حكم تلقي الركبان
احفظ هذه المقالة بتنسيق PDF
(وتلّقي الركبان) القاصدين إلى بلد
البيع والخروج إليهم للبيع عليهم والشراء منهم؛ للمعتبرة، ففي الخبر : «لا تلقّ ولا تشتر ما تلقّى ولا تأكل منه».
>وفي آخر : «لا تلقّ، فإنّ
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن التلقّي» قلت وما حدّ التلقّي؟ قال : «ما دون غدوة أو روحة» قلت : وكم الغدوة والروحة؟ قال : «أربعة فراسخ».
>وظاهر النهي التحريم، وبه قال
الطوسي في
المبسوط والخلاف، والقاضي، والحلّي في السرائر والعلاّمة في المنتهى، والمحقق الشيخ علي
وهو ظاهر
الدروس وغيره؛
لاعتبار سند الخبرين بوجود ابن محبوب في الأوّل وابن أبي عمير في الثاني، مع صحة السند إليهما، وهما ممّن أجمعت
العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم.خلافاً لأكثر من تأخّر، فالكراهة؛
للأصل وضعف السند. ويضعّفان بما مرّ.
فإذاً القول بالتحريم أظهر، سيّما مع
اعتضاد الخبرين بوجه آخر، وهو عمل الحلّي بهما مع اقتصاره في العمل بأخبار الآحاد على ما احتفّ منها بالقرائن القطعية جدّاً، مع دعوى الشيخ عليه
الإجماع في الخلاف.
(وحدّه) عند الأصحاب بلا خلاف كما عن الخلاف والمنتهى
(أربعة فراسخ فما دون).ولكن النص المتقدّم لا يساعده؛ لظهوره في التحديد بما دونها، كما عن ابن حمزة.
ولعلّ التحديد إليها في كلامهم بناءً على عدم
انضباط الدون مع معارضة هذا النصّ بنصّ آخر مصرّح بالتحديد بالروحة
المفسّرة في النص المتقدّم بالأربعة فراسخ. وليس في سنده سوى منهال القصّاب المنجبر جهالته بوجود
ابن محبوب المتقدّم في سنده. وهذا أرحج وإن ماثله الأوّل في السند؛ لفتوى الأصحاب به دونه.
وكيف كان، فلا يكره ما زاد؛ لأنّه سفر
للتجارة .ثم إنّ مقتضى الأصل
واختصاص النص بحكم
التبادر بصورتي القصد إلى الخروج وجهل الركب القادم بسعر المتاع في البلد : تخصيص الحكم تحريماً أو كراهة بهما. فلو اتّفق مصادفته الركب في خروجه لغرض لم يكن به بأس، وكذا لو خرج قاصداً مع
الندامة والرجوع عنه بعد الخروج على احتمال قوي.وكذا لو علم الركب بالسعر لم يكره؛ لما مرّ. مضافاً إلى
إشعار التعليل به في الخبر : «لا يتلقى أحدكم تجارة خارجاً عن المصر، والمسلمون يرزق الله تعالى بعضهم من بعض».
ومنه يستفاد
انتفاء الحكم في الشراء أو البيع منه بعد وصوله إلى حدود البلد؛ لعدم صدق الخروج عن المصر حينئذٍ إلاّ أنّ عموم التعليل فيه ربما يدل على المنع فيه أيضاً.وعلى القولين يصحّ البيع؛ لتعلّق النهي بالخارج، إلاّ أنّ النهي عن أكل ما تلقّى وشرائه في الخبر الأوّل ربّما أشعر بالفساد، كما عن
الإسكافي .
(و) على الصحة (يثبت الخيار) للركب (إن ثبت الغبن) الفاحش على الأشهر الأظهر؛ إذا لا ضرر ولا ضرار في الشرع. وهل هو على التراخي أم الفور؟ قولان،
والاستصحاب يقتضي المصير إلى الأوّل، كما عن التحرير وفاقاً للطوسي،
إلاّ أنّه قيّده بثلاثة أيّام، كما عن التحرير
أيضاً. خلافاً للأكثر فالثاني،
اقتصاراً فيما خالف الأصل الدالّ على لزوم البيع على أقلّ ما يندفع به الضرر الموجب لهذا الخيار من أصله.
(والزيادة في السلعة مواطاةً للبائع) يعني لا يقدم على شيء لا يريده بما فوق ثمنه ترغيباً للمشتري؛ للمروي عن معاني الأخبار : «قال : لا تناجشوا ولا تدابروا» قال : ومعناه أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراء ليسمعه غيره فيزيد بزيادته، والناجش خائن، والتدابر الهجران.
والأصح التحريم وفاقاً للأكثر، كما حكي،
بل نفي عنه في المهذّب الخلاف،
وعن
المنتهى والمحقق الثاني الإجماع عليه
وهو الحجة.
رياض المسائل، ج۸، ص۲۷۹-۲۸۲.