تمنّى (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
تمنّى (اِلَّا اِذا تَمَنّی) «تمنّى» «تمنّى» و «أمنية» تعني التلاوة و القراءة، كما جاءت في
أشعار العرب بهذا المعنى. لهذا فإنّ تفسير آية
(وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) كان
الشياطين (خاصّة شياطين الإنس) يلقون بكلمات خلال قراءة كلام
اللّه على
الناس لتشويش الأفكار، و لإبطال أثر
القرآن في الهداية و النجاة. إلّا أنّ اللّه عزّ و جلّ كان يمحو أثر هذه الإلقاءات و يثبت آياته و ينسجم هذا التّفسير مع عبارة
(ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ) و كذلك يساير (وفقا لبعض التبريرات) أسطورة
الغرانيق التي سيرد ذكرها. و لم تستعمل «
تمنّى و
أمنية» بمعنى التلاوة إلّا نادرا، و لم ترد في القرآن بهذا المعنى قطّ.
«تمنّى» مشتقة من
(منى) على وزن «مشى» و أصلها تعني التقدير و الفرض. و سمّيت نطفة الرجل ب «المني» لأنّ تقدير كيان الفرد يفرض فيها. و يقال للموت
(منى) لأنّه يحلّ فيه الأجل المقدّر للإنسان، و لهذا تستعمل كلمة
«تمنّى» لما يصوّره
الإنسان في مخيّلته و التي يطمح إلى تحقّقها. و خلاصة القول: إنّ أصل هذه الكلمة هي التقدير و الفرض و التصوّر، أينما استخدمت. و يمكن ربط معنى التلاوة بهذه الكلمة، فيقال: التلاوة تشمل التقدير و التصوّر للكلمات، إلّا أنّها رابطة بعيدة لا أثر لها في كلمات العرب. أمّا المعنى الذي ذكرناه لتفسير الآية (برامج الأنبياء و مخطّطاتهم للوصول إلى الأهداف الإلهيّة) فإنّه يناسب المعنى الأصلي للكلمة
«تمنّى». و ثالث احتمال في تفسير الآية أعلاه هو ما ذكره بعض
المفسّرين و رأى فيه أنّه إشارة إلى بعض الأخطار و الوساوس الشيطانية التي تلقى في لحظة عبارة في أذهان
الأنبياء الطاهرة النيّرة. و بما أنّهم معصومون و منصورون بقوّة غيبيّة و إمدادات إلهيّة، فإنّ اللّه يمحو أثر هذه الإلقاءات من أفكارهم و يهديهم إلى الصراط المستقيم. إلّا أنّ هذا التّفسير لا ينسجم مع الآيتين الثّانية و الثّالثة ممّا نحن بصدده، و القرآن اعتبر هذه الإلقاءات الشيطانية وسيلة إمتحان للكفرة و
المؤمنين الواعين على السواء، و لا أثر لها في قلوب الأنبياء لما يمحو اللّه عنها من إلقاءات الشياطين.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«تمنّى» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَ لَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: التمني تقدير الإنسان وجود ما يحبه سواء كان ممكنا أو ممتنعا كتمني الفقير أن يكون غنيا و من لا ولد له أن يكون ذا ولد، و تمني الإنسان أن يكون له بقاء لا فناء معه و أن يكون له جناحان يطير بهما، و يسمى صورته الخيالية التي يلتذ بها أمنية، و الأصل في معناه المني بالفتح فالسكون بمعنى التقدير، و قيل: ربما جاء بمعنى القراءة و التلاوة يقال: تمنيت الكتاب أي قرأته. و الإلقاء في الأمنية المداخلة فيها بما يخرجها عن صرافتها و يفسد أمرها. و معنى الآية على أول المعنيين و هو كون التمني هو تمني القلب: و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى و قدر بعض ما يتمناه من توافق الأسباب على تقدم دينه و إقبال الناس عليه و إيمانهم به ألقى الشيطان في أمنيته و داخل فيها بوسوسة الناس و تهييج
الظالمين و إغراء
المفسدين فأفسد الأمر على ذلك
الرسول أو
النبي و أبطل سعيه فينسخ الله و يزيل ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته بإنجاح سعي الرسول أو النبي و إظهار الحق و الله عليم حكيم. و المعنى: على ثاني المعنيين و هو كون التمني بمعنى القراءة و التلاوة: و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تلا و قرأ آيات الله ألقى الشيطان شبها مضلة على الناس بالوسوسة ليجادلوه بها و يفسدوا على المؤمنين إيمانهم فيبطل الله ما يلقيه الشيطان من الشبه و يذهب به بتوفيق النبي لرده أو بإنزال ما يرده.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان:
(وَ كََانَ رَسُولاً نَبِيًّا إِلاََّ إِذََا تَمَنََّى أَلْقَى اَلشَّيْطََانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) قال
المرتضى لا يخلو التمني في الآية من أن يكون معناه التلاوة كما قال
حسان بن ثابت:
تمنى كتاب الله أول ليلة و آخره لاقى حمام المقادر | | |
| | |
أو يكون تمني القلب فإن كان المراد التلاوة فالمعنى أن من أرسل قبلك من الرسل كان إذا تلا ما يؤديه إلى قومه حرفوا عليه و زادوا فيما يقوله و نقصوا كما فعلت
اليهود و أضاف ذلك إلى الشيطان لأنه يقع بغروره.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.