توريه (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
توريه (قالَ فَعَلْتُها إِذًا وَ أَنا مِنَ الضّالّينَ) «التورية» و يعبّر عنها أحيانا بلفظة (معاريض)- تعني أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره و يفهم منه غير ما يقصده.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«توريه» نذكر أهمها في ما يلي:
(قالَ فَعَلْتُها إِذًا وَ أَنا مِنَ الضّالّينَ) قال مکارم الشیرازي فی
تفسیر الأمثل:، أن موسى عليه السّلام استخدم التورية في تعبيره جوابا على كلام فرعون، فقال كلاما ظاهره أنّه لم يعرف طريق
الحق في ذلك الزمان ... لكنّ
اللّه عرّفه إياه بعدئذ، و وهب له حكما- فجعله من
المرسلين، إلّا أنه كان يقصد في الباطن أنه لم يدر أن عمله حينئذ سيؤدي إلى هذه النتيجة! من الجهد و العناء و اضطراب البال- مع أنّ أصل عمله كان حقا و مطابقا لقانون العدالة «أو أنه يوم كانت هذه الحادثة قد وقعت
كان موسى (عليهالسّلام) قد ضلّ طريقه فصادف أمامه هذه القضيّة». و نحن نعرف أن «التورية» هي أن يقول
الإنسان كلاما باطنه حق، إلّا أن الطرف الآخر يفهم من ظاهره شيئا آخر، و هذا الأمر يقع في موارد خاصّة يبتلى الإنسان فيها بالحرج أو الضيق، و لا يريد أن يكذب، و هو في الوقت ذاته على ظاهر كلامه.
(فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: و لهم في الآيتين وجوه أخر أوجهها أن نظرته في النجوم و إخباره بالسقم من المعاريض في الكلام و المعاريض أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره و يفهم منه غير ما يقصده فلعله نظر (عليهالسلام) في النجوم نظر الموحد في صنعه تعالى يستدل به عليه تعالى و على وحدانيته وهم يحسبون أنه ينظر إليها نظر المنجم فيها ليستدل بها على الحوادث ثم قال: إني سقيم يريد أنه سيعتريه سقم فإن الإنسان لا يخلو في حياته من سقم ما و مرض ما كما قال:
(وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) و هم يحسبون أنه يخبر عن سقمه يوم يخرجون فيه لعيد لهم، و المرجح عنده لجميع ذلك ما كان يهتم به من الرواغ إلى أصنامهم وكسرها. لكن هذا الوجه مبني على أنه كان صحيحا غير سقيم يومئذ، و قد سمعت أن لا دليل يدل عليه. على أن المعاريض غير جائزة على الأنبياء لارتفاع الوثوق بذلك عن قولهم.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان: ما رواه
العياشي بإسناده عن
أبيجعفر و
أبيعبد الله (علیهالسلام) أنهما قالا و الله ما كان سقيما و ما كذب فيمكن أن يحمل على أحد الوجوه التي ذكرناها و يمكن أن يكون على وجه التعريض بمعنى أن كل من كتب عليه
الموت فهو سقيم و إن لم يكن به سقم في الحال و ما روي أن إبراهيم (ع) كذب ثلاث كذبات قوله إِ
(نِّي سَقِيمٌ) و قوله
(بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هََذََا) و قوله في
سارة أنها أختي فيمكن أن يحمل أيضا على المعاريض أي سأسقم و فعله كبيرهم على ما ذكرناه في موضعه و سارة أخته في الدين و قد ورد في الخبر إن في المعاريض لمندوحة عن
الكذب و المعاريض أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره و يفهم عنه غير ما يقصده و لا يكون ذلك كذبا فإن الكذب قبيح بعينه و لا يجوز ذلك على الأنبياء لأنه يرفع الثقة بقولهم جل أمناء الله تعالى و أصفياؤه عن ذلك.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.