظر في وجوه
أهل البيت ، ثم أصغى إليّ وقال : «لا بأس به».
فالقول بالتحريم كما عن القميين وابن حمزة
وجماعة
ضعيف جدّاً.
رياض المسائل، ج۱۱، ص۵۸- ۶۱.