توفِّى (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
توفِّى (وَ هُوَ الَّذی یَتَوَفَّاکُمْ) «توفّى» قد تأتي أحيانا بمعنى
الموت، و لكنّها حتّى في تلك المواضع لا تعني الموت حقّا، بل بمعنى قبض الروح. و الواقع أنّ مادّة
«فوت» و مادّة
(وفي) منفصلتان تماما.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«توفِّى» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَ هُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَ يَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: التوفي أخذ الشيء بتمامه، ويستعمله
الله سبحانه في كلامه بمعنى أخذ
الروح الحية كما في حال
الموت كما في قوله في الآية التالية: «
(حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) قد عد الإنامة توفيا كما عد الإماتة توفيا على حد قوله:
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) لاشتراكهما في انقطاع تصرف النفس في البدن كما أن البعث بمعنى الإيقاظ بعد النوم يشارك البعث بمعنى الإحياء بعد الموت في عود
النفس إلى تصرفها في البدن بعد الانقطاع، وفي تقييد التوفي بالليل كالبعث بالنهار جري على الغالب من أن
الناس ينامون بالليل و يستيقظون بالنهار. و في قوله تعالى
(يَتَوَفَّاكُمْ) دلالة على أن الروح تمام حقيقة
الإنسان الذي يعبر عنه بأنا لا كما ربما يتخيل لنا أن الروح أحد جزئي الإنسان لا تمامه أو أنها هيئة أو صفة عارضة له، و أوضح منه دلالة قوله تعالى:
(وَ قالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) فإن استبعاد
الكفار مبني على أن حقيقة الإنسان هو البدن الذي يتلاشى و يفسد بانحلال التركيب بالموت فيضل في الأرض، و الجواب مبني على كون حقيقته هو الروح (النفس) وإذ كان
ملك الموت يتوفاه و يقبضه فلا يفوت منه شيء.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان:
(وَ هُوَ اَلَّذِي يَتَوَفََّاكُمْ بِاللَّيْلِ) أي يقبض أرواحكم عن التصرف عن
ابن عباس و غيره و اختاره
علي بن عيسى و قيل معناه يقبضكم بالنوم كما يقبضكم بالموت فيكون كقوله
(اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها) الآية عن
الزجاج و
الجبائي.
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) المراد بالأنفس الأرواح المتعلقة بالأبدان لا مجموع الأرواح والأبدان لأن المجموع غير مقبوض عند الموت و إنما المقبوض هو الروح يقبض من البدن بمعنى قطع تعلقه بالبدن تعلق التصرف و التدبير و المراد بموتها موت أبدانها إما بتقدير المضاف أو بنحو المجاز العقلي، وكذا المراد بمنامها.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(اَللََّهُ يَتَوَفَّى اَلْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهََا) أي يقبضها إليه وقت موتها و انقضاء آجالها و المعنى حين مرت أبدانها و أجسادها على حذف المضاف.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.