توكّل (لغاتالقرآن)
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
توكّل ((تَوَکَّلُوا اِنْ کُنْتُمْ مُّسْلِمِینَ)) إنّ حقيقة
التوكل هي إلقاء العمل و التصرف في الأمور على كاهل
الوكيل و ليس معنى
التوكل أن يترك
الإنسان الجد و السعي و ينزوي في زاوية و يقول: إنّ اللّه معتمدي و كفى، بل معناه أن يبذل قصارى جهده، فإذا لم يستطع أن يحل المشكلة و يرفع الموانع من طريقه، فلا يدع للخوف طريقا إلى نفسه، بل يصمد أمامها
بالتوكل و الاعتماد على لطف
اللّه و الاستعانة بذاته المقدسة و قدرته اللامتناهية، و يستمر في جهاده المتواصل، و حتى في حالات القدرة و الاستطاعة فإنّه لا يرى نفسه مستغنيا عن اللّه، لأنّ كل قدرة يتمتع بها هي من اللّه في النهاية.هذا هو مفهوم
التوكل الذي لا ينفك عن
الإيمان و
الإسلام، لأنّ الفرد
المؤمن و المذعن لأوامر اللّه يعتقد أنّه قادر على كل شيء، و كل عسير مقابل إرادته سهل يسير. و يعتقد بوعد اللّه تعالى للمؤمنين بالنصر.
و قد قدم المفسرون للقرآن الكريم تفاسير مختلفة لأيضاح معني
«توكّل» نذكر أهمها في ما يلي:
(وَ قَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ) قال
العلامة الطباطبائي في
تفسير الميزان: لما كان الإيمان بالله بما يفيده للمؤمن من العلم بمقام ربه ولو إجمالا وأنه سبب فوق الأسباب إليه ينتهي كل سبب، و هو المدبر لكل أمر، يدعوه إلى تسليم الأمر إليه والتجنب عن الاعتماد بظاهر ما يمكنه التسبب به من الأسباب فإنه من الجهل، ولازم ذلك إرجاع الأمر إليه والتوكل عليه، وقد أمرهم في الآية بالتوكل على الله ، علقه أولا على الشرط الذي هو الإيمان ثم تمم الكلام بالشرط الذي هو الإسلام. فالكلام في تقدير : إن كنتم آمنتم بالله و
مسلمين له فتوكلوا عليه. و قد فرق بين الشرطين و لعله لم يجمع بينهما فيقول: «إن كنتم آمنتم و أسلمتم فتوكلوا» لاختلاف الشرطين بحسب الحال فقد كان الإيمان واقعا محرزا منهم، وأما الإسلام فهو من كمال الإيمان، وليس من الواجب الضروري أن يكون كل مؤمن مسلما بل من الأولى الأحرى أن يكمل إيمانه بالإسلام.فالتفريق بين الشرطين للإشعار بكون أحدهما واجبا واقعا منهم ، والآخر مما ينبغي لهم أن يتحققوا به فالمعنى: يا قوم إن كنتم آمنتم بالله ـ و قد آمنتم ـ و كنتم مسلمين له ـ و ينبغي أن تكونوا كذلك ـ فتوكلوا على الله ففي الكلام من لطيف الصنعة ما لا يخفى.
قال
الطبرسي في
تفسير مجمع البيان:
(فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) أي فأسندوا أموركم إليه إن كنتم مسلمين على الحقيقة و إنما أعاد قوله
(إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) بعد قوله
(إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللََّهِ) ليتبين المعنى باجتماع الصفتين التصديق و الانقياد أي إن كنتم آمنتم بالله فاستسلموا لأمره و فائدة الآية بيان وجوب التوكل على الله عند نزول الشدة و التسليم لأمره ثقة بحسن تدبيره و انقطاعا إليه.
(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَ لَكِنَّ اللّهَ يَمُنُّ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ مَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَ علَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: للإشارة إلى ما يجري مجرى حجة ثانية على إرجاع الأمر كله ـ ومنه أمر الآية
المعجزة ـ إلى الله وهي حجة خاصة بالمؤمنين، وملخصها أن الإيمان بالله سبحانه يقتضي منهم أن يذعنوا بأن الإتيان بالآية إنما هو إلى الله لأن الحول و القوة له خاصة لا يملك غيره من ذلك شيئا إلا بإذنه.و ذلك لأنه هو الله عز شأنه، فهو الذي يبدأ منه و ينتهي إليه و يقوم به كل شيء فهو رب كل شيء المالك لتدبير أمره لا يملك شيء أمرا إلا بإذنه فهو وكيل كل شيء القائم بما يرجع إليه من الأمر، فعلى المؤمن أن يتخذ ربه وكيلا في جميع ما يرجع إليه حتى في أعماله التي تنسب إليه لما أن القوة كلها له سبحانه و على
الرسول أن يذعن بأن ليس له الإتيان بآية معجزة إلا بإذن الله. و الآية ظاهرة في أن الرسل (عليهالسلام) لم يدعوا امتناع إتيانهم بالآية المعجزة المسماة سلطانا مبينا، و إنما ادعوا امتناع أن يستقلوا بذلك من غير حاجة فيه إلى إذن الله سبحانه واحتجوا على ذلك أولا، و ثانيا.
قال الطبرسي في تفسير مجمع البيان:
(وَ عَلَى اَللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ) المصدقون به و بأنبيائه.
• فريق البحث ويكي الفقه القسم العربي.