حد النفاس
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
ولا حدّ لأقلّه
بالنص والإجماع، مضافاً إلى
الأصل، فيجوز أن يكون لحظة. وفي تحديد أكثره
روايات مختلفة لأجلها اختلفت
الفتاوى في المسألة أشهرها وأظهرها أنه لا يزيد عن
أكثر الحيض مطلقاً وهو العشرة.
ولا حدّ لأقلّه
بالنص والإجماع، مضافاً إلى
الأصل، فيجوز أن يكون لحظة. ففي الخبر: عن
النفساء كم حدّ نفاسها حتى تجب عليها
الصلاة وكيف تصنع؟ قال: «ليس لها حدّ»
والمراد في جانب القلّة؛ للإجماع والنصوص في ثبوت التحديد في طرف الكثرة. وقريب منه الصحيح: «تدع الصلاة ما دامت ترى الدم
العبيط»
.
وفي تحديد أكثره روايات مختلفة لأجلها اختلفت
الفتاوى في المسألة أشهرها وأظهرها أنه لا يزيد عن
أكثر الحيض مطلقاً وهو العشرة، والصحاح منه بذلك مستفيضة كالموثقات. ففي الصحيحين: «النفساء تكفّ عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها، ثمَّ تغتسل وتعمل كما تعمل المستحاضة»
. وفي
الصحيح: «تقعد بقدر حيضها، وتستظهر بيومين، فإن انقطع الدم وإلّا اغتسلت واحتشت واستثفرت»
الحديث. ونحوه
الموثّق. وفي آخر: «تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في
الحيض، وتستظهر بيومين»
. وهي كغيرها مختصة
بذات العادة وأنها ترجع إليها ولو قصرت عن العشرة.
وليس في عبارة
المصنف بمجردها ـ كالأكثر ـ منافاة لذلك كما توهّم
؛ إذ ليس فيها غير أن أكثره ذلك، وذلك لا ينافي وجود الأقل. ويومئ إليه
استدلال من صرّح بها بالأخبار المزبورة التي لا يستفاد منها سوى الرجوع إلى العادة المحتملة لأقلّ من العشرة. ومثله نسبة المصنف مفاد العبارة إلى الأشهر، وليس سوى ما ذكرنا من الأخبار ممّا يومئ إليه عين ولا أثر.
نعم: في الرضوي: «النفساء تدع الصلاة أكثره مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام، وتستظهر بثلاثة أيام ثمَّ تغتسل»
. وإرادة المصنف إياه منه بعيد، مع احتمال جريان الاحتمال المتقدم فيه. ومنه يستفاد الحكم في المبتدأة والمضطربة من رجوعهما إلى العشرة، مضافا إلى
الإجماع المركّب. لعدم إمكان المصير إلى القول بالعشرة مطلقاً ولو وجد القائل به، لعدم الدليل عليه سوى الرضوي المتقدم على تقدير وضوح دلالته عليه، ولا ريب في عدم مقاومته لشيء ممّا تقدم، مع أنه غير مناف لرجوعهما إلى العشرة. ومنافاته لذات العادة مندفعة بالأخبار المتقدمة.
ولا إلى القول بالثمانية عشر كذلك، كما عن
المفيد والمرتضى وابن بابويه والإسكافي وسلّار
؛ لقصور أدلته إمّا بحسب
السند، كالمرويين في
العلل والعيون. أو الدلالة، كالمروي في الأخير والصحاح الدالة على تنفس أسماء بثمانية عشر
، إذ ليس فعلها حجة، إلّا مع ثبوت تقرير
النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) لها عليه ولم يثبت.
بل المستفاد من بعض الأخبار خلافه، وأنّ قعودها للجهل، وأنها لو سألته النبي (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) لأمرها
بالاغتسال قبل ذلك، ففي
المرفوع: «إنّ
أسماء سألت رسول اللّه (صلیاللهعلیهوآلهوسلّم) وقد أتى لها ثمانية عشر يوماً، ولو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل وتفعل ما تفعل المستحاضة»
.
ونحوه الخبر المروي في
المنتقى مع التصريح في ذيله بما مرّ في الأخبار المتقدمة. أو الشذوذ، كالصحيح الدالّ على الأمر بالقعود ثماني عشرة سبع عشرة
، إذ ظاهره
التخيير ولا قائل به. مع احتماله كمضاهيه الحمل على
التقية، مضافاً إلى عدم مكافاتها لما تقدّم من الأدلة.
ولا إلى القول بالرجوع إلى العادة لمعتادتها وإلى الثمانية عشر لفاقدتها كما في
المختلف لعدم الدليل عليه سوى الجمع بين الأخبار الآمرة بالرجوع إلى العادة والأخبار الآمرة بالرجوع إلى الثمانية عشر، حملاً للأخيرة على فاقدة العادة. وهو مع عدم الشاهد عليه ضعيف؛ لاستلزامه حملها على الفرض النادر. مع بعد جريانه في حكاية أسماء؛ لأنّها تزوجت بأبي بكر بعد موت
جعفر بن أبي طالب (علیهالسّلام)، وكانت قد ولدت منه عدّة أولاد، ويبعد كلّ البعد عدم استقرار عادة لها في تلك المدّة. هذا مضافاً إلى ما عرفت ممّا فيها من الأجوبة.
فإذا لم يمكن المصير إلى شيء من الأقوال المزبورة تعيّن ما قلناه، لعدم إمكان غيرهما؛ للإجماع منّا قطعاً على عدم الصبر إلى الثلاثين فما زاد كالأربعين والخمسين وإن دلّ على جوازه بعض الصحاح
لشذوذه، وموافقته
العامة؛ وصرّح بها في
الفقيه؛ ومحكيّاً عن
الانتصار والمبسوط فيما زاد على الثمانية عشر ولو يوماً.
رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل، الطباطبائي، السيد علي، ج۱، ص۳۳۷-۳۴۱.