تلقين المحتضر
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
لتصفح عناوين مشابهة، انظر
الاحتضار (توضيح) .
وهو تعليم المحتضر الشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم السلام وكلمات الفرج وغيرها.
يستحبّ تلقين المحتضر الشهادتين
والإقرار بالأئمة عليهم السلام وكلمات الفرج وغيرها ممّا يأتي بلا خلاف في أصل الاستحباب كما ادّعاه في
الجواهر ، بل في
كشف اللثام دعوى الاتفاق فيه.
وحكمة التلقين- على ما في بعض الروايات وكلمات الفقهاء
- دفع الشيطان ووساوسه ممّا قد يوجب إضلاله عن الدّين وصعوبة أمر النزع، ففي رواية
أبي خديجة عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «ما من أحد يحضره
الموت إلّا وكّل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشكّكه في دينه حتى تخرج نفسه، فمن كان مؤمناً لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوهم شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمداً رسول اللَّه حتى يموتوا».
وفي رواية
أبي بكر الحضرمي عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: «واللَّه لو أنّ عابد وثن وصف ما يصفون عند خروج نفسه ما طعمت النار من جسده شيئاً أبداً».
وعلى كلّ حال فقد صرّح الفقهاء باستحباب ذلك:
قال
الشيخ الطوسي : «وينبغي أن يلقّن الشهادتين
والإقرار بالأئمة واحداً واحداً، ويلقّن كلمات الفرج وهي...».
وقال
المحقّق : «يستحبّ تلقينه الشهادتين والإقرار
بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم
والأئمة عليهم السلام وكلمات الفرج».
وقال
الشهيد الأوّل في عداد المستحبّات: «وتلقينه الشهادتين والإقرار بالاثني عشر عليهم السلام وكلمات الفرج».
وقال في
كشف الغطاء : «وتلقينه...
الشهادتين وجميع الاعتقادات الإسلامية والإيمانية والإقرار بالأئمة واحداً واحداً... وكذا يستحب تلقينه لفظ لا إله إلّا اللَّه... وكلمات الفرج».
وقال
الإمام الخميني قدس سره: «يستحبّ تلقينه الشهادتين والاقرار بالأئمة الاثني عشر عليهم السلام وكلمات الفرج...».
برواية
الحلبي عن
الصادق عليه السلام قال: «إذا حضرت
الميّت قبل أن يموت فلقّنه شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وحده لا شريك له وأنّ محمداً عبده ورسوله».
ورواية
أبي بصير عن
الباقر عليه السلام قال: «... أمّا إنّي لو أدركت عكرمة قبل أن تقع
النفس موقعها لعلّمته كلمات ينتفع بها، ولكنّي أدركته وقد وقعت موقعها»، قلت:
جعلت فداك وما ذاك الكلام؟ قال: «هو واللَّه ما أنتم عليه، فلقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلّا اللَّه والولاية».
ورواية
أبي خديجة عن
الإمام الصادق عليه السلام قال: «... فإذا حضرتم موتاكم فلقّنوهم شهادة أن لا إله إلّا اللَّه وأنّ محمّداً رسول اللَّه حتى يموتوا».
ورواية
القدّاح والحلبي وغيرهما عن
الصادق عليه السلام
التي وردت فيها كلمات الفرج مع ما فيها من اختلاف يسير.
وأمّا ما روي عن
الإمام الباقر والصادق عليهما السلام: «إنّكم تلقّنون موتاكم عند الموت لا اله إلّا اللَّه، ونحن نلقّن موتانا
محمّد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم»،
الذي ينافي بظاهره ما مرّ من استحباب التلقين بالأمرين، فهو محمول على إرادة أنّكم تقتصرون على الاولى كما هو المتعارف في بلادكم، وأمّا نحن
أهل البيت فنلقّن موتانا بهما معاً، مضافاً إلى احتمال إرادة المخالفين.
كما أنّ الاختلاف في كلمات الفرج زيادة ونقصاناً غير قادح إن قلنا بالتخيير في الدّعاء بكلّ منها كما اختاره في
الحدائق .
وإن كان الأولى قراءة ما يجمع الكلّ كما صرّح به
المحقّق النجفي ،
وجعله
كاشف الغطاء أحوط الصور حيث قال: «وأحوط صورها: لا إله إلّا اللَّه الحليم الكريم، لا إله إلّا اللَّه العلي العظيم، سبحان اللَّه ربّ السماوات السبع وربّ الأرضين السبع وما فيهن وما بينهنّ وربّ العرش العظيم، وسلام على المرسلين، والحمد للَّه ربّ العالمين».
وفي المستند: أنّ العمل بالكلّ حسن.
ثمّ إنّ المستفاد من الروايات ورود التلقين بغير الثلاثة المزبورة أيضاً، كما في خبر
سالم بن أبي سلمة عن
الصادق عليه السلام، قال: «حضر رجلًا الموتُ فقيل يا رسول اللَّه:
إنّ فلاناً قد حضره الموت، فنهض رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ومعه ناس... فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
قل: اللهم اغفر لي الكثير من معاصيك، واقبل منّي اليسير من طاعتك» إلى أن قال
رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: «غفر اللَّه لصاحبكم» قال: فقال
أبو عبد اللَّه عليه السلام: «إذا حضرتم ميتاً فقولوا له هذا الكلام ليقوله».
وما في مرسل
الفقيه عن
الصادق عليه السلام قال: «اعتقل لسان رجل من أهل المدينة، فدخل عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم... فقال له:
قل: لا إله إلّا اللَّه فقال: لا إله إلّا اللَّه، فقال له قل: يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير، اقبل مني اليسير واعف عنّي الكثير، إنّك أنت العفوّ الغفور، فقالها، فقال له: ما ذا ترى؟...».
وفي خبر
حريز بن عبد اللَّه عن
أبي جعفر عليه السلام، قال: «إذا دخلت على مريض وهو في النزع الشديد فقل له: ادع بهذا الدّعاء يخفّف اللَّه عنك، أعوذ باللَّه العظيم ربّ العرش الكريم من كلّ عرق نفّار ومن شرّ حرّ النّار، سبع مرّات، ثمّ لقّنه كلمات الفرج، ثمّ حوّل وجهه إلى مصلّاه الذي كان يصلّي فيه فإنّه يخفّف عنه ويسهّل أمره بإذن اللَّه».
وقد أفتى بمضمونها جماعة
كالمحدّث البحراني والنراقي
والمحقّق النجفي ،
بل زاد عليها
النراقي قراءة سورة الحجر، وقول: «اللّهم ارحمني فإنّك كريم، اللّهم ارحمني فإنّك رحيم»؛ لورودهما في دعوات
الراوندي .
ينبغي أن يكون التلقين من الملقّن بلطف ومداراة، بأن لا يكرّر ذلك عليه بما يتأذّى به ويوجب ضجره، كما صرّح به
العلّامة الحلّي والشهيد الثاني،
وأن يكون الملقّن محبوباً عنده وعند أهله، غير كريه الصوت، ولا رافعاً صوته فوق حدّ الوسط، وأن يكون مماثلًا للميّت أو محرماً كما صرّح به
كاشف الغطاء ،
ولعلّ دليله مناسبة المقام أو عمومات الرفق بالميّت بل بجميع العباد، وما ورد في
الوسائل من روايات : منها: ما رواه
الصدوق بسنده عن
علي بن الحسين عليه السلام قال: «. وأن أحب الامور إلى الله ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلّا رفق اللَّه به يوم القيامة».
وإلّا لم ترد بهذا الشأن رواية خاصّة.
كما يستحبّ التلقين للملقّن كذلك يستحبّ للمحتضر متابعته باللسان مع الإمكان وإلّا فبالقلب.
ففي
كشف الغطاء فيما يستحبّ للمحتضر فعله: «محرّكاً للسانه ومشيراً بيديه أو رأسه وعينيه، فإن قصر عن الكلّ اقتصر على التصديق بقلبه».
ويستحبّ له أيضاً تكرارها إلى حين الموت؛
لما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: «من كان آخر كلامه لا إله إلّا اللَّه دخل الجنّة».
الموسوعة الفقهية، ج۶، ص۹۱-۹۵.